ابتكر باحثون في "جامعة ماكماستر" الكندية سلاحاً جديداً قوياً ضد التلوث الجرثومي والعدوى التي تُسببها الأطعمة الملوثة.
والسلاح الجديد عبارة عن رذاذ يُمكن رشه على الأطعمة لمنع نمو الميكروبات والبكتيريا عليها وهو آمن بشكل كامل ويُمكن تناوله من دون أضرار جانبية، إذ يختلف تماماً عن المبيدات الحشرية والبكتيرية في كونه مصنوع من "فيروسات" قابلة للأكل.
الرذاذ المذكور يتكون مما يسمى "عاثيات" وهي فيروسات غير ضارة "تأكل" البكتيريا. وبحسب الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر كومينكيشن" تمكن باحثو "جامعة ماكماستر" من إقناع تلك العاثيات بالارتباط معاً وتشكيل حبيبات مجهرية محملة بملايين العاثيات.
ويبلغ قطر كل من تلك الفيروسات نحو 20 ميكرون أو واحد على 50 من الملليمتر، ويُمكن وضعها بأمان على الطعام والمواد الأخرى لتخليصها من مسببات الأمراض الضارة مثل الإشريكية القولونية.
"الحماية من التلوث البكتيري"
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى إصابة 600 مليون شخص، أي حوالى شخص واحد من بين كل 12 شخصاً في العالم، بالمرض بعد تناول غذاء ملوث، بالإضافة إلى وفاة 420 ألف شخص سنوياً جراء التسمم الغذائي، كما تسجل خسائر سنوية قدرها 110 مليارات دولار أميركي من حيث الإنتاجية والنفقات الطبية بسبب الأغذية غير المأمونة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وتتسارع الأبحاث العلمية في محاولة لإيجاد حل لتلك المشكلة التي تضع صحة الملايين على المحك، وتتسبب في خسائر اقتصادية هائلة كل عام.
المطهر الجديد القابل للرش، آمن للطعام وفعال للغاية، فعند رشه على الطعام "فإننا نجمع بشكل أساسي المليارات من الجنود الصغار لحماية طعامنا من التلوث البكتيري" على حد ما يقول الباحثون، الذين يشيرون إلى أن العاثيات ترتبط ببعضها البعض مثل قطع الليغو المجهرية، لافتين إلى أن هذا الهيكل الطبيعي المنظم يجعلها أكثر متانة وأسهل في التعبئة والتخزين والاستخدام.
قبل إدخال البنسلين في الأربعينات من القرن الماضي، كان البحث في المطهرات والعلاجات واعداً للغاية، لكن الاهتمام بتطوير إمكاناتها تضاءل بمجرد ظهور المضادات الحيوية المصنوعة من البنسلين في السوق.
ونظراً لأن لتصاعد مقاومة البكتيريا ضد المضادات الحيوية الموجودة، فهناك اهتمام جديد مكثف بالأبحاث في هذا المجال.
تجدر الإشار إلى أنه عندما تلامس العاثيات البكتيريا المستهدفة، فإنها تتكاثر وتزيد بشكل كبير من قوتها المضادة للميكروبات أثناء عملها عبر تفاعل متسلسل، ما يخلق استجابة ديناميكية ومستمرة أكثر قوة من المضادات الحيوية.
تقنية فريدة
الميزة الرئيسية الأخرى لاستخدام العاثيات في الزراعة وإنتاج الغذاء، هي أنه يمكن توجيهها على وجه التحديد للقضاء على السلالات الضارة من البكتيريا من دون قتل البكتيريا المفيدة التي تعزز طعم الأطعمة ورائحتها وملمسها.
ويقول الباحثون إن رذاذ العاثيات الجديد لديه إمكانات واعدة للتطبيق التجاري، خاصة وأن العاثيات حصلت بالفعل على موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية لاستخدامها في الغذاء.
وتظهر الورقة البحثية أن المواد القابلة للرش يمكن أن تقضي على الإشريكية القولونية في الخس واللحوم، والتي غالباً ما تكون مصدر تفشي الأمراض.
ويقول الباحثون إن النهج ذاته يمكن استخدامه بسهولة ضد البكتيريا الأخرى التي تسبب التسمم الغذائي، مثل السالمونيلا والليستيريا بشكل فردي أو مجتمعة.
كما يمكن استخدام البخاخات المذكورة في معالجة الأغذية وتعبئتها وتنظيفها، وحتى لتنقية ومعالجة مياه الري والمعدات، مما يوقف التلوث عند المصدر، كما يقول الباحثون.
وعلى الرغم من أن التطبيقات الطبية تستغرق وقتاً أطول حتى تثبت أنها آمنة وفعالة، إلا أن المجموعة تخطط لاختبار الرذاذ الجديد المؤهل لاستخدامه في العديد من التطبيقات الطبية كتطهير الجروح على سبيل المثال.
اقرأ أيضاً: