دعت عضوة مجلس الشيوخ الجمهورية، سوزان كولينز، الأربعاء الماضي، إلى ضرورة إجراء "تحقيقات مكثفة" بشأن مرشحي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في الإدارة الصحية، وسط تصاعد المخاوف من سعي الأخير للجوء إلى آليات قانونية تسمح له بـ"الالتفاف" على جلسات مجلس الشيوخ الطويلة والصعبة مع المرشحين قبل الموافقة عليهم.
وتعبر تصريحات كولينز عن مخاوف بعض أعضاء الكونجرس من اتجاه ترمب لتجاوز عملية فحص المرشحين بمجلس الشيوخ، عبر اللجوء لآلية تعرف بـ"التعيينات خلال العطلة"، والتي تمنحه صلاحية تجاوز موافقة مجلس الشيوخ، لتعيين شخصيات في مناصب حكومية مهمة.
وفي حال كان الكونجرس ليس في دورة انعقاد مستمرة، يسمح الدستور الأميركي بـ"التعيينات خلال العطلة"، إذ يمنح الرئيس الحق بتعيين المسؤولين بشكل مؤقت دون موافقة الكونجرس، بهدف تجنب شغور المناصب، والحفاظ على سير عمل الحكومة.
واعتبرت كولينز في تصريحات لموقع "أكسيوس" الأميركي، أن اللجوء لآلية "التعيينات خلال العطلة"، يهدف لـ"تجنب والهروب من واجب مجلس الشيوخ الدستوري في تقديم المشورة والموافقة" على التعيينات.
وأشارت إلى أن اختيارات ترمب للإدارة الصحية "قد تتسبب بفوضى في المعاهد الوطنية للصحة، وإدارة الغذاء والدواء، وأقسام رئيسية أخرى".
وكان ترمب اختار المرشح الرئاسي السابق المستقل روبرت إف كينيدي جونيور، ليكون وزيراً للصحة والخدمات الإنسانية، في خطوة من المتوقع أن تثير غضب خبراء الصحة العامة بعد سنوات من ترويجه لـ"ادعاءات مضللة".
كما اختار الرئيس الأميركي المنتخب، محمد أوز، ليشغل منصب مدير مراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية، وهي وكالة فيدرالية رئيسية تشرف على تغطية التأمين الصحي لأكثر من 150 مليون أميركي.
وتصادق اللجنة المالية بمجلس الشيوخ الأميركي، على تعيين وزير الصحة والخدمات الإنسانية، بحسب كولينز، التي أشارت إلى أن لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات التقاعدية HELP، والتي تشارك في عضويتها، ستعقد كذلك جلسة استماع خلال الفترة المقبلة.
الالتفاف على جلسات مجلس الشيوخ
وكان ترمب طالب الكونجرس بالسماح له بإجراء تعيينات خلال فترة العطلة، وهي خطوة تهدف لتسريع العملية، كما أنها تسمح له بالالتفاف على جلسات مجلس الشيوخ الطويلة مع المرشحين، بحسب "أكسيوس".
وقال تشارلز كاميرون، أستاذ السياسة والشؤون العامة في جامعة برينستون: "من المتوقع أن يوافق مجلس الشيوخ على هذه التعيينات عندما يعود من العطلة قبل نهاية فترة الكونجرس الحالي التي استمرت عامين".
وذكر الموقع الأميركي، أن عدداً من الجمهوريين في مجلس الشيوخ من بينهم، ميتش ماكونيل، لا يرغبون في التهرب من دورهم بتقديم المشورة والموافقة على المرشحين، فيما أعرب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ المقبل الجمهوري، جون ثون، عن انفتاحه على الفكرة.
ويمكن للرئيس إجراء قرابة 4 آلاف تعيين سياسي، منها 1200 تتطلب مصادقة مجلس الشيوخ، بحسب مركز الانتقال الرئاسي.
ولفت "أكسيوس"، إلى أنه تم استخدام آلية "التعيينات خلال العطلة" عدة مرات كـ"مناورة سياسية" من أجل تجنب معارضة الكونجرس، وتعيين مسؤولين قد لا يحصلون على أصوات كافية في مجلس الشيوخ.
وواجه ترمب معارضة كبيرة داخل الكونجرس بعد إعلانه اختيار النائب الجمهوري "المتشدد" مات جايتز لمنصب وزير العدل، الذي يواجه اتهامات بـ"سوء السلوك الجنسي"، و"تعاطي مواد مخدرة غير قانونية"، ما دفع الرئيس المنتخب لاختيار المدعية العامة السابقة لولاية فلوريدا، بام بوندي، بدلاً من جايتز في المنصب، بعد انسحاب الأخير.
وبينما كان الكونجرس الأميركي يأخذ فترات إجازة طويلة، استخدم الرؤساء الأمسركيون حينها "التعيينات خلال العطلة" لتجنب بقاء مناصب مهمة شاغرة. لكن في السنوات الأخيرة، أصبح استخدام هذه الآلية جزءاً من الخلافات الحزبية بين الرئيس والكونجرس.
وقام الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون، بإجراء 139 "تعييناً خلال العطلة"، بينما قام الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش، بتعيين 171 شخصاً، رغم أن أياً منهما لم يستخدم هذه العملية لتعيينات في مناصب وزارية رفيعة، بينما استخدم الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما هذه الآلية 32 مرة.
لكن حكماً من المحكمة العليا صدر في عام 2014 قيّد سلطة الرئيس في إجراء التعيينات أثناء العطلة، إذ قضت المحكمة بالإجماع بأن الرئيس بإمكانه إجراء تعيينات بشكل أحادي الجانب في حال كان مجلس الشيوخ في عطلة لمدة 10 أيام على الأقل.