كشفت دراسة علمية أولية نُشرت نتائجها خلال اجتماع الأكاديمية الأميركية السنوي لطب الأعصاب، أن عقار "تيريفلونومايد" قد يؤخر ظهور الأعراض المبكرة للأشخاص الذين يُظهرون علامات "التصلب المتعدد" في فحص الرنين المغناطيسي، رغم عدم ظهور أعراض المرض عليهم.
ويتم تشخيص هذه الحالة لدى الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض مرض التصلب العصبي المتعدد، ولكن لديهم تشوهات في الدماغ أو النخاع الشوكي، تُسمى الآفات، وتكون مشابهة لتلك التي تظهر في المرض.
ويعتبر التصلب العصبي المتعدد، مرضاً يُهاجم فيه جهاز المناعة في الجسم مادة المايلين، وهي المادة الدهنية البيضاء التي تعزل الأعصاب وتحميها. ويشمل المرض أعراضاً مثل التعب والتنميل والوخز وصعوبة المشي.
ويعمل "تريفلونومايد" عن طريق تثبيط إنزيم يشارك في تخليق الحمض النووي في الخلايا المناعية. ومن خلال منع هذا الإنزيم، يساعد الدواء في تقليل نشاط الجهاز المناعي، مما يمكن أن يؤدي إلى منع تلف الأعصاب، وتباطؤ تقدم مرض التصلب العصبي المتعدد.
ويتم تناول الدواء عن طريق الفم في صورة حبوب، عادة مرة واحدة في اليوم.
وتشمل الآثار الجانبية الشائعة لتناول هذا الدواء: الغثيان، والإسهال، وتساقط الشعر، وارتفاع إنزيمات الكبد.
علاج أمراض المناعة الذاتية
تم اكتشاف هذا الدواء لأول مرة في تسعينيات القرن الماضي، كجزء من برنامج بحثي يهدف إلى تطوير علاجات جديدة لأمراض المناعة الذاتية.
وكان المركب المكتشف في الأصل مرشحاً لعلاج الالتهابات، وأظهرت دراسات أخرى أن له خصائص مناعية قد تكون فعالة في معالجة التصلب المتعدد.
وبدأت التجارب السريرية للاستخدام العلاجي للدواء في مرض التصلب المتعدد في أوائل القرن الحادي والعشرين، وفي عام 2012، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدام الدواء لعلاج الأشكال المتعثرة لمرض التصلب المتعدد.
ومنذ ذلك الحين، تبعت بلدان أخرى نفس الخطى في الموافقة على استخدام الدواء، وأصبح الآن اختياراً قياسياً في علاج هذه الحالات.
وهذه أول مرة يتم فيها إثبات قدرة الدواء على تأخير ظهور الأعراض المبكرة لمرض التصلب المتعدد لدى المرضى الذين لم يظهر عليهم الأعراض.
ودعمت الشركة المصنعة للدواء هذه الدراسة الجديدة. ويبلغ متوسط سعر الجرعة الشهرية من الدواء "تركيز 14 ملليغرام" حوالي 3300 دولار في الولايات المتحدة.
وتقول الدكتورة كريستين ليبرون فريناي، زميلة في الأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب والمؤلفة الأولى للدراسة: "كلما تم علاج المرضى المصابين بالتصلب المتعدد بسرعة، زادت فرص تأخير تلف الميالين، مما يقلل من خطر الضعف العصبي الدائم والأعراض المنهكة". وشملت الدراسة 89 شخصاً يعانون من المرض دون ظهور أعراض.
أجريت الدراسة على 89 شخصاً يعانون من المرض دون ظهور أعراض، حيث حصل نصفهم على 14 ملليجرام من مادة "تيريفلونومايد" يومياً، فيما حصل النصف الآخر على دواء وهمي، وتم متابعتهم لمدة تصل إلى عامين.
خلال الدراسة، ظهرت أعراض مرض "التصلب العصبي المتعدد" على 8 أشخاص تناولوا الدواء، مقارنة بـ20 شخصاً تناولوا الدواء الوهمي. وبعد ضبط العوامل الأخرى التي يُمكن أن تؤثر على خطر ظهور الأعراض، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتناولون عقار "تيريفلونومايد" لديهم مخاطر أقل بنسبة 72٪ في مواجهة الأعراض الأولى من أولئك الذين يتناولون الدواء الوهمي.
وتشير النتائج التي توصل إليها الباحثون، إلى أن التدخل المبكر مع "تيريفلونومايد" قد يكون مفيداً لأولئك الذين تم تشخيصهم بالتصلب المتعدد من دون ظهور الأعراض، أي المرحلة السابقة لأعراض مرض "التصلب العصبي المتعدد".
ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث في مجموعات أكبر من الناس لتأكيد النتائج التي توصل إليها الباحثون.
اقرأ أيضاً: