باحثون يطورون طرفاً اصطناعياً بقدرات ذكية تحاكي التفكير البشري

time reading iconدقائق القراءة - 7
الطرف الاصطناعي المدعوم بالذكاء الاصطناعي قادر على العمل بذكاء إلى جانب المبتورين لتعزيز البراعة وجعل استخدام الطرف أكثر سهولة ووضوحاً - Utah NeuroRobotics Lab
الطرف الاصطناعي المدعوم بالذكاء الاصطناعي قادر على العمل بذكاء إلى جانب المبتورين لتعزيز البراعة وجعل استخدام الطرف أكثر سهولة ووضوحاً - Utah NeuroRobotics Lab
القاهرة -محمد منصور

نجح فريق من جامعة "يوتا" الأميركية في تزويد يد اصطناعية بقدرة على "التفكير الذاتي" عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يمنح تلك الأطراف مستوى متقدماً من الدقة والمرونة في تنفيذ الحركات اليدوية، ويجعلها أقرب في أدائها إلى اليد البشرية الطبيعية.  

وأوضحت الدراسة المنشورة في دورية Nature Communications أن الباحثين دمجوا حساسات الضغط والقرب في يد بيونية تجارية، ثم دربوا شبكة عصبية اصطناعية على أوضاع القبض المختلفة، ما سمح للطرف الاصطناعي بالتحرك بشكل مستقل ومتزامن مع مستخدميه لتعزيز الدقة وتقليل الجهد العقلي المطلوب لأداء المهام اليومية.

وأكد الباحثون أن فقدان القدرة على التحكم التلقائي في الأصابع يمثّل أحد أكبر التحديات التي تواجه مستخدمي الأطراف الاصطناعية.

وأوضح المؤلف المشارك في الدراسة، مارشال تراوت، الباحث ما بعد الدكتوراه بمختبر نيوروروبوتكس في جامعة يوتا، أن حتى أكثر الأطراف الاصطناعية تقدماً لا تزال تتطلب جهداً ذهنياً إضافياً من المستخدم لفتح وغلق الأصابع حول الأجسام، ما يجعل المهام البسيطة مثل حمل كوب أو قلم عملية معقدة.

حساسات ضغط

استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لمعالجة هذه المشكلة، حيث زودوا اليد الاصطناعية بحساسات ضغط وأخرى بصرية دقيقة قادرة على محاكاة الإحساس باللمس.

وأشاروا إلى أن هذه الحساسات يمكنها اكتشاف أشياء خفيفة جداً، مثل كرة قطنية تسقط على الأصابع، مما يتيح للأطراف الصناعية تحريك الأصابع بدقة متناهية لتشكيل قبضة مستقرة على الأجسام المختلفة.

ودرّب الفريق نموذج الشبكة العصبية على بيانات الحساسات بحيث تتحرك الأصابع تلقائياً إلى المسافة المثالية لتشكيل القبضة.

وأوضحوا أن كل إصبع يحتوي على حساس مستقل يمكنه "الرؤية" أمامه، ما يسمح لكل أصبع بالعمل بشكل متوازي لتشكيل قبضة متوازنة ومستقرة على أي جسم، مؤكدين أن هذا النهج يقلل الحاجة لتدخل المستخدم بشكل مباشر، ويجعل التحكم أكثر سلاسة وطبيعية.

طوَّر الباحثون أيضاً نهجاً مستوحى من البيولوجيا لمشاركة التحكم بين المستخدم والذكاء الاصطناعي، بحيث لا تتعارض إرادة المستخدم مع عمل الجهاز، بل يعزز الذكاء الاصطناعي دقة تحركات اليد، ويجعل المهام أسهل.

وذكر تروت أن الهدف هو تحسين قدرات المستخدم الطبيعية، بحيث يمكنه إتمام المهام دون التفكير فيها بشكل واع.

وأجريت الدراسة مع أربعة مشاركين لديهم بتر بين المرفق والمعصم، حيث أظهروا أداء محسناً في المهام القياسية، بالإضافة إلى تجربة العديد من الأنشطة اليومية التي تتطلب تحكماً دقيقاً في الحركة.

وبيّن الباحثون أن المهام البسيطة، مثل شرب الماء من كوب بلاستيكي، يمكن أن تكون صعبة للغاية للأشخاص ذوي الأطراف الاصطناعية، فالضغط الخفيف قد يؤدي إلى إسقاط الكوب، والضغط الزائد قد يكسره، لكن الذكاء الاصطناعي ساعد على تحقيق التوازن المثالي.

إزالة العبء

وأكد الباحثون أن دمج الذكاء الاصطناعي ساعد على تفريغ جزء كبير من عبء التحكم في القبضة عن المستخدم، مما أدى إلى جعل استخدام اليد الاصطناعية أكثر طبيعية وذكاء، وأتاح للمستخدمين إتمام المهام البسيطة بسهولة كما لو كانت أيديهم الحقيقية.

وقال قائد الفريق البحثي البروفيسور جاكوب جورج إن هذا التطور يجعل التحكم في الأطراف الاصطناعية أكثر بديهية ودقة، ويعيد بساطة المهام اليومية التي فقدت طبيعتها بسبب فقدان اليد.

وأشار الباحثون إلى أن الهدف من الدراسة تحسين التنسيق بين الذكاء الاصطناعي وحركة المستخدم، بحيث تعمل اليد الاصطناعية بشكل مستقل لكنها متزامنة مع إرادة المستخدم.

ولفتوا إلى أن كل إصبع يعمل بمثابة وحدة مستقلة، ويتحرك تلقائياً لتحقيق القبضة المثالية، مع مراعاة الهدف الذي يريده المستخدم، سواء لالتقاط أو إسقاط الأشياء.

كما أكد الفريق البحثي أن نجاح هذا النهج يعتمد على المزج الدقيق بين التحكم البشري والتحكم الآلي، بحيث يعزز الذكاء الاصطناعي قدرات المستخدم دون أن يتدخل بشكل يعيق إرادته، منوّهين إلى أن هذا النهج يمثّل خطوة نوعية في مجال الأطراف الاصطناعية، إذ يمكن من خلاله تحقيق مستويات عالية من الدقة والراحة وتقليل الجهد العقلي المستخدم في التحكم بالأطراف الاصطناعية.

ونبهوا إلى أن استخدام حساسات بصرية وضغط دقيقة يتيح للأطراف الصناعية "الإحساس" بالأجسام، بما يشبه الإحساس الطبيعي باللمس، ما يسمح بتكييف قوة القبضة بشكل مستمر وفق طبيعة الجسم الممسوك، مشيرين إلى أن هذا يتيح للمستخدم التعامل مع مجموعة متنوعة من الأجسام بأحجام وأوزان مختلفة دون الحاجة لتعديل القبضة يدوياً.

الأطراف الاصطناعية الذكية

وتمثّل التجربة أول مرة يتم فيها دمج الذكاء الاصطناعي بهذه الطريقة مع الأطراف الاصطناعية لتوفير قبضة مستقلة وذكية تحاكي التحكم الطبيعي للإنسان.

وأظهرت التجارب قدرة المشاركين على أداء مهام معقدة تتطلب تحكماً دقيقاً دون الحاجة لتدريب طويل أو ممارسة مكثفة.

وأكد الباحثون كذلك أن الابتكار يكمن في جعل اليد الاصطناعية "تفكر" وتتصرف بشكل تلقائي، مع الحفاظ على إمكانية تدخّل المستخدم عند الحاجة، ما يجعل الأطراف الاصطناعية أكثر تكيفاً مع الاستخدام اليومي.

وبيّنوا أن هذه التقنية تتيح تطوير أطراف اصطناعية يمكنها التعلم والتكيف مع أنماط المستخدم، ما يزيد من دقة الأداء والراحة.

ورأى الفريق البحثي أن العمل على تحسين التحكم الطبيعي في الأطراف الصناعية يمثّل خطوة مهمة لتقليل معدل التخلي عن الأطراف الصناعية، حيث إن نصف المستخدمين تقريباً يتخلون عن أطرافهم الاصطناعية بسبب صعوبة التحكم والعبء العقلي المرتبط بها، مشيرين إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل هذه العقبات بشكل كبير، ما يزيد من اعتماد المستخدمين على الأطراف الاصطناعية وتحسين جودة حياتهم.

كما أظهرت نتائج الدراسة أن الأطراف الاصطناعية الذكية يمكن أن تعيد البساطة إلى المهام اليومية، مثل حمل كوب، والتقاط قلم، أو الإمساك بيد شخص آخر، من خلال التحكم التلقائي في الأصابع وتوفير ردود فعل حسية دقيقة، وهذا ما يجعل الأطراف الاصطناعية أكثر طبيعية وملائمة للاستخدام اليومي، كما يحسن من الثقة بالنفس لدى المستخدمين.

وقال الفريق البحثي إن دمج الذكاء الاصطناعي مع الحساسات الدقيقة يتيح للأطراف الاصطناعية التعلم المستمر والتكيف مع الاستخدام الفردي لكل مستخدم، ما يعزز قدرات اليد ويجعلها أكثر مرونة وذكاء.

واعتبر الباحثون أن هذا النهج يمثّل تطوراً كبيراً في مجال الأطراف الاصطناعية الذكية، ويعزز من إمكانيات التصميم المستقبلي للأطراف التي تحاكي اليد البشرية بشكل كامل.

تصنيفات

قصص قد تهمك