بحث الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، الأربعاء، في أول زيارة خارجية له بعد تسلّمه مهام منصبه، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في العاصمة بغداد، عدداً من الملفات ذات الاهتمام المشترك، والتي تهدف إلى تعزيز مستويات التعاون والشراكة بين البلدين.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي في بيان، إن السوداني "أكد خلال اللقاء أهمية العمل الثنائي بين البلدين لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية في المنطقة، وبما يصب في مصلحة الاستقرار والتنمية".
من جانبه، أعرب الرئيس الإيراني عن شكره وتقديره للعراق وللحكومة العراقية على حفاوة الاستقبال، مؤكداً رغبة بلاده في تعزيز العلاقات الثنائية، والمضي في برامج التعاون ومذكرات التفاهم بين البلدين.
وقال بيزشکیان، الذي ترأس وفد رفيع المستوى من المسؤولين السياسيين والاقتصاديين: "يمكن أن يكون لدينا الكثير من التعاون مع العراق، وسيتم توقيع العديد من الاتفاقيات خلال زيارتي لبغداد".
وأضاف في تصريح قبيل مغادرته طهران، الأربعاء، أن "أول رحلة خارجية للحكومة الرابعة عشرة هي إلى العراق الصديق والشقيق، بناءً على السياسات المعلنة سابقاً، وكذلك السياسة المعلنة فيما يتعلق بالتواصل الوثيق مع دول الجوار وخاصة العراق الذي كانت له علاقات متجذرة معنا منذ الماضي".
ويعقد بيزشيكان، خلال الزيارة، اجتماعات ثنائية مع كبار المسؤولين العراقيين بما في ذلك نظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية، كما سيعقد اجتماعات مع رجال الأعمال الإيرانيين في العراق، وسيوقع البلدان وثائق تعاون ومذكرات أمنية.
ولاحقاً سيتفقد الرئيس الإيراني بعض مشاريع الشركات الإيرانية في البصرة، وسيتوجه إلى أربيل والسليمانية شمالي العراق تلبية لدعوة رسمية من سلطات إقليم كردستان العراق، إضافة إلى زيارة مدينتي النجف وكربلاء بعد إجراء الزيارات الرسمية في بغداد.
14 مذكرة تعاون
وأعلنت بغداد استكمال الصيغ النهائية لمذكرات التفاهم المشتركة، والتي ستوقع خلال زيارة بيزشيكان للعراق، مشيرة إلى أنه من المقرر توقيع 14 مذكرة تشمل مجالات الزراعة، الموارد المائية، الاتصالات، البريد، المناطق الحرة، الرعاية الاجتماعية، التدريب، الإعلام، السياحة، التربية، والغرف التجارية المشتركة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية "واع".
ونقلت "إرنا"، عن وسائل إعلام عراقية، قولها إن زيارة بيزشكيان إلى العراق تعكس رغبة الحكومة الإيرانية الجديدة في تعزيز العلاقات الثنائية وتفعيل التفاهمات التي عقدت بين البلدين، إضافة إلی التوقيع علی عدد من مذكرات التفاهم في المجالات الأمنية والاقتصادية.
وأشارت إلى العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تربط بين طهران وبغداد، إذ بلغ حجم التبادل التجاري الثنائي 10 مليارات دولار سنوياً، لافتة إلى أن البلدين يطمحان في زيادة هذا المستوی إلی 20 مليار دولار.
القضايا الإقليمية والدولية
وذكرت وسائل إعلام عراقية أن "المواضيع الإقليمية والدولية ستصبح علی طاولة المباحثات التي يجريها بيزشكيان مع نظيره العراقي، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لاسيما المتعلقة باستمرار العدوان الإسرائيلي علی غزة والجهود الرامية لوقف إطلاق النار".
ووفقاً لـ"إرنا"، قال السفير الإيراني لدی بغداد محمد كاظم آل صادق، إن "زيارة الرئيس بزشكيان للعراق تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بالمجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية"، معتبراً أن "العراق يستطيع أن يلعب دوراً مهماً في ترطيب العلاقات الإيرانية– العربية".
فيما قال وزير التجارة العراقي أثير داود الغريري، الثلاثاء، إن "مباحثات عراقية إيرانية جرت على مدى اليومين الماضيين، وشملت اجتماعات مكثّفة بحضور الجهات القطاعية من كلا البلدين، للوصول إلى تفاهمات للصيغ النهائية لمذكرات التفاهم، والتي تأتي في إطار سعيهما لتعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والاستثمارية المختلفة وتوسيع قاعدة المصالح المتبادلة".
تعميق العلاقات
من جانبه، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في مؤتمر صحافي أن "زيارة الرئيس الإيراني إلى العراق ستكون فرصة لتعميق العلاقات بين البلدين "، حسبما ذكرت "واع".
وأضاف، أن "البلدين يدركان أهمية الظروف الأمنية المستقرة، لا سيما على طول الحدود الفاصلة، فضلاً على المجالات الأخرى بتطوير الاقتصاد والتجارة، وستكون أولويات الزيارة".
وتعد بغداد وطهران، شريكان اقتصاديان في مجال الطاقة، إذ يعتمد العراق على إيران لتزويده بالغاز والكهرباء.
يشار إلى أن العراق يملك احتياطيات من الغازٍ تقدر بـ131 تريليون قدم مكعب، محتلاً بذلك المرتبة 11 عالمياً حسب وكالة الطاقة الأميركية. إلا أن ضعف البنى التحتية قلّص القدرة الإنتاجية اليومية إلى النصف، لتسجل نحو 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز المصاحب.
ينتج العراق حالياً 27 ألف ميجاواط من الطاقة الكهربائية عبر محطات تعمل غالبيتها على الغاز، ولكن الطاقة الإنتاجية تنخفض في بعض الأحيان إلى 17 ألف ميجاواط.
لسد هذه الفجوة، تلجأ بغداد إلى استيراد نحو 50 مليون متر مكعب من جارتها إيران منذ 2017. ووصلت إمدادات الغاز الإيرانية منذ 2017 إلى أكثر من 52 مليار متر مكعب، بقيمة زادت عن 15 مليار دولار.