دراسة: علاج جديد قد يطيل أمد السيطرة على سرطان البروستاتا المتكرر

time reading iconدقائق القراءة - 7
أحد المساعدين يجري أبحاث لقاح السرطان في مختبر بالمقر الرئيسي لشركة Moderna في كامبريدج بماساتشوستس في الولايات المتحدة. 26 مارس 2024 - Bloomberg
أحد المساعدين يجري أبحاث لقاح السرطان في مختبر بالمقر الرئيسي لشركة Moderna في كامبريدج بماساتشوستس في الولايات المتحدة. 26 مارس 2024 - Bloomberg
القاهرة -محمد منصور

أظهرت نتائج تجربة سريرية أن دمج دواء إشعاعي موجّه لبروتين يُعرف باسم PSMA مع العلاج الإشعاعي التجسيمي يضاعف الفترة الزمنية التي يقضيها المرضى دون أن يتفاقم المرض، بحسب ما أعلن فريق بحثي من مركز جونسن الشامل للسرطان بجامعة كاليفورنيا-لوس أنجلوس.

وتشير النتائج، التي عُرضت في الاجتماع السنوي لجمعية العلاج الإشعاعي للأورام بالولايات المتحدة في سان فرانسيسكو، إلى أن المرضى الذين تلقّوا العلاج المزدوج عاشوا في المتوسط 17.6 شهراً دون تطور المرض، مقابل 7.4 أشهر فقط لأولئك الذين تلقّوا الإشعاع وحده، ما يعني تقليص خطر الانتكاس أو الحاجة إلى العلاج الهرموني أو الوفاة بنسبة 63%.

ويُعد سرطان البروستاتا ثاني أكثر السرطانات شيوعاً بين الرجال عالمياً، حيث يتم تشخيص نحو 1.4 مليون حالة جديدة كل عام، ويسبب نحو 375 ألف وفاة سنوياً.

ورغم أن فرص النجاة تكون مرتفعة عند التشخيص المبكر، فإن كثيراً من المرضى يعانون عودة المرض بعد سنوات من العلاج الأولي، غالباً في صورة بؤر محدودة تُعرف بالمرحلة الأوليجوركرنت.

نتائج التجربة السريرية خطوة مهمة تجعل العلاج الموجه لـ PSMA أقرب ليصبح جزءاً من البروتوكولات القياسية

الدكتورة مارجريت بيكر من جامعة شيكاجو

خلال العقد الأخير، أصبح العلاج الإشعاعي الجسدي التجسيمي أحد الخيارات الأساسية لعلاج هذه الحالات، لأنه يسمح باستهداف دقيق للبؤر المكتشفة مع الحفاظ على الأنسجة السليمة. لكن التحدي يظل قائماً، إذ غالباً ما تعود الخلايا السرطانية المجهرية غير المرئية حتى بأحدث تقنيات التصوير، وهو ما دفع الباحثين لتجربة دمج العلاج الجسدي التجسيمي مع العلاج الإشعاعي الموجه.

وتستند الفكرة وراء العلاج الجديد على استهداف بروتين PSMA، وهو بروتين يظهر بكثافة على سطح خلايا سرطان البروستاتا، فمن خلال ربط جزيئات مشعة بمركبات ترتبط بـ PSMA، يمكن توصيل الإشعاع مباشرة إلى الخلايا السرطانية وتدميرها من الداخل، مع تقليل الضرر للخلايا السليمة.

وتُمثّل هذه المقاربة نموذجاً متكاملاً يجمع بين التشخيص والعلاج فيما يُعرف بـ"الثيرانوستكس"، وهو توجه صاعد في الطب الحديث يجمع قوة التصوير الدقيق بفاعلية العلاج الموجه.

هل يمكن الوقاية من سرطان البروستاتا؟

لا توجد طريقة مؤكدة بالكامل للوقاية من سرطان البروستاتا، لكن يمكن تقليل المخاطر باتباع أسلوب حياة صحي، لكن هناك طرقاً تساهم في خفض احتمالية الإصابة به:

  • قلّل من استهلاك الدهون، وخصوصاً الدهون الحيوانية والمنتجات عالية الدسم.
  • زِد من تناول الفواكه والخضروات يومياً، فهي غنية بالعناصر المغذية التي يُعتقد أنها تقلل من خطر الإصابة.
  • اختَر منتجات ألبان قليلة الدسم، أو قلّل من الكميات المستهلكة، فالعلاقة بين الألبان والمرض ما زالت غير حاسمة لكن الاحتياط يجدي.
  • حافظ على وزن صحي -تجنب السمنة التي قد ترفع من خطر الإصابة- عبر توازن السعرات والنشاط البدني.
  • مارس الرياضة بانتظام -يُنصح بـ 150 إلى 300 دقيقة أسبوعياً من النشاط المعتدل، أو ما يعادله- يُفضّل البدء بالتدريج إن لم تكن نشطاً في السابق.
  • امتنع عن التدخين أو بادر بالإقلاع عنه، لأن بعض الأدلة تربط بين التدخين ومخاطر المرض أو انتشاره.
  • إذا كان لديك عوامل خطر عالية (مثل تاريخ عائلي بالإصابة)، استشر طبيبك للنظر في استراتيجيات إضافية أو فحوصات متابعة خاصة.

في التجربة، التي أُطلق عليها اسم LUNAR، جرى اختيار 92 مريضاً مصاباً بسرطان بروستاتا متكرر. وقسّم الباحثون عشوائياً إلى مجموعتين؛ الأولى تلقت العلاج الجسدي التجسيمي فقط، بينما تلقت الثانية جرعتين من الدواء المشع الموجه 177Lu-PNT2002 قبل العلاج الإشعاعي.

وخلال المتابعة التي اعتمدت على فحوص الدم لتحديد مستويات مستضد PSA هو فحص دم يُستخدم للكشف عن مشاكل البروستاتا، والتصوير الموجه، تبيّن أن إضافة العلاج الموجه ضاعفت الفترة الخالية من تقدم المرض، وأخَّرت الحاجة إلى بدء العلاج الهرموني من 14.1 شهراً إلى 24.3 شهراً، مع تسجيل آثار جانبية محدودة.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، أمار كيشان، إن هذه النتائج تُمثّل أول دليل عشوائي على أن العلاج الموجه لبروتين PSMA يمكن أن يغير مسار المرض في مراحله المبكرة، ويمنح المرضى وقتاً أطول قبل اللجوء إلى العلاج الهرموني الذي يُعرف بتأثيراته المرهقة مثل التعب وفقدان العظام.

فيما اعتبر المؤلف المشارك، جيريمي كاليس، أن الجمع بين قوة التصوير الموجه ودقة العلاج المشع يُمثّل قفزة نوعية، لأنه يتيح استهداف البؤر المرئية وغير المرئية على حد سواء.

ولم تقتصر الدراسة على النتائج السريرية، بل رصدت أيضاً مؤشرات بيولوجية قد تساعد مستقبلاً في تحديد المرضى الأكثر استفادة من العلاج.

ولاحظ الباحثون أن المرضى الذين أظهروا استجابة مناعية أقوى بعد العلاج الإشعاعي كانت نتائجهم أفضل، كما أن تحليلاً جينياً لـ20 جيناً مرتبطاً بالمناعة وإصلاح الحمض النووي ساعد في التنبؤ بدرجة الخطورة واحتمال الانتكاس.

وتفتح هذه النتائج الباب أمام تطوير استراتيجيات للطب الشخصي، حيث يُحدد العلاج الأمثل بناءً على البصمة البيولوجية لكل مريض.

ورغم هذه النتائج الواعدة، فإن 64% من المرضى في المجموعة التي تلقت العلاج المزدوج عادت لهم الإصابة لاحقاً، مما يوضح أن التحدي الأكبر يظل في القضاء على الخلايا السرطانية المجهرية.

وأشار الباحثون إلى أن المرحلة القادمة تتطلب تجارب أطول أمداً وأكثر شمولاً، وربما استراتيجيات دمج مع العلاجات المناعية لزيادة فعالية الاستجابة.

ولا تقتصر أهمية النتائج على الجانب الطبي فحسب، بل تمتد إلى البعد الاجتماعي والاقتصادي، فالعلاج الهرموني طويل المدى لا يؤثر فقط على صحة المريض وجودة حياته، بل يمثّل عبئاً مالياً كبيراً على أنظمة الرعاية الصحية. وبالتالي فإن تأخير الحاجة إلى هذا العلاج من خلال إدخال دواء مشع موجّه قد يسهم في خفض التكاليف والحفاظ على جودة حياة المرضى.

وأشاد خبراء مستقلون بالدراسة مع دعوة للتروّي، واعتبرت الدكتورة مارجريت بيكر من جامعة شيكاجو، وهي لم تشارك في البحث، أن النتائج خطوة مهمة تجعل العلاج الموجه لـ PSMA أقرب ليصبح جزءاً من البروتوكولات القياسية، لكنها شددت على ضرورة إجراء تجارب أوسع وأطول أمداً تشمل مرضى من خلفيات جغرافية وعرقية مختلفة للتأكد من شمولية النتائج.

المستقبل يبدو واعداً لهذا النهج، إذ يتوقع أن يتجه البحث إلى تطوير جزيئات أكثر دقة لاستهداف PSMA، وربما دمج العلاج الإشعاعي الموجه مع العلاجات المناعية أو الكيميائية لزيادة فعالية السيطرة على المرض.

وبذلك قد يصبح إدخال العلاج المشع في مراحل مبكرة من سرطان البروستاتا معياراً عالمياً جديداً، يغير مسار التعامل مع هذا المرض الذي لا يزال يشكل تحدياً صحياً عالمياً.

تصنيفات

قصص قد تهمك