تصدّر ملف تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، المفاوضات الجارية بين الطرفين بوساطة مصرية، إذ اشترطت تل أبيب تسهيل إعادة إعمار غزة مقابل عودة أسراها، فيما رفضت حماس الربط بين الملفين.
فعمّن تتحدث إسرائيل؟ وما هي أبرز المحطات منذ الإعلان عن أسرهم على يد حماس؟
"غولدن وشاؤول".. روايات متضاربة
خلال عامي "2014 – 2015"، أعلنت حركة حماس، أسر 4 إسرائيليين، من بينهم "جنديان"، هما هادار غولدن وأورون شاؤول، إضافة إلى "مدني" أفيرا منغيستو (إسرائيلي من أصل إثيوبي).
برز تضارب واضح حول مصير الجنديْين الأسيريْن في قطاع غزة، "ما إذا كانوا جثثًا أم أحياء"، وهو ما لم يؤكده الطرفان بشكل قاطع حتى الآن، سواء إسرائيل أو حركة حماس.
الرواية الأولى:
في 20 يوليو 2014، أعلنت إسرائيل مقتل الرقيب أورون شاؤول، خلال عملية "الجرف الصامد" التي شنّتها على غزة. وأوضح الجيش الإسرائيلي أن شاؤول قُتل خلال حراسة ناقلة جند مدرعة دخلت حي الشجاعية، وأُصيبت بصاروخ مضاد للدبابات، وقال إن "حماس لا تزال تحتجز جثة شاؤول رهينة".
وفي الأول من أغسطس من العام ذاته، أعلنت إسرائيل مقتل "غولدن"، وهو ملازم بوحدة الاستطلاع في "لواء غيفعاتي" لقوات النخبة في الجيش، خلال تفكيك نفق في جنوب غزة.
وقالت الحكومة الإسرائيلية إن عناصر من حركة حماس أطلقوا النار على قواتها، وقتلوا جندييْن وخطفوا غولدن، وسحبوه إلى النفق. وأعلنت لجنة خاصة بقيادة الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي، مقتل غولدن خلال "عملية الجرف الصامد".
الرواية الثانية:
في رواية أخرى، وللمرة الأولى، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي (حينها)، أفيغدور ليبرمان، في تصريحات عام 2018، بإمكانية "وجود محتجزين على قيد الحياة لدى حركة حماس".
وأوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن "الظروف المحيطة بوفاة غولدن بقيت غامضة"، مشيرة إلى أن ناطقة باسم الجيش الإسرائيلي امتنعت عن الكشف عمّا إذا كان غولدن واثنان من رفاقه، قتلتهم عناصر حماس، أو قضوا في وقت لاحق نتيجة هجوم شنّته إسرائيل على المنطقة، للبحث عنه، وأضافت الصحيفة أن الناطقة رفضت الإجابة عن سؤال بشأن انتشال رفاته.
فيما قالت صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن "الحاخامية الإسرائيلية لم تتمكن من تأكيد وفاة شاؤول من خلال رؤية رفاته".
الراوية الثالثة:
في أبريل 2019، ألمحت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، في تصريحات على لسان متحدثها، إلى أن الجندييْن الإسرائيليين الأسيريْن لدى الحركة "لا يزالان على قيد الحياة"، وفي نفس الشهر من عام 2016 قال "أبو عبيدة"، المتحدث باسم القسام، في كلمة مصورة "إن أية معلومات عن مصير الجنود الأربعة لن يحصل عليها العدو إلا إذا دفع استحقاقات وأثمان واضحة قبل المفاوضات وبعدها".
وكانت الحركة أعلنت، بعد ساعات على اختفاء شاؤول خلال حرب 2014، أنها اعتقلته حياً، ونشرت اسمه ورقم هويته العسكرية، ولكن من دون صور، وفق ما أوردته وكالة "رويترز".
مطالب إسرائيلية
خلال المفاوضات المتعلقة بالأسرى بين إسرائيل وحماس، طالب بنيامين نتنياهو، من رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء عباس كامل، الذي يقوم بدور الوسيط بين الطرفين، بضرورة استعادة "المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس في غزة بأقرب وقت"، من دون الإشارة إلى عبارة "استلام رفات أو جثتي" الجندييْن الإسرائيليين، وهو ما يترك الباب مفتوحاً حول المصير الحقيقي لغولدن وشاؤول.
استسلام وانتقاد
وعلى الرغم من عدم حسم مصير غولدن وشاؤول بشكل نهائي، إذ لم تتسلم أسرتيهما جثتيهما، إلّا أن العائلتين اعتمدا على ما أعلنته حكومة بلدهما، وأقامت أسرة غولدن، مراسم دفن له، فيما ذكرت "جيروزاليم بوست"، أن المحكمة العليا في إسرائيل قضت في عام 2019، بأن الجيش الإسرائيلي لا يحتاج إلى إعطاء مزيد من المعلومات لأسرة شاؤول، تثبت وفاته.
وانتقدت والدة غولدن، الحكومة الإسرائيلية، نتيجة "فشلها في التفاوض" من أجل إعادة "رفات نجلها"، خلال المواجهات الأخيرة مع الفصائل الفلسطينية، وقالت وفقاً لـ"جيروزاليم بوست": "هذا هو واقعنا، 7 سنوات من الازدراء والاشمئزاز".
ونقلت الصحيفة عن والدة "شاؤول" قولها إن وزير الدفاع بيني غانتس، الذي كان رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي خلال حرب 2014، "لم يؤدِ عمله، بصفته رجلاً عسكرياً". وأشارت الأسرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية "لم تدفع بقوة في المفاوضات مع حركة حماس لاستعادة شاؤول".
وناشدت والدة شاؤول، في كلمة مصورة، رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، أن يعرض على الحكومة الإسرائيلية صفقة يتم بموجبها إعادة ابنها، وفقاً لـ"جيروزاليم بوست".
"أفيرا منغيستو"
في 7 سبتمبر 2014، عبر أفيرا منغيستو، إلى غزة عبر شاطئ زكيم، بعدما تسلّق السياج الحدودي، وفقاً لما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.
وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن تسجيلاً مصوّراً التقطه الجيش الإسرائيلي، أظهر أن 3 جنود أطلقوا طلقات تحذيرية، محاولين منع منغيستو من عبور الحدود إلى غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن والدة مينغيستو، بعثت إلى حماس في عام 2016، تسجيلاً مصوّراً تطلب فيه إطلاق سراح ابنها. ولفتت إلى أن الحركة تلقّت التسجيل من منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، التي أُبلغت أن مينغيستو شاهده.
وذكرت "جيروزاليم بوست" أن "أطباء من أجل حقوق الإنسان" سلّموا حماس وثائق تشير إلى أن أفيرا يعاني اضطراباً في الصحة العقلية. لكن الحركة رفضت طلبات متكررة من المنظمة، لرؤية أفيرا.
"الإسرائيليون ضدنا"
وتحدث إيلان، شقيق أفيرا، في التسجيل، قائلاً إن الأسرة تفتقر إلى دعم الحكومة والشعب في إسرائيل. وأضاف: "الجمهور ضدنا. يقولون لنا في وجوهنا: ماذا تريدون من الدولة؟ يقولون إنه لم يخدم في الجيش، ولم يساهم بأي شيء، وذهب إلى هناك بمحض إرادته، لذلك يجب أن يموت هناك. هذه هي الكلمات المؤلمة التي نسمعها كل يوم".
وأوردت "نيويورك تايمز"، في عام 2015، أن تعامل الدولة الإسرائيلية مع ملف منغيستو، أثار "اتهامات بالعنصرية"، مذكّرة بأن إسرائيليين من أصل إثيوبي نظموا احتجاجات، ضد ما يعتبرونه "تمييزاً ومضايقات ووحشية من الشرطة".
وادّعت الصحيفة أن أفيرا منغيستو عانى الاكتئاب، ولم يُجنّد في الجيش لدى بلوغه 18 عاماً، مثل معظم اليهود الإسرائيليين. وأضافت أنه أُعفي من الخدمة، بعدما وجدت لجنة طبية أنه ليس لائقاً، وفقاً لوثائق قدّمتها أسرته.