شن الجيش السوداني قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم، الخميس، حسب ما أفادت مصادر لـ"الشرق"، في إطار ما قد يكون أكبر عملية له لاستعادة الأراضي هناك منذ بداية الحرب المستمرة منذ 17 شهراً مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وجاء هجوم الجيش، الذي فقدت السيطرة على معظم أنحاء العاصمة في بداية الصراع، قبل كلمة من المقرر أن يلقيها قائدها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في وقت لاحق من الخميس.
ووفق مصادر "الشرق"، انطلق تقدم الجيش في عدة محاور بالعاصمة الخرطوم، فجراً، بعبور قوات تابعة له جسري النيل الأبيض الرابط بين الخرطوم وأم درمان، والحلفايا الذي يربط مدينتي بحري وأم درمان، مصحوباً بغارات جوية.
وأكدت المصادر توغل الجيش داخل مناطق سيطرة الدعم السريع في منطقة وسط الخرطوم الاستراتيجية (السوق العربي)، حيث عمل على تحييد جسر "المك نمر" الرابط بين منطقة وسط الخرطوم ومدينة الخرطوم بحري، وبث جنوده فيديوهات وصولهم منطقة "الكدرو" شمال الخرطوم.
وقصف سلاح الجو مواقع الدعم السريع جنوبي الخرطوم، وفي مناطق متاخمة للسوق المركزي.
في الأثناء قال مستشار قائد الدعم السريع الباشا طبيق، عبر منصة إكس، إن قواتهم دمرت قوات تابعة للجيش حاولت عبور جسر النيل الأبيض الرابط بين مدينتي الخرطوم وأم درمان، بينما لم يعلق على المعارك في شمال وجنوب الخرطوم.
واستعاد الجيش بعض الأراضي في أم درمان في وقت سابق من هذا العام، لكنه يعتمد في الغالب على المدفعية والغارات الجوية، ولم يتمكن من طرد قوات الدعم السريع الأكثر كفاءة على الأرض من أجزاء أخرى من العاصمة.
مخاوف في دارفور
وواصلت قوات الدعم السريع أيضاً إحراز تقدم في أجزاء أخرى من السودان في الأشهر القليلة الماضية، في صراع تسبب بأزمة إنسانية واسعة النطاق ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص ودفع مناطق من البلاد إلى الجوع الشديد أو المجاعة.
وتعثرت جهود دبلوماسية تبذلها الولايات المتحدة وقوى أخرى، ورفض الجيش حضور محادثات كانت مقررة الشهر الماضي في سويسرا.
واشتدت المعركة هذا الشهر للسيطرة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان. وتحاول قوات الدعم السريع التقدم من مواقع تحيط بالمدينة لمواجهة الجيش.
والفاشر هي آخر معاقل الجيش في دارفور حيث تقول الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إن قوات الدعم السريع وحلفاءها تشن هجمات على أساس عرقي، وإن الوضع الإنساني حرج بشكل خاص. وتنفي قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن العنف.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الخميس، إنه وثق عمليات إعدام دون إجراءات قضائية مناسبة وكذلك جرائم عنف جنسي وعنف قائم على النوع واختطاف نساء وشبان في الفاشر، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الضحايا والمصابين المدنيين.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: "من خلال تجربة الماضي المريرة، فإنه إذا سقطت الفاشر سيكون هناك خطر كبير من وقوع انتهاكات واعتداءات تتحدد أهدافها على أساس عرقي، بما في ذلك الإعدام دون إجراءات قضائية مناسبة والعنف الجنسي، من قبل قوات الدعم السريع والجماعات المتحالفة معها".
وطالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام للمنظمة أيضاً بإنهاء حصار الفاشر، حيث يعيش أكثر من 1.8 مليون من السكان والنازحين.
وتعثرت جهود دبلوماسية تبذلها الولايات المتحدة وقوى أخرى مع رفض الجيش حضور محادثات كانت مقررة الشهر الماضي في سويسرا.