حث الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، مارك روته، المجتمع الدولي، على التوقف عن القلق بشأن عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب للبيت الأبيض، وتداعياتها على الحرب في أوكرانيا، حسبما نقلت مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
وأكد روته، في حديثه للصحافيين خلال زيارة إلى لندن، الخميس، أنه يعرف ترمب جيداً، قائلاً عن المرشح الجمهوري، إنه "يفهم تماماً ويتفق معي في أن المعركة الحالية في أوكرانيا لا تتعلق بكييف فحسب، بل تتعلق أيضاً بسلامة وأمن الولايات المتحدة في المستقبل".
وأضاف روته أنه شخصياً "ليس قلقاً" بشأن احتمالية فوز ترمب؛ لأن الرئيس السابق "مقتنع تماماً بأن الولايات المتحدة بأكملها ستكون أقل أماناً في حال نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا".
وقالت "بوليتيكو"، إن تعليقات روته يمكن أن "تثير الدهشة في بعض العواصم الأوروبية، وذلك بالنظر إلى رفض ترمب، أن يقول ما إذا كان يريد أن تنتصر أوكرانيا في حربها مع روسيا، وتأكيده على أنه سيجد نهاية تفاوضية سريعة لهذا الصراع".
وجاءت تعليقات روته أثناء مشاركته في محادثات ثلاثية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في مقر الحكومة البريطانية، إذ يقوم الزعيم الأوكراني بجولة سريعة في العواصم الغربية للضغط من أجل الحصول على المزيد من الدعم.
وبعد الاجتماع، قال روته للصحافيين إن "الأمر سيكون متروكاً للحلفاء" لاتخاذ قرارهم بشكل فردي بشأن الموافقة على استخدام الصواريخ بعيدة المدى لضرب أهداف داخل روسيا، وهو ما يدفع زيلينسكي من أجله منذ فترة طويلة.
وحث الأمين العام للناتو، على عدم التركيز على نظام السلاح الواحد، قائلاً: "نظام السلاح الواحد لن يُحدث تغييراً، أتفهم ما يطلبه زيلينسكي، لكنه في الوقت نفسه يتفق معي أيضاً على وجود قضايا أوسع يجب مناقشتها لضمان انتصارهم".
من جانبه، قال المتحدث باسم ستارمر، إن مناقشة الزعماء ركزت على كيفية مساعدة أوكرانيا على أن تكون في أقوى موقف في هذا الوقت الحاسم".
وأضاف: "من الواضح أننا نريد وضع كييف في أقوى موقف، لكن لا توجد حرب تم الانتصار فيها بسلاح واحد فقط".
وكان من المقرر أن يكشف زيلينسكي عن "خطة النصر" في اجتماع لكبار قادة حلف شمال الأطلسي نهاية الأسبوع، إلا أن الاجتماع تأجل بعد انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن، من أجل الإشراف على استجابة حكومة الولايات المتحدة لإعصار ميلتون في فلوريدا.
ترمب وانتقاد الناتو
وقبل بضع سنوات، كان الحلف العسكري يترنّح بعد أن انتقده دونالد ترمب، ووصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "ميت دماغياً"، والآن، بعد أن توسع لمواجهة تهديدات روسيا، أصبح التحدي المتمثل في الحفاظ على تحالف الحرب الباردة كقوة جيوسياسية في أيدي الهولندي مارك روته.
وإذا فاز ترمب بالانتخابات الأميركية في نوفمبر، فسيكون الدعم عبر الأطلسي، موضع شك، مما يشكل تهديداً وجودياً للتحالف الذي تأسس في عام 1949، والذي من شأنه أن يزعزع استقرار بنية الأمن في أوروبا مع دخول حرب روسيا في أوكرانيا عامها الثالث، واعتماد كييف على تدفق ثابت من المساعدات العسكرية والمالية للدفاع عنها، وفق "بلومبرغ".
وستكون العلاقات مع ترمب، حال فوزه بالانتخابات الأميركية، أحد أبرز تحديات ولاية روته الجديدة.
وخلال ولاية الرئيس الأميركي السابق حافظ روته على علاقات جيدة معه، عندما كان رئيساً لمجلس الوزراء الهولندي، على عكس العديد من القادة الأوروبيين الآخرين.
وقال أشخاص مقربون من الأمر، طلبوا عدم كشف هوياتهم أثناء المناقشات الخاصة، إن "السر كان التخطيط والإعداد الدقيق".
وخلال قمة متوترة في عام 2018 عندما هدد ترمب بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي، ما لم تعزز الدول الأوروبية الإنفاق العسكري، تمكن روته من تخفيف التوترات من خلال الادعاء بأن الحلفاء الأوروبيين كانوا بالفعل يدرسون خيارات ترمب.
ومنذ ذلك الحين، لم يتخل روته عن هذا الخط، إذ قال في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" في يناير الماضي، إن ترمب كان محقاً في الشكوى من عجز أوروبا في الإنفاق الدفاعي.
وعندما سُئل عن ولاية ثانية محتملة لترمب، أضاف: "يتعين علينا أن نرقص مع أي شخص على حلبة الرقص".