تسعى مدينة سبرينجفيلد بولاية أوهايو إلى وقف موجة الشائعات والتهديدات وحالة الكراهية التي بدأت تطال المدينة، بعد الادعاءات من الحزب الجمهوري بأن قاطنيها من المهاجرين الهايتيين يأكلون الحيوانات الأليفة.
وهو الادعاء الذي كرره المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية دونالد ترمب بشكل صريح خلال المناظرة أمام منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، متهماً إياها بفتح الحدود أمام مزيد من المهاجرين الذي يضغطوا على الخدمات الصحية والعامة.
وقال مسؤولون في المدينة إنهم "لم يجدوا أي تقارير موثوقة عن إساءة معاملة الحيوانات من قبل أفراد داخل مجتمع المهاجرين"، كما نفى حاكم ولاية أوهايو مايك ديواين، الشائعة بشدة، الأربعاء، مشيراً إلى أنه "لا توجد أدلة تثبت هذه الادعاءات على الإطلاق"، حسبما أوردت شبكة CNN.
وأضاف ديواين في مقابلة مع شبكة CBS: "قد يكون الإنترنت مجنوناً للغاية في بعض الأحيان"، في إشارة إلى أنها شائعات يتم تناقلها على الإنترنت، مبيناً أنه "يتفق مع ما يقوله عمدة المدينة؛ لأنه الأدرى بما يدور فيها"، على حد وصفه.
وعلق عمدة سبرينجفيلد روب رو، الخميس، على خطورة الادعاءات الكاذبة مشيراً إلى أنها "تؤذي المجتمع"، معبراً عن إحباطه بأنه كان من ضمن المتداولين لهذه الادعاءات جي دي فانس السيناتور عن ولاية أوهايو، والمرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس.
وأفادت رو لشبكة CNN: "لسوء الحظ، يتعين علينا الآن التركيز على التأكد من تبديد هذا الخطاب، وأن هذه الشائعات ليست صحيحة".
ولم يتوقف فانس عن الضغط على سبرينجفيلد بمزيد من الادعاءات، إذ قال، الجمعة، في منشور على منصة "إكس": "إن المدينة شهدت ارتفاعاً هائلاً في الأمراض المعدية، وأسعار الإيجار، وأسعار تأمين السيارات، والجريمة"، معللاً بأن ذلك يحدث عندما "يتجمع 20 ألف شخص في مجتمع صغير". متهماً سياسة هاريس في مجال الهجرة، بأنها "تهدف إلى تحقيق هذا الأمر في كل مدينة داخل بلدنا".
ووفقاً لموقع مدينة سبرينجفيلد الإلكتروني، يُقدر إجمالي عدد المهاجرين في مقاطعة كلارك بحوالي 12 ألفاً إلى 15 ألفاً، وهو ما يمثل "جزءاً كبيراً من السكان"، وهم موجودون بشكل قانوني، إذ تؤكد المدينة بشكل قاطع في قسم الأسئلة الشائعة على موقعها الإلكتروني على قانونية أوضاع المهاجرين بموجب برنامج الإفراج المشروط للهجرة".
وأوضح الموقع أنه بمجرد وصولهم للمدينة، يصبح المهاجرون مؤهلين للتقدم بطلب للحصول على وضع الحماية المؤقتة (TPS). (وهو برنامج يسمح لرعايا بلدان معينة بالبقاء في الولايات المتحدة حتى تتحسن ظروف بلدهم الأم، ومن ضمن هذه البلدان هايتي، وهذه الظروف تتعلق بالنزاعات المسلحة المستمرة، والكوارث البيئية، وانتشار الأوبئة، وكذلك ظروف استثنائية".
رسالة لمجلس الشيوخ
وفي يوليو الماضي، وجه مدير المدينة برايان هيك، إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي شيرود براون من أوهايو، وتيم سكوت من ساوث كارولاينا رسالة قال فيها: "إن نقص الإسكان كان بمثابة أزمة للمدينة منذ عام 2018، وإن التوسع السكاني في المدينة أضاف المزيد من الضغوط"، الأمر الذي يدفع البعض إلى "القلق بشأن الموارد العامة المخصصة لهذا التحدي على المدينة"، وفقاً لشبكة CNN.
ووفقاً لنظام المدينة، فإنه "يحق للمهاجرين الحاصلين على وضع الحماية المؤقتة، الحصول على المساعدة المالية، وخدمات الصحة، والتغذية وخدمات التوظيف والتعليم والإسكان".
وذكرت CNN أنه "نظراً لأن المهاجرين الحاصلين على وضع الحماية المؤقتة يجب عليهم، التقدم بطلب للحصول على وثيقة تصريح عمل قد يستغرق الحصول عليها عدة أشهر، لذلك فقد يحتاجون إلى المساعدة حتى يتمكنوا من البحث عن عمل بشكل قانوني".
وتقول المدينة إن "العمال الهايتيين يلعبون دوراً هاماً في اقتصادها، إذ يشغلون الوظائف التي تشتد الحاجة إليها في الصناعة والرعاية الصحية وغيرها من المجالات".
وفي هايتي، يُنظر إلى برنامج الإفراج المشروط لإدارة بايدن، على أنه "هجرة للعقول"، إذ يستهدف الأفراد من الطبقات العليا والمتوسطة المتعلمة تعليماً عالياً ومتعددة اللغات في الدولة الكاريبية.
وأبلغ العديد من الأشخاص الآخرين في سبرينجفيلد شبكة CNN، أنهم "يشعرون بالفزع إزاء خطاب الكراهية والعنصرية، التي يرون أنها أثيرت في المدينة لأغراض سياسية".
"الحاجة للمساعدة وليس الكراهية"
وكانت قد انفجرت التوترات بشأن النمو السكاني الهايتي في سبرينجفيلد هذا الأسبوع، بعد أن ردد الرئيس السابق دونالد ترمب خلال المناظرة الرئاسية الشائعات التي تقول إن "الهايتيين يسرقون الحيوانات الأليفة ويأكلونها"، ما دفع عمدة المدينة إلى الرد بأن مدينته"تحتاج إلى المساعدة، وليس الكراهية التي أثارها الساسة والمتطرفون"، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".
ودفعت الادعاءات من قبل الجمهوريين إلى زيادة موجة العنف، إذ تعرضت المدينة، الخميس، إلى تهديدات بالقنابل تسببت في "إخلاء مواقع حيوية".
وأوردت صحيفة سبرينجفيلد، الخميس، أنه "تم إغلاق العديد من المباني التابعة للمدينة والمقاطعة والمدارس، بسبب تهديد بوجود قنبلة في العديد من المرافق في جميع أنحاء المدينة"، كما تم إخلاء مبنى البلدية.
الإبلاغ عن التهديدات
وذكرت رئيسة شرطة سبرينجفيلد أليسون إليوت في مؤتمر صحافي، الخميس، أن عدداً من المواقع تعرضت للتهديدات التي طالت "مبنى البلدية ومكتب المركبات الآلية، ومركز اختبار السائقين، ومكتب ترخيص ولاية أوهايو على الجانب الجنوبي، وأكاديمية سبرينجفيلد للتميز، ومدرسة فولتون الابتدائية، وحيث كانت هذه المواقع "مذكورة في التهديد، وتم الكشف عليها باستخدام الكلاب الكاشفة للمتفجرات".
وتابعت إليوت: "أود أن أؤكد أننا ملتزمون بشدة بسلامة مجتمعنا بأكمله، السلامة مسؤولية مشتركة، وأطلب من الجميع الإبلاغ عن أي تهديدات".
وأكدت كارين جريفز، مديرة المشاركة الاستراتيجية لمدينة سبرينجفيلد، أن "مبنى البلدية ظل مغلقاً طوال يوم الخميس".
وبحسب بيان، الخميس، فإن جميع مباني مقاطعة كلارك وسط أوهايو، تم إغلاقها "من باب الحيطة والحذر"، بما في ذلك جميع أقسام اللجنة، ووزارة العمل والخدمات الأسرية، ومحكمة الاستئناف، ومجلس الانتخابات، ومبنى إيه بي جراهام.
وأخلت مدارس مدينة سبرينجفيلد الطلاب من مدرسة فولتون الابتدائية صباح الخميس.
وقال ضابط الشرطة "أنه تم إبلاغ الآباء القلقين بإخلاء مدارس أطفالهم، ونقلهم إلى مدرسة سبرينجفيلد الثانوية كإجراء احترازي".