تُساهم زيادة الوزن وتناول الكحوليات في ارتفاع معدلات الوفاة، بسبب سرطان الأمعاء بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و49 عاماً في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، على الرغم من أن معدلات الوفاة بسبب هذا النوع من السرطان تتناقص بشكل عام في جميع أنحاء أوروبا، وذلك وفق دراسة جديدة نشرتها دورية "سجلات السرطان" (Annals of Oncology) التي تتنبأ بمعدلات الوفيات بسبب السرطان في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لعام 2024.
وهذه هي المرة الأولى التي ترتفع فيها وفيات سرطان الأمعاء، ويتوقع الباحثون أن أكبر زيادة في معدلات الوفيات بالمرض بين الشباب ستشهدها بريطانيا، حيث سترتفع بنسبة 26% لدى الرجال، وما يقرب من 39% لدى النساء عام 2024، مقارنة بعام 2018.
"سرطان أكثر عدوانية"
يقول الباحثون إن العوامل الرئيسية التي تساهم في ارتفاع معدلات سرطان الأمعاء بين الشباب تشمل زيادة الوزن، والسمنة، والظروف الصحية ذات الصلة، مثل ارتفاع مستويات السكر في الدم، ومرض السكري.
وبحسب البحث، هناك أسباب إضافية تتمثل في الإفراط في تناول الكحوليات مع مرور الوقت وسط وشمال أوروبا وبريطانيا، وانخفاض النشاط البدني.
ورصدت مجموعة كبيرة من الدراسات السابقة وجود رابط بين استهلاك الكحول وسرطان الأمعاء.
ولم تشهد البلدان التي انخفض فيها استهلاك الكحول، كفرنسا وإيطاليا، مثل هذه الارتفاعات الملحوظة في معدلات الوفيات، بسبب هذا السرطان.
ويميل سرطان الأمعاء الذي يصيب الشباب إلى أن يكون أكثر عدوانية، مع انخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة، مقارنة بسرطان الأمعاء الذي يتم تشخيصه لدى كبار السن.
وينصح الباحثون الحكومات الوطنية بتعزيز السياسات الرامية إلى تشجيع زيادة النشاط البدني، وخفض عدد الأشخاص الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة، والحد من استهلاك الكحول.
وفيما يتعلق بالوقاية، يقول الباحثون إنه ينبغي على الحكومات أن تنظر في توسيع نطاق فحص سرطان الأمعاء، ليشمل الأعمار الأصغر سناً، بدءاً من سن 45 عاماً.
وتختلف برامج الفحص في جميع أنحاء أوروبا، لكن الزيادة في حالات الإصابة بسرطان الأمعاء بين الشباب في الولايات المتحدة دفعت فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية إلى التوصية بخفض السن الذي يبدأ فيه الفحص إلى 45 عاماً.
وحلل الباحثون معدلات الوفيات بالسرطان في دول الاتحاد الأوروبي الـ27 ككل، وبشكل منفصل في بريطانيا، بعد أن جمعوا بيانات عن الوفيات من قواعد بيانات منظمة الصحة العالمية من 1970 إلى 2018 بالنسبة لمعظم دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وهذه هي السنة الـ14 على التوالي التي ينشر فيها الباحثون هذه التوقعات.
وفاة أكثر من مليون
فيما يتعلق بجميع أنواع السرطان في دول الاتحاد الأوروبي الـ27، يتوقع الباحثون انخفاضاً بنسبة 6.5% في معدلات الوفيات لجميع أنواع السرطان من 132 لكل 100 ألف من السكان في 2018 إلى 123 لكل 100 ألف في 2024 للرجال، و4% انخفاض من 82.5 إلى 79 لكل 100 ألف بين النساء.
وتوقعت الدراسة أن يموت ما يقرب من مليون و270 ألفاً و800 شخص، بسبب المرض في الاتحاد الأوروبي
وفي بريطانيا أشارت الدراسة إلى أنه سينخفض معدل الوفيات لجميع أنواع السرطان لدى الرجال بنحو 14% من 120 إلى 104 لكل 100 ألف، وبنسبة 10% من 92.5 إلى 83 لكل 100 ألف بين النساء في عام 2024.
ورغم انخفاض معدلات الوفاة، بسبب سرطان الرئة لدى الرجال، إلا أنه يظل المرض صاحب أعلى المعدلات بين الرجال والنساء في كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
ويتوقع الباحثون معدلات وفاة في عام 2024 تبلغ 28 رجلاً و13.6 امرأة لكل 100 ألف في الاتحاد الأوروبي، ويُمثل هذا انخفاضاً بنسبة 15% بين الرجال منذ عام 2018، لكن لا يوجد انخفاض وسط النساء.
وفي بريطانيا، ستكون معدلات الوفاة بسبب سرطان الرئة 19 رجلاً و16 امرأة لكل 100 ألف، وهو ما يُمثل انخفاضاً بنسبة 22% و17% بين الرجال والنساء على التوالي.
وفي كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، يُعد سرطان الأمعاء الآن ثاني أكبر قاتل بعد سرطان الرئة بين الرجال، وثالث أكبر قاتل بعد سرطان الثدي والرئة لدى النساء، على الرغم من انخفاض معدلات الوفيات، باستثناء نساء بريطانيا.
وبالمقارنة مع عام 2018، من المتوقع أن تنخفض معدلات الوفيات الإجمالية بسبب سرطان الأمعاء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 5% إلى 15 رجلاً لكل 100 ألف في 2024، وبنسبة 9% إلى 8 نساء لكل 100 ألف.
وفي بريطانيا، من المتوقع أن تنخفض بنسبة 3% إلى 14 رجلاً لكل 100 ألف، لكنها ستظل مستقرة بالنسبة للنساء عند حوالي 10 لكل 100 ألف.
ويقول الباحثون إن تفسير هذه الاتجاهات الإيجابية يأتي بسبب تحسين تشخيص وعلاج سرطان الأمعاء.
وتميل معدلات الوفيات إلى الانخفاض في البلدان التي تتمتع بإمكانية أفضل لإجراء الفحص والتشخيص المبكر، ومع ذلك، فإن ارتفاع معدل الوفيات بين الشباب يُشكل مصدر قلق.
وتستمر معدلات الوفيات في التحسن في أوروبا وبريطانيا بسبب سرطان الثدي.
وفي عام 2024، يتوقع الباحثون انخفاضاً بنسبة 6% من 14 لكل 100 ألف امرأة في الاتحاد الأوروبي عام 2018، إلى 13 لكل 100 ألف في 2024، وانخفاضاً بنسبة 11% من 15 إلى 13 لكل 100 ألف في بريطانيا.
ويقول الباحثون إن التقدم في تشخيص سرطان الثدي يُسهم في هذه الانخفاضات الكبيرة بمعدلات الوفيات، ولكن التحسينات في علاج المرض وإدارته لا تزال مطلوبة.
وتُشير الدراسة إلى أن سرطان البنكرياس الذي يصعب اكتشافه أو علاجه بنجاح، هو السرطان الرئيسي الوحيد، إذ لا يتوقع حدوث تحسن في معدلات الوفيات لكلا الجنسين في الاتحاد الأوروبي.
ويُمثل سرطان البنكرياس أكثر من 3% من تشخيصات السرطان الجديدة في أوروبا، ولكنه مسؤول عن حوالي 7% من الوفيات الناجمة عن السرطان، وهو السبب الرئيسي الرابع للوفاة من أي سرطان.
ومن المتوقع أن ترتفع معدلات الوفيات بنسبة 1.6% و4% بين الرجال والنساء على التوالي في الاتحاد الأوروبي.
لكن هذه الاتجاهات أفضل في بريطانيا حيث من المتوقع أن تنخفض بنسبة 7% بين الرجال و 2% وسط النساء.
أسباب سرطان البنكرياس
بحسب الدراسة، يقول الباحثون إن التدخين هو عامل الخطر الرئيسي لسرطان البنكرياس، لكنه يفسر جزئياً فقط زيادة معدلات الوفيات مع مرور الوقت، وقد تلعب زيادة الوزن، والسمنة، والسكري، والإفراط في تناول الكحول، دوراً أيضاً.
وتؤكد هذه التوقعات على أهمية مكافحة تعاطي التبغ والقضاء عليه في نهاية المطاف.
ويظل التبغ مسؤولاً عن 25% من إجمالي وفيات السرطان بين الرجال و15% بين النساء في الاتحاد الأوروبي، ويُمثل عامل الخطر الرئيسي للوفيات الناجمة عن سرطان الرئة، والعديد من أنواع السرطان الأخرى، بما في ذلك سرطان البنكرياس.
وتُسلط التوقعات الضوء على أهمية سد الفجوات بين البلدان في جميع أنحاء أوروبا فيما يتعلق بتشخيص السرطان وعلاجه.
ولا تزال معدلات الوفيات أعلى في بولندا وغيرها من بلدان وسط وشرق أوروبا، ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم كفاية برامج الفحص للكشف عن السرطان، مثل سرطان الثدي، وعنق الرحم، والقولون، والمستقيم، فضلاً عن عدم إمكانية الوصول إلى أحدث العلاجات.