عاد المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب إلى بتلر بولاية بنسلفانيا، السبت، لحضور تجمع انتخابي في الموقع الذي أطلق فيه مسلح النار عليه خلال يوليو الماضي، في حادث كانت تداعياته بمثابة نقطة تحول في مسار حملته الانتخابية، إذ تؤثر المخاوف الأمنية على تنظيم الفعاليات كما تؤدي إلى إجراءات وقائية صارمة، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
وأشارت الوكالة الأميركية في تقرير، السبت، إلى أنه مع عودة الرئيس السابق إلى بتلر مرة أخرى، يبرز الشعور الحالي بالخوف من التداعيات المستمرة للمرشح، وحملته حتى في ظل تحول قدر كبير من الاهتمام الوطني إلى أزمات أخرى في البلاد.
وذكرت أنه بالإضافة إلى محاولتي اغتيال خلال شهرين، يواجه ترمب تهديدات مستمرة من إيران، التي ألقي باللائمة عليها أيضاً بالوقوف وراء هجمات إلكترونية على كبار مسؤولي الحملة وحلفائهم، ما أدى إلى تفاقم المخاوف المتصاعدة بالفعل؛ بسبب تعزيز إجراءات الأجهزة الأمنية، وفرض قيود جديدة على تنظيم إجراءات حملته.
ويصر حلفاء ترمب على أنه لم يتغير بشكل كبير بعد إطلاق النار عليه من سطح مبنى غير مُؤمَن خلال تجمع حاشد في يوليو الماضي، أو محاولة الاغتيال الثانية في سبتمبر، إلا أن صورة المرشح الجمهوري وهو واقف، والدم يتدفق على وجهه، وهو يرفع قبضته ويصرخ قائلاً: "قاتلوا" أصبحت صورة الحملة التي لا تُنسى، بحسب "أسوشيتد برس".
ونقلت الوكالة عن النائب الجمهوري عن فلوريدا بايرون دونالدز، وهو حليف مقرب من ترمب، قوله: "عندما تكاد تفقد حياتك، فإن شيئاً ما يتغير بداخلك، لكن ذلك لم يغير من عزيمته، عزيمته لا تزال قوية كما كانت دائماً".
تهديدات أعادت تشكيل الحملة
ولفتت الوكالة إلى أن موظفي حملة ترمب باتوا متوترين، بعد توجيه تهديدات بـ"القتل" ضد مساعديه، ولم يعد بإمكان فريقه تنظيم التجمعات الجماهيرية بسرعة كما كان الحال سابقاً، كما يجري الآن حراسة مقر الحملة في فلوريدا من قبل ضباط أمن مسلحين، وطُلب من الموظفين أن يتحلوا باليقظة.
كما ألغيت فعاليات، ونقلت إلى أماكن أخرى، لأن جهاز الخدمة السرية بحماية المسؤولين السياسيين، كان يفتقر إلى الموارد اللازمة لتأمينها بفعالية، وحتى مع استخدام الحواجز الزجاجية لحماية ترمب أثناء تواجده على المنصة، كانت هناك مخاوف بشأن تنظيم تجمعات أخرى في أماكن مفتوحة، بسبب مخاوف تتعلق بطائرات مسيرة.
واتهم ترمب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بتعمد حرمانه من الموارد الأمنية اللازمة لصالح منافسته الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس، من خلال منعه من الحديث أمام حشود كبيرة، إذ قال في مقابلة حديثة مع شبكة Fox News: "لم يتمكنوا من تقديم أي مساعدة لي، وأنا غاضب للغاية من ذلك لأن ما يفعلونه يمثل تدخلاً في الانتخابات".
وقال المتحدث باسم جهاز الخدمة السرية أنتوني جوجليلمي، في بيان، إن ترمب "يتلقى مستويات عالية من الحماية من قبل الجهاز، وأولويتنا القصوى هي تقليل المخاطر لضمان سلامته بشكل مستمر في جميع الأوقات".
ويسافر ترمب الآن رفقة فريق حراسة أمنية أكبر، مع فرض قيود جديدة خارج منزله في منتجع "مار إيه لاجو" في فلوريدا، وتصطف السيارات والرجال المسلحين خارج برج ترمب في نيويورك عندما يتواجد هناك.
تهديدات إيرانية
وأطلعت الاستخبارات الأميركية حملة المرشح الجمهوري قبل نحو أسبوعين على التهديدات المستمرة من إيران رداً على اغتيال إدارته للجنرال قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" السابق في "الحرس الثوري" الإيراني، وهو العمل الذي دفع قادة طهران إلى التعهد بالانتقام له.
وفي أغسطس الماضي، وجهت وزارة العدل الأميركية اتهامات إلى باكستاني يُزعم أنه على صلة بإيران بالتخطيط لتنفيذ اغتيالات سياسية على الأراضي الأميركية، لكن سلطات إنفاذ القانون لم تحدد أهداف المؤامرة المزعومة، إلا أن وثائق قانونية تشير إلى أن ترمب كان هدفاً محتملاً.
واتهمت الولايات المتحدة قراصنة إيرانيين بسرقة معلومات من حملة المرشح الجمهوري ومحاولة نقلها إلى مؤسسات إخبارية، ويقول مدعون عامون إنه في مايو الماضي، بدأ المتهمون في محاولة اختراق حملة ترمب، ونجحوا في اختراق حسابات البريد الإلكتروني لمسؤولي الحملة وحلفاء آخرين للرئيس السابق، ثم سعوا إلى استغلال المواد المسروقة عن طريق إرسال رسائل بريد إلكتروني تطفلية إلى أشخاص مرتبطين بحملة بايدن، لكن لم يستجب أي من مستقبلي هذه الرسائل الذين عملوا مع الرئيس الأميركي.
وأجبرت هذه الهجمات الإلكترونية بعض الموظفين على تغيير عناوين بريدهم الإلكتروني، والبعض الآخر على توخي الحذر عند التواصل عبر الإنترنت.
ويواجه ترمب بالفعل مخاطر قانونية غير مسبوقة كمرشح رئاسي، مع 4 لوائح اتهام جنائية، أدت واحدة منها إلى إدانة جنائية مع تأجيل النطق بالحكم إلى ما بعد الانتخابات، فيما رُفضت واحدة، وهناك اثنتين قيد الانتظار، بالإضافة إلى دعاوى قضائية أخرى تتضمن غرامات محتملة تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.
تدخل "العناية الإلهية"
يتحدث الرئيس السابق بشكل علني في كثير من الأحيان عن تدخل "العناية الإلهية"، معتبراً أن الرب أنقذه من أجل إنقاذ البلاد، كما يقول كثيراً إن المهاجمين يلاحقون الرؤساء المهمين فقط.
ونقلت الوكالة عن النائبة عن نيويورك إليز ستيفانيك، وهي حليفة للمرشح الجمهوري، قولها إنها تحدثت إليه في صباح اليوم التالي لإطلاق النار في بتلر: "تلك اللحظات تجعلك تفكر حقاً في قوة أعلى، لماذا هو ملتزم للغاية بالمساعدة في إنقاذ هذا البلد، أعتقد أن هذه القوة زادت من تمكين وتنشيط الرئيس ترمب".
وعندما سُئل المرشح الجمهوري مؤخراً عما إذا كان قلقاً بشأن سلامته قبل عودته إلى بتلر، أجاب: "أنا دائماً قلق، لكني سأعود إلى هناك؛ لأنني أشعر أن لدي التزام بالعودة، نحن لم ننته أبداً؛ مما كان من المفترض أن نقوم به".
ولم تثنِ محاولات اغتيال ترمب مؤيديه الأكثر ولاءً عن حضور تجمعاته الانتخابية ورؤيته بشكل شخصي، وقد أخبرهم في تجمع حاشد في ويسكونسن، السبت، أنه سيواصل القتال "بغض النظر عن العقبات والمخاطر التي تُلقى في طريقنا".