باحثون يطوّرون جسيمات نانوية قد تمهد الطريق للقضاء على أورام المبيض

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة تعبيرية لطريقة جديدة للتغلب على مقاومة السرطان للعلاج - Nature Immunology
صورة تعبيرية لطريقة جديدة للتغلب على مقاومة السرطان للعلاج - Nature Immunology
القاهرة -محمد منصور

نجح فريق من الباحثين في تطوير جسيمات نانوية جديدة قادرة على تحفيز جهاز المناعة لمهاجمة أورام المبيض، في خطوة يمكن أن تمهد الطريق لعلاج فعّال لهذا النوع من السرطانات الذي طالما تحدى العلاجات المناعية التقليدية.

وأوضحت الدراسة أن هذه الجسيمات يمكنها إيصال جزيء مناعي قوي يُعرف باسم "إنترلوكين-12" Interleukin-12 مباشرة إلى الورم، ما يمكّن الخلايا التائية من شن هجوم واسع ضد الخلايا السرطانية دون التسبب في الأعراض الجانبية الخطيرة التي عادة ما ترافق هذا النوع من العلاج.

وأكد الباحثون أن استخدام هذه الجسيمات إلى جانب أدوية تثبيط نقاط التفتيش المناعية أدى إلى نتائج مبهرة في التجارب على الفئران، إذ اختفت الأورام المنتشرة كلياً في أكثر من 80% من الحالات. وعندما أعيد حقن الفئران بخلايا سرطانية جديدة لمحاكاة عودة الورم بعد العلاج، تذكرت خلايا المناعة البروتينات الورمية، وقضت عليها مجدداً، ما يشير إلى تكوّن ذاكرة مناعية دائمة ضد السرطان.

وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، باولا هاموند، الباحثة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن ما يثير الحماسة هو أن الفريق تمكّن من توصيل IL-12 مباشرة داخل الورم نفسه، بحيث تغلف الجزيئات سطح الخلايا السرطانية، وتخدع الورم ليقوم ذاتياً بتحفيز جهاز المناعة ضده.

وأكدت أن هذا الأسلوب الجديد "يجعل السرطان يبدو وكأنه هو من يطلق الإنذار الذي يدعو جهاز المناعة للهجوم".

وكشفت الدراسة المنشورة في دورية Nature Materials أن العلاج المناعي، رغم نجاحه في أنواع من السرطان مثل الميلانوما وسرطان الرئة، لم يظهر فاعلية كبيرة ضد سرطان المبيض؛ لأن هذا النوع من الأورام يخلق بيئة مناعية مثبطة تعيق الخلايا التائية عن العمل.

النتائج تقدم إشارة قوية إلى إمكانية تحويل العلاج المناعي من أداة دفاع إلى سلاح هجومي منظم

باولا هاموند- المؤلفة المشاركة للدراسة

وأشارت الدراسة إلى أن الجزيء المناعي إنترلوكين-12 يمكن أن يؤدي هذا الدور المحفز، إذ يعمل على تنشيط الخلايا التائية وتعزيز إنتاج السيتوكينات التي تشعل الاستجابة المناعية.

لكن المشكلة تكمن في أن الجرعات العالية اللازمة لإحداث التأثير المطلوب تسبب التهابات جهازية خطيرة، تشمل أعراضاً شبيهة بالإنفلونزا مثل الحمى والإرهاق والقيء والصداع، وقد تتطور إلى تسمم كبدي أو متلازمة عاصفة السيتوكين التي قد تكون مميتة.

واستفاد الفريق البحثي من أبحاث سابقة له في عام 2022، عندما تمكنوا من تطوير جسيمات نانوية تحمل إنترلوكين-12 مباشرة إلى الورم لتجنب تلك الآثار الجانبية، إلا أن النسخة السابقة كانت تطلق المادة بسرعة كبيرة فور وصولها، ما قلل من فاعليتها في تحفيز استجابة مناعية قوية.

أما في الدراسة الجديدة، عدَّل الباحثون تصميم الجسيمات بحيث تطلق إنترلوكين-12 تدريجياً على مدى أسبوع كامل، عبر تغيير الرابط الكيميائي الذي يربط الجزيء بسطح الجسيم. وقال الباحثون إن هذا التعديل منحهم تحكماً أدق في معدل إطلاق الدواء، وبالتالي نتائج أكثر فاعلية.

تتكون الجسيمات الجديدة من ليبسومات، وهي قطرات دهنية دقيقة ترتبط بجزيئات إنترلوكين-12 على سطحها الخارجي. واستخدم الفريق البحثي رابطة كيميائية تُعرف باسم "ماليميد" Maleimide لتثبيت إنترلوكين-12 على الجسيم، وهي رابطة أكثر استقراراً من الروابط المستخدمة سابقاً، والتي كانت تتفكك بسهولة داخل الجسم، مما يؤدي إلى إطلاق مبكر للمادة.

ولتوجيه الجسيمات نحو خلايا سرطان المبيض تحديداً، غلَّف الباحثون سطحها بطبقة من البوليمر المعروف باسم "بولي-إل-جلوتامات" وهو ما يسمح للجسيمات بالالتصاق مباشرة بالخلايا السرطانية في المبيض. وبعد وصولها، تبدأ بإطلاق إنترلوكين-12 تدريجياً، مما يحفز الخلايا التائية القريبة على الهجوم.

وأظهرت التجارب أن الجسيمات النانوية المحملة بإنترلوكين-12 نجحت في تجنيد الخلايا التائية وتنشيطها بفاعلية، حتى في النماذج الحيوانية التي انتشر فيها الورم إلى أماكن متعددة مثل الأمعاء والكبد والبنكرياس والرئتين، وهي محاكاة قريبة جداً من الواقع السريري لانتشار السرطان في تجويف البطن.

وعند اختبار الجسيمات وحدها، تمكَّن العلاج من القضاء على الأورام في نحو 30% من الفئران، كما ارتفع عدد الخلايا التائية داخل البيئة الورمية بشكل ملحوظ. لكن عند دمج الجسيمات مع مثبطات نقاط التفتيش المناعية ارتفعت نسبة الشفاء إلى أكثر من 80%.

سرطان المبيض

  • نمو غير طبيعي وسريع للخلايا في المبيضين.
  • يمكن أن تغزو الأنسجة السليمة وتدمرها.
  • المبيضان جزء من الجهاز التناسلي الأنثوي، ويقع كل واحد على جانب الرحم.
  • حجمهما تقريباً مثل حبة اللوز، وينتجان البويضات وهرموني الإستروجين والبروجستيرون.
  • العلاج عادة يشمل الجراحة والعلاج الكيميائي.

الأسباب:

  • السبب الدقيق غير معروف حتى الآن.
  • يبدأ المرض عندما تحدث طفرات جينية في خلايا المبيض.
  • هذه الطفرات تجعل الخلايا تنقسم بسرعة، وتشكل ورماً سرطانياً.
  • يمكن أن تنتشر الخلايا السرطانية إلى أنسجة وأعضاء أخرى في الجسم.

الوقاية وتقليل الخطر:

لا توجد طريقة مضمونة للوقاية، لكن يمكن تقليل الخطر عبر:

  • استخدام حبوب منع الحمل الفموية، قد تقلل من خطر الإصابة.
  • مناقشة التاريخ العائلي مع الطبيب؛ لمعرفة إن كنتِ بحاجة لاختبار جيني.
  • استشارة مختص بالوراثة، في حال وجود تاريخ مرضي عائلي قوي.
  • الجراحة الوقائية، إذ أن استئصال المبيضين قد يكون خياراً إذا ثبت وجود طفرة جينية خطيرة.

وبيّنت الدراسة أن هذه النتيجة تحققت حتى في النماذج المقاومة للعلاج المناعي أو الكيميائي التقليدي، وهو ما يعزز الأمل في أن هذه التقنية قد تتجاوز حدود العلاجات الحالية لسرطان المبيض الذي يصعب علاجه غالباً بعد انتشاره.

وأوضح الباحثون أن مرضى سرطان المبيض يعالجون عادة بالجراحة لإزالة الورم متبوعة بجلسات من العلاج الكيميائي، إلا أن الخلايا السرطانية التي تبقى بعد الجراحة غالباً ما تعود لتنمو من جدي،. ولذلك فإن تكوين ذاكرة مناعية دائمة ضد الورم يمكن أن يكون وسيلة فعّالة لمنع عودته.

وللتأكد من ذلك، أعاد الفريق حقن الفئران التي شُفيت تماماً بخلايا سرطانية جديدة بعد خمسة أشهر من العلاج الأول، فلاحظوا أن جهاز المناعة تعرف عليها فوراً وقضى عليها قبل أن تتمكن من تكوين أي ورم جديد.

وأوضحت باولا هاموند، أن هذه النتائج تقدم إشارة قوية إلى إمكانية تحويل العلاج المناعي من أداة دفاع إلى سلاح هجومي منظم، مؤكدة أن تقنيات النانو يمكن أن تغير تماماً الطريقة التي تُدار بها المناعة ضد الأورام في المستقبل.

كما بيّن الفريق البحثي أن التقنية الجديدة قد تُطبَّق مستقبلاً على أنواع أخرى من السرطان، خصوصاً تلك التي تتسم بقدرتها على تعطيل الاستجابة المناعية مثل سرطان البنكرياس وسرطان الدماغ.

وأكد الباحثون كذلك أن الميزة الكبرى في تصميم هذه الجسيمات هي أنها تبقي IL-12 على سطح الورم لفترة طويلة، دون أن تنتشر في الدورة الدموية، وهو ما يقلل بشدة من المخاطر الجانبية.

وركز الباحثون على أن فاعلية العلاج لا تتعلق فقط بالقضاء على الورم الحالي، بل بتدريب الجهاز المناعي ليكون قادراً على التعامل مع أي خلايا سرطانية مستقبلية بنفس السرعة والفاعلية.

وأظهرت البيانات أن الفئران المعالَجَة بالجسيمات المطورة امتلكت استجابة مناعية ذاكرية استمرت لأشهر، ما يجعل احتمال عودة الورم ضئيلاً للغاية.

وشدد الباحثون على أن هذه النتائج ما زالت في المرحلة الحيوانية، لكنهم يعتقدون أن الانتقال إلى التجارب السريرية البشرية سيكون ممكناً خلال السنوات القليلة المقبلة إذا استمرت النتائج في إثبات الأمان والفاعلية.

وذكرت باولا هاموند أن التطورات في هندسة الجسيمات النانوية "بدأت تحوّل العلاج المناعي من فكرة عامة إلى عملية دقيقة تُدار على مستوى الخلية"، مشيرة إلى أن الجمع بين هذه الجسيمات ومثبطات نقاط التفتيش "يصنع بيئة مثالية لهجوم مناعي منظم ضد السرطان".

وأكد الباحثون أيضاً أن تصميم الجسيمات النانوية الجديدة يفتح الباب أمام جيل جديد من العلاجات المناعية الآمنة والفعالة، التي لا تكتفي بالقضاء على الورم، بل تمنح الجسم مناعة طويلة الأمد تحميه من عودته، منوّهين إلى أن هذه النتائج تمثّل خطوة حقيقية نحو تحويل سرطان المبيض من مرض قاتل إلى حالة قابلة للشفاء، وربما نموذجاً يمكن تعميمه على أنواع أخرى من السرطان في المستقبل.

تصنيفات

قصص قد تهمك