سلاح إيران النووي.. عام من العمل المكثف في ظل تعقيدات تقنية

time reading iconدقائق القراءة - 7
دبي -الشرق

يرى خبراء الطاقة النووية أن إيران تحتاج إلى أكثر من مجرد أسابيع لبناء قنبلة نووية، إذ أنهم يعتقدون أن طهران تحتاج إلى نحو عام من العمل الدؤوب لإتقان الأساسيات المعقدة لبناء قنبلة ذرية قابلة للاستخدام، حسبما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".

خلال المناظرة الأولى للمرشحين لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الأميركية، كان السؤال الأول يدور حول موقفهما من توجيه ضربة استباقية لإيران من قبل إسرائيل.

وقد وضع هذا السؤال للحاكم تيم والز، والسيناتور جي دي فانس، باعتباره قضية ملحة، لأن طهران "قلصت بشكل كبير الوقت الذي يستغرقه تطوير سلاح نووي"، مما أدى إلى تقليص الزمن المقدر لحصولها على السلاح إلى "أسبوع أو أسبوعين".

وتسلط الفرضية وراء السؤال الذي طرحته مارجريت برينان من CBS News، وهي واحدة من المشرفين على المناظرة، الضوء على الارتباك الشعبي في الولايات المتحدة بشأن ما يتطلبه بناء قنبلة نووية قابلة للاستخدام.

معطيات خاطئة

وقال خبراء الطاقة النووية، الأربعاء، إن إيران لا تحتاج إلى أسابيع لصنع سلاح نووي، بل أشهر وربما عام. وأضافوا أن سؤال برينان أطلق نقاشاً بناءً على معطيات خاطئة.

وقال هيوستن جي وود، الأستاذ الفخري للهندسة الميكانيكية والفضائية في جامعة فيرجينيا للصحيفة: "لا أعتقد أن هناك خطراً من أن تبدأ إيران هذا العام في تفجير الأسلحة النووية".

وقدر الأكاديمي المتخصص في أجهزة الطرد المركزي الذرية وغيرها من التقنيات النووية، أن الأمر قد يستغرق من إيران ما يصل إلى عام واحد لتصميم سلاح بمجرد حصولها على ما يكفي من الوقود النووي.

وبدوره قال سيجفريد إس هيكر، المدير السابق لمختبر الأسلحة في لوس ألاموس في نيومكسيكو لـ"نيويورك تايمز"، إنه من المرجح أن يستغرق الأمر عدة أشهر، وليس أسابيع.

وقال الخبراء، إن سؤال CBS خلط بين الوقت الذي من المرجح أن تستغرقه إيران لتصنيع ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة، وعملية تحويله إلى سلاح بشكل عام.

وبمجرد إنتاج ما يكفي من معدن اليورانيوم، يجب أن يتم إدماجه بعناية في قلب القنبلة الذرية، والتي يتم وضعها بعد ذلك وسط الأجزاء الأخرى من الرأس الحربي النووي الذي سيوضع فوق صاروخ.

سوء فهم واسع

وفي مقابلة أجريت مع "نيويورك تايمز"، قال هيكر، الذي شغل منصب مدير لوس ألاموس في الفترة من عام 1986 إلى عام 1997، إن "الأمر يتطلب خبرة في علم المعادن والهندسة المتقدمين".

وتشير الصحيفة إلى أن "العملية أصعب مما قد يتوقعه المرء. فعلى سبيل المثال، يواجه العاملون في المجال النووي مخاطر صحية، لأن الجسيمات المشعة الصغيرة التي تنشأ أثناء تشكيل الأجزاء النووية يمكن أن تستقر في رئاتهم، وتحفز نمو الأورام السرطانية ما لم يكونوا حذرين".

ورغم أن سؤال CBS يستند إلى فرضية خاطئة، إلا أنه بدا "مناسباً"، حسبما تعتبر "نيويورك تايمز"، في ظل الأوضاع الحالية، بعدما أطلقت إيران 180 صاروخاً على إسرائيل ليلة الثلاثاء في تصعيد دراماتيكي للصراع بين البلدين.

وتعهدت إسرائيل بالرد، وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، إنه لا يؤيد شن هجوم على البنية التحتية النووية الإيرانية.

وينبع سوء الفهم الواسع النطاق لحالة القدرات النووية الإيرانية، من العديد من التقارير العامة الأخيرة التي أعطت جداول زمنية مفصلة لإنتاج إيران للوقود اللازم لصنع قنبلة نووية.

ولكن هذه التقارير لا تقدم سوى القليل من التفاصيل بشأن الخطوات الأخرى التي يتعين على إيران أن تستكملها لبناء سلاح نووي، بما في ذلك إنجازات تنقية الذرات، والهندسة، والتصنيع، والاختبار.

مرحلة "الانفراج النووي"

وتركز التقارير العامة على ما يطلق عليه خبراء الأسلحة "الانفراج النووي"، وهو الوقت الذي قد تستغرقه قوة نووية محتملة للحصول على وقود ذري ​​يكفي لصنع قنبلة نووية.

وعلى سبيل المثال، أعلن تقرير صادر في أغسطس الماضي عن معهد العلوم والأمن الدولي، وهي مجموعة خاصة في واشنطن تتعقب الانتشار النووي، أن إيران طورت خبرتها في صناعة الوقود إلى الحد الذي يمكنها الآن من "الانفراج النووي بسرعة، في غضون أيام". 

ولم يستجب رئيس المعهد ديفيد أولبرايت للأسئلة بشأن الجدول الزمني للمجموعة فيما يتصل بإيران. وإذا نجحت طهران في تحقيق الانفراج النووي، فإنها ستواجه سلسلة من الخطوات الحاسمة الأخرى قبل إنتاج رأس نووي قابل للاستخدام.

ومن بين هذه الخطوات تطوير نظام إطلاق إلكتروني لتفجير مجموعة من المتفجرات التقليدية التي تضغط على قلب النواة النووية، فتبدأ سلسلة من التفاعلات التي تنبعث منها دفعات من الطاقة الذرية.

وبالإضافة إلى ذلك، لا بد من اختبار الرأس الحربي بالكامل بدقة للتأكد من قدرته على تحمل الحرارة غير العادية والاهتزازات الناتجة عن إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي.

ويقول خبراء نوويون، إن العملية الطويلة تنتهي عادة باختبار القنبلة تحت الأرض للتأكد من أن الرأس الحربي سينفجر كما هو متوقع في الحرب.

عوامل إضافية

واستشهدت دراسة أجرتها دائرة أبحاث الكونجرس في مارس الماضي، بتقارير فيدرالية تقول إن طهران تحتاج إلى ما بين أسبوع إلى أسبوعين لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع سلاح واحد.

ولكن الدراسة استشهدت أيضاً بالجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة السابق، بأن إيران ستحتاج إلى "عدة أشهر لإنتاج سلاح نووي فعلي". وقالت إن "مجتمع الاستخبارات الأميركي يقدر أن إيران لم تستأنف العمل على أبحاثها المتعلقة بالتسليح".

وأخيراً، أشارت الدراسة التي أجراها الكونجرس، إلى أن التقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الرقابية التابعة للأمم المتحدة التي تراقب التقدم النووي الإيراني، تشير إلى أن طهران "لا تمتلك بعد تصميماً قابلاً للتطبيق لسلاح نووي أو نظام تفجير متفجر مناسب".

وقال وود، أستاذ جامعة فرجينيا لـ"نيويورك تايمز"، إن هناك العديد من العوامل الإضافية التي تدخل في تقييم التهديد الفعلي الذي قد يشكله البرنامج النووي الإيراني على إسرائيل. وأضاف في مقابلة مع الصحيفة: "لا تريد أن تطلق سلاحاً واحداً، ثم تنفد ذخيرتك".

وأشار وود إلى أن إيران قد ترغب في امتلاك ترسانة من نصف دزينة أو أكثر من الأسلحة قبل أن تختبر سلاحاً تحت الأرض، أو تفجره في الحرب. وأضاف أن المشكلة الكبرى التي تواجه مجالس الحرب والسيطرة على الأسلحة هي أن "امتلاك السلاح الأول من شأنه أن يغير قواعد اللعبة".

تصنيفات

قصص قد تهمك