سجلت الولايات المتحدة موجة تفشي للأنفلونزا هي الأعنف منذ أكثر من عقد، لتتفاقم بذلك الضغوط على النظام الصحي الذي لا يزال يتعامل مع جائحة فيروس كورونا والفيروس التنفسي المخلوي (آر في إس).
وذكر موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي، الاثنين، أن كل ولاية أميركية تقريباً تعاني حالياً من مستويات عالية أو عالية للغاية من نشاط الأنفلونزا.
ونقل أكسيوس عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن حالات دخول المستشفى المرتبطة بالإنفلونزا تضاعفت خلال أسبوع عيد الشكر (24 نوفمبر) تقريباً مقارنة بالأسبوع السابق، وكانت الأعلى التي جرى تسجيلها في تلك الفترة منذ موسم 2010/ 2011.
وتقدر مراكز السيطرة على الأمراض أنه حتى الآن خلال هذا الموسم، كان هناك ما لا يقل عن 8.7 مليون إصابة بالإنفلونزا، و78 ألف حالة دخول إلى المستشفيات و4500 حالة وفاة.
وتضرر كبار السن ممن هم في عمر 65 عاماً أو أكثر، والأطفال الذين يبلغون من العمر 4 سنوات أو أقل، بشكل خاص خلال من الموجة غير العادية لتفشي الإنفلونزا، خاصة إذا كانوا يعانون من ظروف صحية كامنة.
مخاوف من اللقاح
ومع ذلك، فإن حوالي 4 من كل 10 أميركيين يقولون إنهم لا يخططون للحصول على لقاح الإنفلونزا هذا الموسم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى مخاوف من أن اللقاحات لا تعمل بشكل جيد أو لها آثار جانبية.
وتعد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بتوفير الموارد والموظفين اللازمين لمساعدة الأنظمة الصحية المحلية على التأقلم، ولكنها لا تفكر في إعلان حالة طوارئ صحية عامة، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن".
ويقول خبراء الصحة العامة إن ارتداء الأقنعة الواقية والاحتياطات الوبائية الأخرى أبقت الإنفلونزا بعيدة إلى حد كبير على مدار العامين الماضيين، وعطلت انتشارها الموسمي. لكن العودة إلى حياة ما قبل الجائحة جعلت الأشخاص أكثر عرضة للإصابة.
وقال جون تريجونينج، عالم المناعة في "كلية لندن" لمجلة "نيتشر" العلمية: "قد نتعرض عادة لفيروس ويحاربه جسمك، لكن هذا النوع من المقاومة بدون ظهور أعراض ربما لم يحدث في السنوات القليلة الماضية".
وتوقع فريق بحثي العام الماضي انتشاراً وبائياً قوياً لدى الأطفال بمجرد رفع تدابير الحماية الشخصية، وحث على الاستمرار في برامج التطعيم القوية.
لكن الخبراء يحذرون من أنهم ما زالوا لا يعرفون الكثير عن الفيروسات الموسمية، ويستمرون في التعامل مع أسئلة بدون إجابة مثل مدى إضعاف كوفيد 19 لمناعة الناس.
انتشار واحتياطات
ويأتي تفشي الإنفلونزا في الوقت الذي تنتشر فيه أمراض الجهاز التنفسي الأخرى، بما في ذلك الفيروس المخلوي التنفسي ومتحورات كوفيد-19 الجديدة.
وقال الجراح العام الأميركي فيفيك مورثي لقناة "إيه بي سي": "لا يمكننا التخلي عن حذرنا. علينا اتخاذ الاحتياطات التي نحتاجها لمنع انتشار هذه الفيروسات مثل غسل أيدينا وارتداء الأقنعة الواقية في الأماكن المغلقة المزدحمة، والتأكد من أن نبقى في المنازل إذا كنا مرضى. وبالطبع، مرة أخرى، الحصول على التطعيم في أقرب وقت ممكن؛ سواء بالنسبة لكوفيد أو الإنفلونزا".
وبحسب "أكسيوس"، هناك قلق خاص بشأن النساء الحوامل وبعض المجموعات العرقية. وأشار مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا إلى أن امتصاص لقاح الإنفلونزا في هذه المرحلة للنساء الحوامل أقل بنسبة 12.1% مما كان عليه في عام 2021 و21.7% أقل مما كان عليه في عام 2020.
تفاوت عرقي
وكانت معدلات نقل المصابين بالإنفلونزا إلى المستشفيات أعلى بنسبة 80% تقريباً لدى البالغين السود، مقارنة بالبالغين البيض من 2009 إلى 2022، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض. وتم تطعيم أقل من 43% من البالغين السود واللاتينيين والأميركيين الأصليين خلال موسم الإنفلونزا 2021-2022.
وكتب وزير الصحة والخدمات الإنسانية كزافييه بيسيرا إلى الولايات في رسالة حصلت عليها "سي إن إن" إنه يمكن للحكومة الفيدرالية التدخل لمساعدة مقدمي الخدمات الصحية المجهدين، مضيفاً أن لدى مركز السيطرة على الأمراض أيضاً تمويل بقيمة 400 مليون دولار للاستجابة للتهديدات الصحية مثل الإنفلونزا.
وقال أكسيوس إن تهديد "كوفيد-19" قد يكون أكثر قابلية للإدارة، بفضل اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات والاختبارات، لكن تجربة الوباء ربما تركتنا أكثر عرضة لموجات من الأمراض الموسمية الأخرى، التي تعقد العودة إلى الحياة الطبيعية.