وزير الخارجية المصري لـ"الشرق": مياه النيل "قضية وجودية" وتقسيم السودان "خط أحمر"

عبد العاطي: مصر قادرة على الدفاع عن أمنها المائي.. وسياسات إسرائيل لا تخدم سوى التصعيد

time reading iconدقائق القراءة - 7
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مقابلته مع "الشرق". 20 سبتمبر 2024 - "الشرق"
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مقابلته مع "الشرق". 20 سبتمبر 2024 - "الشرق"
واشنطن-هبة نصر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن مصر دولة قادرة على الدفاع عن مصالحها وأمنها المائي في قضية سد النهضة الإثيوبي، مشدداً على أن تقسيم السودان "خط أحمر لا يمكن القبول به"، محذراً من أن "عمليات القتل المستمرة في غزة عنصر دافع لعمليات التصعيد بالمنطقة".

وأكد وزير الخارجية المصري، في مقابلة مع "الشرق"، تمسك القاهرة بـ"حقوقها المائية" في نهر النيل، و"لا تفريط فيها ولا تهاون"، كما وصف المياه بأنها "قضية وجودية وقضية حياة أو موت بالنسبة لمصر"، التي قال إنها "الدولة الوحيدة التي تعتمد بشكل كامل على مصدر وحيد للمياه، وهو نهر النيل الخالد"، لافتاً أن هذا النهر "دولي عابر للحدود، وبالتالي ينطبق عليه القانون الدولي".

ورداً على سؤال "الشرق" بشأن عدم استبعاد العمل العسكري في قضية "سد النهضة"، قال عبد العاطي: "سندافع عن مصالحنا في إطار القانون الدولي".

وأضاف: "مصر دولة قادرة على الدفاع عن مصالحها وأمنها المائي، وبالتأكيد في حالة وقوع ضرر سندافع عن مصالحنا دون أي تهاون، لأن الأمر يخص مصالح وأمن واستقرار أكثر من 110 ملايين نسمة، ولا يمكن أن نضع مصالح هذا الشعب العظيم رهينة لأهواء طرف هنا أو هناك".

وقال عبد العاطي: "لا بد هنا أن نؤكد على حق مصر في حماية أمنها المائي وصيانته"، مضيفاً أن "مياه النيل ليست منحة من أي طرف، وإنما منحة من الله عز وجل، وهي موارد طبيعية نتشارك بها طالما أنها تعبر الحدود".

وأوضح أن "جميع مسارات التفاوض مع إثيوبيا توقفت منذ 2023، نتيجة المراوغة والتفاوض بسوء نية"، لافتاً إلى أن هذه المفاوضات التي استغرقت 13 عاماً "دون أن نصل إلى شيء، وكان هناك استغلال للمفاوضات لفرض الأمر الواقع عن طريق بناء السد".

ودعا وزير الخارجية المصري إلى "اتفاق قانوني ملزم حول تشغيل سد النهضة الإثيوبي"، مشدداً على أن ذلك أمر "لا يمكن التنازل عنه"، وأن هذا الاتفاق يجب أن يتضمن مبادئ قانونية "لا يمكن التنازل عنها، وأهمها مبدأ عدم إلحاق أي ضرر بمصالح دول المصب، فضلاً عن أهمية الإخطار المسبق لأي مشروعات تتم على نهر النيل".

وأشار عبدالعاطي إلى أن "النيل نهر دولي، وليس نهراً تملكه إثيوبيا أو أية دولة أخرى، وإنما هو نهر عابر للحدود؛ وبالتالي تنطبق عليه قواعد القانون الدولي".

ونفى عبد العاطي أي علاقة للقوات المصرية في الصومال بالتوتر مع إثيوبيا.

"تقسيم السودان خط أحمر"

وأشار وزير الخارجية المصري، خلال حديثه لـ"الشرق"، إلى أن "هناك كارثة إنسانية في السودان"، واصفاً الاهتمام الغربي بما يجري هناك بأنه "ضعيف للغاية".

وشدّد عبد العاطي على أن مصر "مع وحدة السودان، والدعم الكامل لمؤسسات الدولة"، كما أكد أن "تفتيت وتقسيم السودان خط أحمر، لن نقبل به".

وتحدث الوزير عن "الجهود الكبيرة" التي تبذلها مصر في السودان، وقال إنه "كان لنا السبق بجمع كل الأطياف السياسية السودانية في القاهرة".

وأضاف أن "هناك تدفقاً للأسلحة داخل السودان، يؤدي إلى صب مزيد من الزيت على النار"، لافتاً إلى أن القاهرة "تنسق مع الأطراف كافة للتوصل لوقف إطلاق النار.. لقد نجحنا في إقناع الدولة السودانية بفتح معبر إدري الحدودي مع تشاد".

ولفت الوزير المصري إلى أن بلاده تتحمّل "أعباءً اقتصادية هائلة نتيجة لما يحدث في السودان دون دعم دولي"، مشيراً إلى "تدفق كبير من السودانيين إلى مصر في ظل موارد محدودة، ووضع اقتصادي ليس سهلاً، نتيجة تداعيات أزمات غزة وأوكرانيا وقناة السويس".

وقال عبد العاطي: "كان لي لقاء مطول مع المبعوث الأميركي إلى السودان اليوم، وكانت رسالتنا لهم (الولايات المتحدة) واضحة، فنحن نشجع الجانب الأميركي على مزيد من التواصل مع الحكومة السودانية الشرعية، ومن غير المنطقي أن نضع كل الأطراف على قدم المساواة، فهناك حكومة شرعية لا بد من دعمها والتفاعل معها، حتى نستطيع التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار ونفاذ المساعدات وبما يؤسس لبدء عملية سياسية شاملة لا تقصي أحداً، وتضمن إقامة نظام ديمقراطي مفتوح في السودان يسع لكل الأطياف بها".

حرب غزة والبحر الأحمر

وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن "إسرائيل تخلق توتراً في الشرق الأوسط لا يخدم مصالح الاستقرار"، مشدداً على أن "عمليات القتل المستمرة في غزة عنصر دافع لعمليات التصعيد بالمنطقة". 

وأضاف عبد العاطي، لـ"الشرق"، أنه تحدّث مطولاً مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، "للعمل على التدخل والضغط على الجانب الإسرائيلي"، من أجل "التوقف عن السياسات الأحادية التي لا تخدم سوى التصعيد، ولا تخدم مصالح الاستقرار في المنطقة"، مشيراً إلى أن القاهرة "حذّرت مراراً وتكراراً من فتح جبهة أخرى في المنطقة نتيجة لسياسات أحادية واستفزازية"، يقوم بها طرف "من أجل التصعيد في المنطقة".

واعتبر الوزير المصري أن "التصعيد في لبنان والبحر الأحمر والمنطقة بأكملها مرتبط بالعمل على وقف إطلاق النار في غزة"، مؤكداً أن "القاهرة معنية بالاستقرار، والجهود مستمرة لمنع انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة".

وذكر عبد العاطي أن "مصر أكبر طرف متضرر من عدم الاستقرار في البحر الأحمر"، مشيراً إلى أن "الخزانة المصرية تخسر 600 مليون دولار شهرياً، بسبب انخفاض عائدات قناة السويس، و6 مليارات دولار هي إجمالي الخسائر".

ولفت وزير الخارجية المصري إلى أن "التواصل مع إيران مستمر، وهدفنا وقف التصعيد وعدم انزلاق المنطقة لحرب إقليمية"، مضيفاً: "تواصلت مع وزير الخارجية الحالي بهدف إيصال رسالة مفادها، ضرورة وقف التصعيد وعدم انزلاق المنطقة لحرب إقليمية، والحفاظ على سيادة لبنان ووحدة أراضيه".

لا إرادة سياسية في إسرائيل

واعتبر وزير الخارجية المصري في حديثه لـ"الشرق"، أن "المشكلة الحقيقية أمام وقف إطلاق النار في غزة، هي غياب الإرادة السياسية في إسرائيل"، مشيراً إلى أنه "لا خلافات واسعة بشأن صفقة غزة الحالية، لكن نحتاج لتوافر الإرادة السياسية".

وأكّد عبد العاطي أن "الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة، لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين".

وتلعب مصر إلى جانب الولايات المتحدة وقطر دور الوساطة بين إسرائيل وحركة "حماس"، من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ينهي الحرب المستمرة منذ قرابة العام، والتي أودت بحياة أكثر من 40 ألف فلسطيني.

وشدّد عبد العاطي على أنه "لا بد لإسرائيل أن تنسحب من معبر رفح ومحور فيلادلفيا، والعودة لوضع ما قبل 7 أكتوبر".

كما أكد الوزير المصري على أنه "لا حديث عن اليوم التالي للحرب، إلا بعد وقف الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، ووقف إطلاق النار، وتمكين السلطة الفلسطينية، باعتبارها السلطة الشرعية المعنية بإدارة شؤون غزة، والتأكيد على وحدة القطاع مع الضفة الغربية، وبدء مسار جدّي يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية".

وشدد أيضاً على أنه "لا حل شامل ولا استقرار دون إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، وعلى رأسها حق تقرير المصير".

تصنيفات

قصص قد تهمك