أعلن مكتب الادعاء العام في إسرائيل، الاثنين، ضبط 7 إسرائيليين يهود من أصل أذربيجاني للاشتباه بتورطهم في "شبكة تجسس" لحساب إيران، وتزويدها بمعلومات استخباراتية عن منشآت عسكرية، ومسؤولين بارزين على مدار عامين، وفق إعلام إسرائيلي.
وأفادت صحيفة "هآرتس"، بأن المتهمين السبعة، وهم يهود هاجروا من أذربيجان ويقيمون في حيفا وشمال إسرائيل، بينهم جندي هارب من الخدمة العسكرية وقاصران، "نفذوا ما بين 600 و700 مهمة لجمع معلومات استخبارية، تحت إشراف المخابرات الإيرانية".
وشملت هذه المهام "جمع معلومات عسكرية"، ويُتهم المشتبه بهم بتلقي مئات الآلاف من الدولارات في صورة تحويلات نقدية وعملات رقمية من سياح روس.
ووفقاً للشرطة، فإن اعتقالهم جاء بسبب مخاوف من أن أنشطتهم يمكن أن تعرّض حياة الناس للخطر، لا سيما بعد أن بدأوا في جمع معلومات عن مسؤولين إسرائيليين بارزين.
مواقع عسكرية حساسة
وألقي القبض على 3 من المشتبه بهم أثناء تصوير مواقع (عسكرية) حساسة في جنوب إسرائيل، وعثرت الشرطة على عشرات الوثائق بحوزتهم، بحسب الصحيفة.
وأفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، نقلاً عن ممثلي ادعاء بأن المشتبه بهم "متهمون بتصوير وجمع معلومات عن قواعد ومرافق الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك مقر قاعدة كيريا العسكرية في تل أبيب، وقاعدتي نيفاتيم ورامات ديفيد الجويتين"، بالإضافة إلى مواقع بطاريات صواريخ "القبة الحديدية".
ولفتت الصحيفة إلى أن قاعدة "نيفاتيم" استهدفت في كل الهجمات الصاروخية الإيرانية هذا العام، كما استهدفت قاعدة "رامات ديفيد" من قبل جماعة "حزب الله" اللبنانية.
كما يُتهم المشتبه بهم بتلقي خرائط لمواقع استراتيجية من مشغليهم، بما في ذلك قاعدة "جولاني" التي استهدفت في غارة بطائرة مسيرة في وقت سابق هذا الشهر.
شبكة تعمل منذ عامين
وبحسب مصادر إسرائيلية، تتعلق القضية بشبكة تجسس لصالح الإيرانيين، استمرت لمدة عامين تقريباً، وبدأت التحقيقات بعد أن تلقى جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" معلومات منذ نحو شهرين، وبدأ نشاطه الاستخباراتي. وفي مرحلة ما، دخلت الشرطة على الخط، وأصبح التحقيق علنياً. ومن خلال الأدلة التي ظهرت، تبين أن النشاط استمر لمدة عامين.
وقال المقدم يارون بنيامين من وحدة التحقيق في الجرائم الأمنية: "نحن في المراحل النهائية من التحقيق. هذه إحدى أخطر القضايا التي تم التحقيق فيها. الاحتمالات عالية جداً لتقديم تهمة التعاون مع العدو خلال الحرب، وهي جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن مدى الحياة".
وأضاف: "المتورّطون هم 7 متهمين، اعتُقلوا منذ 19 سبتمبر. قاموا بتنفيذ ما بين 600 إلى 700 مهمة لصالح الإيرانيين على مدى عامين، موزعة على 3 محاور: جمع معلومات عن منشآت حساسة، والقواعد العسكرية، وتحديد أهداف بشرية، وكانت جميع هذه المهام تهدف إلى تسهيل ضربات إيرانية محتملة".
وذكر أنه "قبل نحو شهر، استهدفت إيران عدة مواقع، وكان معظمها مواقع قامت هذه الشبكة بجمع معلومات عنها، مثل (القواعد العسكرية) رامات دافيد، نيفاتيم، وجليلوت. ولا يزال هناك تحقيقاً بشأن احتمالية استهداف رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو). حتى بعد القصف الإيراني، طُلب من المتهمين تقييم الأضرار لتحسين الضربات المستقبلية".
"أب ونجله"
وبحسب المقدم يارون، "تلقت هذه الشبكة مئات الآلاف من الشواقل كمدفوعات عبر العملات المشفرة والنقد. وكان هناك عدداً من المرات التي جاء فيها أشخاص من روسيا لتقديم الأموال لهم".
وأضاف: "تم العثور على عشرات الوثائق التي تحتوي على التعليمات لتنفيذ المهام، مثل تصوير منشأة جليلوت، السفر، التفريغ، البحث، المراقبة، التصوير من زوايا مرتفعة، ونقل المعلومات لإيران عبر برامج مشفرة".
وأوضح أن المشتبه بهم السبعة، بينهم أفراد من عائلة واحدة (أب ونجله). ومن المتوقع توجيه لائحة اتهام، الجمعة، وحالياً، تنتظر النيابة العامة اتخاذ القرار النهائي.
وبين أن "المجموعة تتألف من قاصرين اثنين و5 بالغين. قائد المجموعة هو الذي جلب الباقين معه، وقد حصل على المهمة منذ عامين عبر وسيط في تركيا، وطُلب منه تجنيد عملاء داخل البلاد، وهو ما فعله".
ومضى قائلاً: "جميع المتورطين هم من أذربيجان ومقيمون في إسرائيل، وجميعهم يهود من سكان الشمال (الكريات وحيفا). بعضهم حصل على الجنسية الإسرائيلية بموجب قانون العودة، وهناك أسباب أخرى قيد التحقيق"، لافتاً إلى أن "الدافع الرئيسي كان المال".
"داوفع مالية"
يقول المقدم يارون، "بدأت القضية بعد معلومات قدمها الشاباك، وتم إجراء تحقيق سري قصير؛ لأننا لم نرغب في المخاطرة بحياة الأشخاص نتيجة لجمع المعلومات. بعد أن تبين أنهم يتتبعون أهدافاً بشرية، تم تحويل التحقيق إلى علني. قبل ذلك، قمنا بعمليات مراقبة، واتضح أنهم كانوا متعطشين للمهام بسبب حاجتهم الماسة للمال".
ولفت إلى أنه "في بعض الأحيان، كانوا (المتهمون) ينفذون 3 أو 4 مهام يومياً، وتطوّرت طبيعة المهام من البسيطة إلى الأكثر حساسية على مدار العامين".
وأكد أن "هذا الحدث غير مسبوق، ولا أذكر وجود عملية إرهابية امتدت لفترة طويلة بهذا الشكل المنظم والمتواصل. من جهة، نشعر بالرضا عن الوصول لهذه النتيجة، لكن من جهة أخرى، نحن قلقون حول الواقع الذي نعيشه".
ضبطوا متلبسين
وكشفت المصادر أنه "تم القبض على 3 من المتهمين أثناء تنفيذهم عملية تصوير في جنوب البلاد. وكانت هذه الإشارة لاعتقال البقية".
ونوّهت بأن "الإيرانيين لا يعملون بشكل مباشر مع عملاء داخل البلاد، بل يستخدمون وسطاء في تركيا"، مضيفة أنه "تم تنفيذ اعتقالات في تركيا وأذربيجان. الوسيط هو الذي قام بتجنيد الجواسيس في إسرائيل، واستلام المعلومات ونقلها للإيرانيين".
وأكدت أن "المتهمين كانوا على علم بأن المعلومات تُنقل إلى إيران. وفي مرحلة ما، اعترفوا بأنهم أصبحوا مدمنين على الأموال"، موضحة أن "القاصرين يبلغان من العمر 16 و17 عاماً، والبالغين تتراوح أعمارهم بين 45 و50 عاماً، ولم يخدم أي منهم في الجيش".
"أهداف بشرية"
وفيما يتعلق بالمعلومات التي جمعها المتهمون، قالت المصادر إن "الشبكة جمعت معلومات عن أهداف بشرية، أبرزها قائد قاعدة نيفاتيم وابنه. وتم القبض عليهم بالقرب من منزلهما. تلقوا تعليمات دقيقة حول اليوم الذي يجب أن يقوموا فيه بتصوير منزله، وكان من المفترض أن يحدث التصوير عندما يخرج الابن من المنزل".
وأوضح أحد المصادر "كل المسار الاستخباراتي كان مبنياً على معلومات من الشاباك. من الواضح أن لدينا الكثير من هؤلاء الأشخاص داخل البلاد، وهو أمر مقلق للغاية. لم أواجه سابقاً قضية أمنية بهذا الحجم"، مضيفاً: "الوسيط التركي متورط في قضايا أمنية أخرى تم الكشف عنها مؤخراً".
الإعدام أو المؤبد
وبحسب المصادر، تشمل الاتهامات المحتملة "التعاون مع العدو في وقت الحرب، وهي جريمة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن مدى الحياة".
وقالت المصادر إن "كل صاروخ أُطلق خلال العامين الماضيين وصل إلى مواقع قامت هذه الشبكة بجمع معلومات عنها وإرسالها للإيرانيين. لقد جمعوا معلومات عن 60 منشأة، وتم تقسيم المهام على 600 مهمة".