توصلت مفاوضات اللحظة الأخيرة في إسرائيل، إلى اتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية يتناوب على رئاستها أولاً زعيم حزب "يمينا" نفتالي بينيت، ثم رئيس حزب "يش عتيد" يائير لابيد.
ويأتي هذا التقسيم رغم أن لابيد كان من كُلف أساساً بتولي مهمة التأليف، لكن وسط عجزه عن أداء المهمة مع قرب انتهاء المهلة الدستورية المحددة بـ28 يوماً، عوّل على "صانع الملوك" الجديد في إسرائيل، نفتالي بينيت، لبلوغ الهدف. فمن هو هذا الرجل الذي سينهي مسيرة نتنياهو، صاحب أطول فترة حكم في تاريخ إسرائيل؟
"صانع نتنياهو"
ولد نفتالي بينيت (49 عاماً) لأبوين مولودين في الولايات المتحدة، وهما من أصول بولندية، هاجرا من سان فرانسيسكو إلى إسرائيل في عام 1967، بعد شهر من حرب الأيام الستة.
خدم بينيت كجندي في القوات الخاصة، في وحدة "سايريت ماتكال" الشهيرة (مثل نتانياهو)، ثم أسس شركة في مجال برمجة التكنولوجيا (software) ليصبح رجل أعمال وصاحب ثروة تقدّر بالملايين.
بينيت، وهو متزوج وأب لأربعة أطفال، دخل عالم السياسة بعد بيع شركته التكنولوجية الناشئة مقابل 145 مليون دولار في عام 2005. وفي العام التالي، أصبح رئيس مكتب بنيامين نتنياهو الذي كان في ذلك الوقت في المعارضة؛ وكان هو مَن أدار حملة نتنياهو الأولية لقيادة حزب "ليكود" في أغسطس 2007.
منقذ "البيت اليهودي"
بعد ترك مكتب نتنياهو، أصبح بينيت في عام 2010 رئيس مجلس الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، الذي يدافع عن مصالح المستوطنين اليهود في الضفة الغربية ومصادرتهم لأراضي الفلسطينيين. وشغل هذا المنصب حتى يناير 2012.
وإثر استقالته من "ليكود"، انضم بينيت إلى حزب "البيت اليهودي" المتشدد، وأصبح رئيسه في عام 2012، وأحدث ثورة في السياسة عندما نجح بتعزيز الحضور البرلماني للحزب بأربعة أضعاف، بعدما كان يواجه احتمال خسارة كل مقاعده في الكنيست.
وفي عام 2018، أعاد تسمية "البيت اليهودي" باسم "يمينا"، أي إلى اليمين، وهو الحزب الذي يتزعمه حالياً. وتتشكل قاعدته الانتخابية من المستوطنين.
بعد انتخابه للكنيست، اضطر بينيت للتخلي عن جنسيته الأميركية (التي كان يحملها باعتباره ابناً لأميركيين) قبل أن يتمكن من شغل مقعده.
تلميذ يتفوق على أستاذه
عُرف بينيت على نطاق واسع بأنه كان "تلميذاً لنتنياهو"، وهو لا يزال يشاطره العقيدة، لكنه ينتقد "إدارته للبلاد". بل حتى تُعتبر سياسة بينيت أكثر تطرفاً من نتنياهو، إذ يعتمد خطاباً دينياً قومياً متشدداً، ويظهر غالباً معتمراً القلنسوة اليهودية.
شغل بينيت 5 مناصب وزارية في حكومات نتنياهو السابقة، هي الدفاع والأمن والتعليم والاقتصاد وشؤون الشتات، لكن نتنياهو لم يطلب منه الانضمام إلى حكومة الوحدة التي قادها أخيراً.
وبعدما استحوذ حزبه "يمينا" على 6 مقاعد في الكنيست من أصل 120 في الانتخابات الأخيرة (جرت في شهر مارس)، فرض نفسه كـ"صانع الملوك" الجديد في إسرائيل، ولعب دوراً رئيساً في إنهاء فترة حكم نتنياهو القياسية البالغة 12 عاماً، وهي الأطول في تاريخ إسرائيل.
معارض للدولة الفلسطينية
يعدّ بينيت من أشد المعارضين لقيام دولة فلسطينية، ويعتبر أن الضفة الغربية ليست تحت الاحتلال لأنه "لم تكن هناك دولة فلسطينية".
كما يؤيد ضم 60 في المئة من الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى السيادة الإسرائيلية، وإلحاق قطاع غزة بمصر، والإبقاء على المدن الفلسطينية الرئيسية في الضفة الغربية تحت حكم ذاتي دائم مرجعيته الأمن الإسرائيلي.
وفي عام 2013، قال إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن حله، ولكن يجب تحمله مثل قطعة من "شظية في الأرداف".
وفي نهاية العام الماضي، صرح للإذاعة الإسرائيلية: "في السنوات المقبلة، نحتاج إلى تنحية السياسة وقضايا مثل ضم الأراضي الفلسطينية أو الحديث عن الدولة الفلسطينية جانباً، والتركيز على السيطرة على فيروس كورونا، ومعالجة الاقتصاد، وإصلاح الانقسامات الإسرائيلية الداخلية". ويدعو بينيت إلى سياسة متشددة حيال إيران.