تمكن الباحثون قبل نحو شهر من عزل متحور جديد من فيروس كورونا يُسمى XEC. وتم رصد المتحول الجديد في عدة دول منها الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا تبدو الجهات الصحية حتى الآن قلقة بشأن هذا المتحور؛ مقارنةً ببعض المتحورات السابقة التي حملت طفرات وراثية مثيرة للقلق.
يأتي ظهور المتحور الجديد في وقت تشهد فيه معدلات انتشار فيروس كورونا تباطؤاً بعد موجات العدوى السابقة. ويُتوقع أن ترتفع حالات الإصابة مرة أخرى خلال فصل الشتاء، مع احتمال بلوغ ذروتها في منتصف يناير المقبل، وفقاً لنماذج المركز الأميركي السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC.
وحتى الآن، تم الإبلاغ عن حالات إصابة بالمتحور في 25 ولاية أميركية على الأقل، وفقاً لبيانات أولية تم جمعها من قاعدة بيانات الفيروسات العالمية، وقد تم رصد أكثر من 100 حالة إصابة في الولايات المتحدة، مما يجعل هذا المتحور محل اهتمام.
بداية الاكتشاف
وتم اكتشاف المتحور لأول مرة في ألمانيا في أغسطس الماضي، ويبدو أنه يتمتع بميزة نمو مقارنة بالمتغيرات الأخرى المتداولة، لكنه ليس متحوراً جذرياً مختلفاً عن سابقيه.
أُقترح لأول مرة تسمية المتحور الجديد باسم XEC بعد ظهور حالات إصابة في كل من أوروبا والولايات المتحدة. وعلى الرغم من زيادة انتشار المتحور في ألمانيا مؤخراً، إلا أن العديد من المتتبعين للمتحورات يشككون في أن XEC سيتفوق على المتحورات الأخرى.
وفي الوقت الحالي، يسيطر المتحور KP.3.1.1 على أكثر من نصف الحالات في الولايات المتحدة، بحسب التقديرات الأخيرة للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، والذي تمكن من الهيمنة لعدة أسابيع، ومن غير المتوقع أن يتفوق المتحور الجديد عليه قريباً.
كيف نشأ المتحور الجديد؟
الطفرات تغييرات في التسلسل الجيني للفيروس؛ وتحدث بشكل طبيعي عندما يتكاثر الفيروس. مع كل دورة من التكاثر، قد تحدث أخطاء صغيرة في نسخ المادة الجينية، وهذا يؤدي إلى ظهور متحورات جديدة.
بعض هذه الطفرات قد تكون غير مؤثرة، بينما بعضها الآخر قد يمنح الفيروس ميزات جديدة مثل زيادة قدرته على الانتقال أو الهروب من الاستجابة المناعية.
المتحورات عبارة عن "إعادة تركيب" للفيروسات الموجودة بالفعل، أي أنه نتج عن تبادل قطع من المادة الوراثية بين متغيرين مختلفين أثناء إصابة الشخص بالفيروسين في وقت واحد.
ينحدر XEC من مزيج بين متحورين آخرين هما KS.1.1 وKP.3.3، وكلاهما منحدران من المتحور JN.1، الذي كان سائداً عالمياً في بداية عام 2024.
ومنذ اكتشافه، واصل المتحور الانتشار حول العالم، إذ تم تسجيل أكثر من 600 حالة في 27 دولة عبر أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا.
ومن ضمن الدول التي سجلت أعلى عدد من الإصابات حتى الآن هي الولايات المتحدة (118 حالة)، وألمانيا (92 حالة)، وبريطانيا (82 حالة)، وكندا (77 حالة)، والدنمارك (61 حالة).
تُحدد الحالات الجديدة بناءً على قاعدة البيانات العامة للفيروسات والمعروفة باسم Gisaid، حيث يتم تحميل تسلسلات الفيروسات الجينية من أجل التحليل. ومع ذلك، قد تكون هناك حالات غير مرصودة في الدول التي لا تُجري تحليلاً شاملاً للعينة الفيروسية.
على الرغم من أن المتحور لا يزال يشكل نسبة ضئيلة من الإصابات، إلا أنه يظهر ميزة نمو تفوق المتغيرات الأخرى. في ألمانيا، يمثل حوالي 13% من العينات، بينما في المملكة المتحدة يصل إلى 7%، وفي الولايات المتحدة يقل عن 5%. من المتوقع أن يواصل XEC انتشاره، وقد يصبح المتحور السائد عالمياً في الأشهر القادمة.
الطفرة الجديدة
ويمتلك المتحور الجديد، معلومات وراثية مشابهة بشكل كبير لأصل الفيروس من المتحورات الأخرى، إلا أن هناك طفرتين مهمتين قد تمنحانه ميزة نسبية.
تعرف الطفرة الأولى باسم T22N، أما الطفرة الثانية فتسمى Q493E، وهما موجودتان في بروتين السنبلة، والذي يُعد الجزء الذي يرتبط بالخلايا البشرية، ويسمح للفيروس بالتكاثر والانتشار.
وبروتين السنبلة هو جزء من هيكل فيروس كورونا، ويساهم في تحديد قدرة الفيروس على إصابة الخلايا. ويعمل ذلك البروتين كمفتاح يرتبط بمستقبلات على سطح الخلايا البشرية تسمى ACE2، مما يسمح للفيروس بدخول الخلية وبدء عملية التكاثر.
وبالنظر إلى دوره الحاسم في دورة حياة الفيروس، فإن الطفرات التي تحدث في هذا البروتين يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على طريقة انتقال الفيروس ومقاومته للأجسام المضادة.
لا تزال الآثار الكاملة لهذه الطفرات غير مفهومة، لكن من المتوقع أن تساعد في سرعة الانتشار.
ولم تصدر بيانات من المختبرات أو من المرضى حتى الآن، بشأن حول نوعية المرض الذي قد يسببه المتحور الجديد، لكن بناءً على التشابه الجيني مع المتحورات الأخرى، يُحتمل أن تكون الأعراض مشابهة والتي تشمل ارتفاع الحرارة، التهاب الحلق مع سعال، صداع، آلام في الجسم، وإرهاق.
ومن المتوقع أن ترتفع حالات الإصابة خلال الشتاء؛ نتيجة الطقس البارد وانتشار الفيروسات بشكل أكبر داخل الأماكن المغلقة، لكن قد لا يكون هذا الارتفاع مرتبطاً فقط بالمتحور الجديد.
ونظراً لأن المتحورات تستمر في التغير، فإن اللقاحات المتاحة يتم تحديثها بانتظام لتناسب المتغيرات الأكثر شيوعاً. لم يتم تصميم اللقاحات الحالية خصيصاً لمتحور XEC، على الرغم من أن اللقاحات الحالية فعالة في العلاج من متحورات سابقة من أوميكرون. ومع ذلك، يُتوقع أن توفر هذه اللقاحات مستوى جيد من الحماية ضد الحالات الشديدة.
من المقرر أن تبدأ حملة التطعيمات في الخريف في العديد من الدول في أكتوبر. وسيتلقى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة الخطيرة جرعة معززة من اللقاح.