أفادت تقارير وسائل إعلام إسرائيلية بشأن صفقة جديدة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب "أمل جديد" جدعون ساعر ينضم بموجبها الأخير إلى الائتلاف الحكومي في تل أبيب، بأن نتنياهو سيمنح ساعر "الحق في الاعتراض على إصلاحات قضائية مثيرة للجدل، بالإضافة إلى إبداء الرأي في اختيار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد".
وتأتي تقارير وسائل الإعلام العبرية، التي حددت الشروط المفترضة للصفقة، وسط موجة من الشائعات، تفيد بأن نتنياهو يستعد لإقالة وزير الدفاع يوآف جالانت، ويفكر في تعيين ساعر بديلاً له، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وأشار موقع "والا" الإخباري، إلى أن ساعر سيُمنح سلطة وقف أي مبادرات تشريعية تهدف إلى الحد من سلطة القضاء، ما يعرقل بشكل فعلي جهود وزير العدل ياريف ليفين لإحياء المبادرة، التي جُمدت إلى حد كبير بعد هجوم السابع من أكتوبر.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية "مكان" عن مسؤول في مكتب رئيس الوزراء قوله، إن "نتنياهو يستعد لإقالة وزير الدفاع يوآف جالانت، ويدرس تعيين جدعون ساعر بديلاً له".
وفي حال عدم نجاح مساعي تعيين ساعر، المنتمي حالياً للمعارضة، فقد يُعرض عليه منصب وزير الخارجية، بينما يتسلم يسرائيل كاتس حقيبة الدفاع بدلاً من جالانت، بحسب ما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن القناة الثانية عشرة الإسرائيلية، التي ذكرت أيضاً أن عضوي الكنيست من حزب "أمل جديد" زئيف إلكين وشارين هاسكل، ربما يُعرض عليهما حقائب وزارية.
وأعرب ساعر، وهو وزير عدل سابق، عن معارضته لأجزاء كبيرة من الإصلاحات، التي قال هو ومنتقدون آخرون إنها "تقوّض الديمقراطية الإسرائيلية"، فما دعا ليفين وأعضاء آخرون في حكومة نتنياهو مؤخراً إلى إحياء مبادرة الإصلاح.
قائد جديد للجيش
علاوة على ذلك، ذكرت كل من صحيفة "هآرتس" وموقع "واي نت" التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن نتنياهو وساعر اتفقا على اختيار مشترك لرئيس أركان جديد للجيش الإسرائيلي ليحل محل الفريق أول هرتسي هاليفي، الذي يقال إنه يستعد للاستقالة في أواخر ديسمبر.
وذكرت "هآرتس" أنه لم يتضح بعد ما إذا كانا يعتزمان الانتظار حتى يستقيل هاليفي أو إجباره على الرحيل. كما نقل التقرير عن مصادر لم يكشف عن هوياتها قولها إن رئيس الوزراء يضع الأساس لإقالة جالانت من خلال نشر شائعات مفادها أن وزير الدفاع يعارض تنفيذ عملية عسكرية في الشمال.
وفي مسعى واضح لدحض هذه الادعاءات، أكد جالانت، الاثنين، أن العمل العسكري ضد جماعة "حزب الله" اللبنانية، هو الطريقة الوحيدة لإعادة عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من الشمال إلى منازلهم.
كان أعضاء حكومة نتنياهو يطالبون بإقالة جالانت منذ أشهر، بعدما أغضبتهم من بين مسائل أخرى، معارضته لمشروع قانون التجنيد العسكري لليهود المتشددين (الحريديم)، الذي تدعمه الحكومة، ومخالفته بشكل علني لرئيس الوزراء بشأن شروط الصفقة المقترحة للإفراج عن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، والسيطرة على "محور فيلادلفيا" في القطاع.
في المقابل، نفى مكتب رئيس الوزراء إجراء مفاوضات مع ساعر، وزعم متحدث باسم ساعر أنه "لا يوجد شيء جديد" في هذا الشأن.
وربما تكون إحدى نقاط الخلاف التي تؤخر الانتهاء من الاتفاق هي اعتراضات زوجة رئيس الوزراء، سارة نتنياهو، وفقاً لتقارير وسائل إعلام عبرية. ونقل موقع "والا" عن مصادر سياسية لم يسمها قولها: "سارة نتنياهو عارضت التعيين، ووافقت عليه وتراجعت عنه مرة أخرى".
تحذيرات من إقالة جالانت
مع ذلك، انتقد مشرعون من تيار الوسط نتنياهو لانشغاله بالصراعات السياسية بدلاً من التركيز على المهمة الرئيسية.
وكتب النائب بيني جانتس المنتمي لتيار الوسط على منصات التواصل الاجتماعي: "بدلاً من انشغال رئيس الوزراء بالانتصار على حماس، وإعادة الرهائن، والحرب ضد حزب الله والسماح للسكان (الذين تم إجلاؤهم) من الشمال بالعودة إلى منازلهم، فإنه مشغول بالأمور السياسية التافهة وتغيير وزير الدفاع".
وأشارت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إلى أن منتدى الأعمال الإسرائيلي، الذي يمثل معظم العاملين في القطاع الخاص بالبلاد، حض نتنياهو على عدم المضي قدماً في الخطط المبلغ عنها لإقالة جالانت، محذراً من أنها ستٌلحق المزيد من الضرر بالاقتصاد المتأثر بالفعل جراء الحرب.
وحذّر المنتدى الذي يضم 200 شركة رائدة، تشمل سلاسل مراكز تجارية، ومؤسسات مصرفية، من أن إقالة جالانت من شأنها أن تضعف إسرائيل أيضاً في نظر أعدائها، وستؤدي إلى انقسامات اجتماعية أعمق بين شعبها.
وقال المنتدى: "من الواضح أن استبدال وزير الدفاع مقابل صفقة سياسية بشأن التشريع الذي يسمح باستبعاد (اليهود المتشددين) من الخدمة العسكرية، سيفاقم الفجوة في تقاسم الأعباء بقدر متساوٍ".
وأضاف أن هذا القرار "سيؤدي إلى زيادة الاستياء بشكل كبير في أوساط عامة الناس الذين يتحملون عبء الخدمة (العسكرية)، والعبء الاقتصادي".
وتابع المنتدى: "رئيس الوزراء يعرف أفضل من أي شخص آخر أن جميع المؤشرات الاقتصادية تُظهر أن إسرائيل تتدهور إلى هاوية اقتصادية، وتغرق في ركود عميق".
فيما قال مسؤول أميركي لموقع "أكسيوس"، إنه "سيكون من الجنون أن يقيل نتنياهو وزير دفاع ذي خبرة مثل جالانت وسط حرب في غزة، في الوقت الذي قد تتجه فيه إسرائيل نحو حرب شاملة محتملة في لبنان".
وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها نتنياهو إقالة جالانت، فالخلاف بين الاثنين دائر بشأن عدد من القضايا الحكومية، وتزايد مؤخراً ليشمل إدارة الحرب في قطاع غزة، وشروط الإفراج المحتمل عن المحتجزين، وإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة "حماس".
وتنتشر منذ أشهر شائعات عن نية رئيس الوزراء الإسرائيلي استبدال جالانت، في حين سبق أن نفى ساعر في يوليو الماضي، أنه تلقى عرضاً يعيده إلى الائتلاف الحاكم.
علاقات متوترة
والعلاقات بين نتنياهو وجالانت كانت متوترة منذ أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي في مارس 2023 عن إقالة وزير الدفاع؛ بسبب انتقاده للتعديلات الحكومية على القضاء، قبل أن يتراجع عن قراره بعد أسبوعين تحت ضغط شعبي كبير.
وانتقد ساعر بشدة نتنياهو عقب إقالة جالانت، وقال على منصة "إكس"، إن رئيس الوزراء كان يدفع إسرائيل "إلى هاوية".
وتجددت الخلافات بين نتنياهو وجالانت بعد جلسة إحاطة للأخير مع لجنة في الكنيست بشأن شكل الرد الإسرائيلي على التوترات مع "حزب الله"، ومفهوم "النصر الكامل في غزة".
ودعا أعضاء في حكومة نتنياهو إلى إقالة جالانت منذ عدة أشهر، وذلك بسبب عدة قضايا، من بينها معارضته لقانون يرخص عدم تجنيد "الحريديم" في الجيش، والذي تدعمه الحكومة. كما عارض وزير الدفاع بشكل علني مواقف رئيس الوزراء من صفقة المحتجزين، والسيطرة على محور فيلادلفيا في غزة.
ويطالب وزير الأمن الداخلي إيتمار بن جفير، الذي يرأس حزباً قومياً متطرفاً في ائتلاف نتنياهو، منذ شهور بتغيير جالانت. وقال بن جفير في إشارة إلى تصعيد محتمل مع "حزب الله"، إنه "يجب علينا حل الوضع في الشمال، وجالانت ليس الرجل المناسب لقيادة هذا".