قالت مصادر أميركية إن الحكومة الإسرائيلية فشلت في تنفيذ كافة الضمانات التي يتطلبها القانون في الولايات المتحدة لمعالجة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وحال استمرار ذلك حتى 13 من نوفمبر الجاري، قد تلجأ واشنطن إلى تعليق مساعدتها العسكرية لتل أبيب، وهو ما وصفته بأنه "خطوة تجنبتها إدارة الرئيس جو بايدن حتى الآن، لكنها تكتسب دعماً وزخماً داخل وزارة الخارجية الأميركية مؤخراً".
ونقل موقع "أكسيوس" عن المصادر أن إدارة بايدن تضغط على حكومة إسرائيل لتلبية مطالب أميركية لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة، بحلول 13 نوفمبر، مشيرةً إلى أن تنفيذ تلك المطالب يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء الإسرائيلي، وهو ما لا يُتوقع أن يحدث قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 نوفمبر.
كما أن تحديد ما إذا كانت إسرائيل قد أوفت بالتزاماتها تجاه الولايات المتحدة وما إذا كانت قد انتهكت القانون الأميركي أثناء حرب غزة قد يكون أول قرار رئيسي يتعين على إدارة بايدن اتخاذه خلال الفترة الانتقالية بعد تحديد الفائز في الانتخابات الرئاسية.
وتلقت إدارة بايدن نحو 500 تقرير تفيد بأن إسرائيل استخدمت الأسلحة الأميركية الموردة لها في هجمات تسببت في "أذى غير ضروري للمدنيين بقطاع غزة"، لكنها فشلت في الامتثال لسياساتها الخاصة التي تتطلب الشروع بشكل سريع في التحقيق بهذه التقارير، حسبما ذكرت مصادر لصحيفة "واشنطن بوست"، الأسبوع الماضي.
"إنذار نهائي"
وأرسلت واشنطن رسالة، الشهر الماضي، كانت بمثابة "إنذار نهائي"، مفاده أنه يتعين على إسرائيل اتخاذ خطوات في غضون 30 يوماً، لتحسين الظروف الإنسانية في غزة أو المخاطرة بتأثر إمدادات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل.
وفي 13 أكتوبر، أرسل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن رسالة إلى نظيريهما الإسرائيليين، أشارت إلى أن الإدارة الأميركية "لا تعتقد أن إسرائيل تفي بالتزامات أميركية أُرسلت في مارس".
وأوضح المسؤولون أن بلينكن أثار، الأسبوع الماضي، المطالب الأميركية في الرسالة خلال اجتماعات داخلية لمتابعة ما إذا كانت إسرائيل تنفذ طلبات الولايات المتحدة، كما أثار أوستن المطالب الأميركية في عدة مكالمات هاتفية حديثة مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت، بما في ذلك الخميس.
وقال بلينكن في مؤتمر صحافي مشترك مع أوستن: "نحن وفريقنا نتابع بعناية شديدة مسؤوليات إسرائيل في الوفاء بالالتزامات القانونية فيما يتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية".
وأضافا أن إسرائيل "أحرزت تقدماً"، لكنهما أكدا أنها بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد، إذ قال بلينكن إن "إرسال الشاحنات إلى غزة ليس كافياً، إذ من الأهمية بمكان أن يتم توزيع المساعدات التي تحملها تلك الشاحنات بشكل فعال داخل غزة".
وقال مسؤولان إسرائيليان وآخران أميركيان إن مسؤولي وزارة الخارجية في البلدين "عقدوا اجتماعات صعبة ومكالمات هاتفية في الأيام الأخيرة مع نظرائهم الإسرائيليين يطالبونهم ببذل المزيد من الجهود لتنفيذ المطالب".
وكُلف وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر بصياغة الرد على الرسالة الواردة من بلينكن وأوستن، إذ يتوقع إرسال الرد الإسرائيلي بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومن المرجح أن تؤثر النتائج على محتوياتها.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين: "إذا فاز المرشح الجمهوري دونالد ترمب، أعتقد أن الرد الإسرائيلي سيكون: اذهبوا إلى الجحيم".
المساعدات الإنسانية
وعلى مدار الأسابيع الماضية، نفذت القوات الإسرائيلية عملية في شمال غزة، أدت إلى خفض المساعدات الإنسانية للمنطقة بشكل حاد إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب قبل أكثر من عام.
وقالت إسرائيل إن هدف العملية، التي تركز على مدينة جباليا، هو منع حركة "حماس" من إعادة تجميع صفوفها، لكن الأوضاع الإنسانية والقصف المستمر أجبر 50 ألف فلسطيني على مغادرة المنطقة في ظل إمدادات طبية وغذائية "شحيحة".
وذكرت منظمات الإغاثة أن العملية الإسرائيلية "تشبه خطة اقترحها جنرالات إسرائيليون سابقون لإغلاق شمال غزة وتجويع سكانه حتى يستسلموا"، لكن الحكومة الإسرائيلية تنفي ذلك وسط تشكيك أميركي.
كما احتج مسؤولون بوزارة الخارجية في محادثات مع نظرائهم الإسرائيليين على الغارة الجوية الإسرائيلية التي دمرت مبنى سكنياً في شمال غزة وقتلت العشرات من الفلسطينيين، بما في ذلك العديد من الأطفال.
وأثاروا مسألة عدم وصول أي مساعدات إلى جباليا وأعربوا عن قلقهم إزاء قانون إسرائيلي جديد من شأنه أن يحد بشكل كبير من عمل المزود الرئيسي للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية في غزة.
وفي الوقت نفسه، صعد المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر بشكل كبير من انتقاداته العلنية لإسرائيل والأزمة في غزة، كما أشارت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، خلال اجتماع لمجلس الأمن في وقت سابق من هذا الأسبوع، إلى أن "إسرائيل تجوع الفلسطينيين في جباليا".