نجا رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، السبت، من تصويت في الجمعية الوطنية (البرلمان)، لمساءلته بغرض عزله بسبب محاولته فرض الأحكام العرفية، وذلك بعد أن قاطع أعضاء الحزب الحاكم التصويت.
وقرر البرلمان غلق التصويت على قرار عزل الرئيس يون، لعدم اكتمال النصاب القانوني لتقديم المقترح بخمسة أصوات، بعد أن أدلى جميع نواب المعارضة البالغ عددهم 192 نائباً، و3 نواب من حزب "سلطة الشعب" الحاكم بأصواتهم؛ ليصل مجموع الأصوات إلى 195 صوتاً، وهو أقل من النصاب القانوني المحدد عند ثلثي أعضاء البرلمان، أي 200 صوت، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية "يونهاب".
وغادر بقية نواب الحزب الحاكم الجلسة بعد مشاركتهم في إعادة التصويت على مشروع قانون يدعو إلى تحقيق بواسطة مستشار خاص في مزاعم الفساد المتعلقة بالسيدة الأولى كيم كيون هي، قبل رفض مشروع القانون في نهاية المطاف، رغم دعوة رئيس البرلمان، وو وون شيك، نواب الحزب الحاكم إلى العودة للجلسة، والإدلاء بأصواتهم على اقتراح العزل.
وبدأ التصويت على مشروع القانون الذي قدمه الحزب الديمقراطي المعارض لعزل الرئيس، بعد ساعات من اعتذاره عن محاولته فرض الأحكام العرفية في الأسبوع الماضي؛ لكنه لم يتخلّ عن السلطة، متحدياً الضغوط الشديدة المطالبة بتنحيه حتى من بعض أعضاء حزبه الحاكم.
ومع فشل تمرير الاقتراح، سيستمر يون في منصبه كرئيس في الوقت الحالي، ولكن وسط تساؤلات كبيرة معلقة بشأن احتمالات إنهاء ولايته، وموجة محتملة من المظاهرات العامة ضده، وفق "بلومبرغ".
كما رفض البرلمان تمرير مشروع قانون التحقيق الخاص مع السيدة الأولى، والذي طُرح للتصويت مرة أخرى، بعد أن استخدم الرئيس يون، حق النقض ضده في الشهر الماضي، في تحقيق أغلبية الثلثين (200 صوت) بفارق صوتين فقط، إذ وافق عليه 198 صوتاً مقابل رفض 102 صوتاً.
ويدعو مشروع القانون، إلى تعيين مستشار خاص للتحقيق في ادعاءين رئيسيين يتعلقان بالسيدة الأولى، وهما تورطها المزعوم في فضيحة تلاعب بالأسهم، والتدخل في ترشيحات انتخابية.
اعتذار الرئيس
وانحنى الرئيس الكوري الجنوبي في خطاب متلفز، وقال إنه لن يسعى إلى التنصل من المسؤولية القانونية والسياسية عن قراره بإعلان الأحكام العرفية لأول مرة في البلاد منذ عام 1980، وإن "القرار نبع من اليأس"، مضيفاً أن قرار مصيره في الرئاسة سيحدده حزبه.
وكان هذا الخطاب أول ظهور علني للرئيس "المحاصر سياسياً" منذ إلغاء أمر الأحكام العرفية في وقت مبكر الأربعاء، بعد ست ساعات فقط من إعلانه، ما دفع بنواب البرلمان لتحدي حواجز الجيش والشرطة للتصويت ضد المرسوم.
وقال يون في خطابه: "أنا آسف للغاية وأود أن أعتذر بصدق للأشخاص الذين أصيبوا بالصدمة"، وأضاف: "أترك لحزبي (قوة الشعب) اتخاذ الخطوات اللازمة لاستقرار الوضع السياسي في المستقبل، بما في ذلك مسألة بقائي في السلطة".
ضغوط متزايدة لعزل الرئيس
وبعد خطاب يون، قال زعيم الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية، هان دونج هون، إن الرئيس لم يعد في وضع يسمح له بأداء مهامه، وأن استقالته المبكرة أصبحت حتمية، لأنه لم يعد في وضع يتيح له ممارسة مهام منصبه.
والجمعة، قال هان، إن يون يشكل خطراً على البلاد ويجب إبعاده عن السلطة، ما زاد من الضغوط على يون للاستقالة، على الرغم من أن أعضاء "حزب قوة الشعب" (PPP) أكدوا لاحقاً معارضتهم الرسمية لعزله.
وبعد دقائق من خطاب يون، انتقد زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي ميونج، الخطاب ووصفه بأنه "مخيب للآمال للغاية"، وتعهد بمواصلة الضغط من أجل عزل الرئيس.
وقال لي، إن "أكبر خطر يهدد كوريا الجنوبية الآن هو وجود الرئيس ذاته. والطريقة الوحيدة لحل هذه المشكلة هي تنحي الرئيس على الفور، أو إقالته من منصبه مبكراً من خلال العزل".
وصدم يون كوريا الجنوبية في وقت متأخر، الثلاثاء الماضي، عندما منح الجيش سلطات طوارئ شاملة من أجل استئصال ما سماه "القوى المناهضة للدولة"، والتغلب على معارضين سياسيين.
وحث بعض أعضاء "حزب قوة الشعب" يون على الاستقالة قبل التصويت، قائلين إنهم لا يريدون تكرار تجربة عزل الرئيسة السابقة بارك كون هيه في عام 2016، والتي تركت منصبها بعد أشهر من الاحتجاجات بالشموع بسبب فضيحة استغلال النفوذ. وتسبب سقوطها في انهيار الحزب وانتصار الليبراليين في الانتخابات الرئاسية والعامة.
وفي مشاهد تذكر بتلك الاحتجاجات، تجمّع الآلاف من المتظاهرين حاملين الشموع خارج البرلمان، مساء الجمعة، للمطالبة بعزل يون. ومن المتوقع أن تشهد البلاد المزيد من المظاهرات السبت قبل التصويت.
وبدأ ممثلو الادعاء والشرطة ومكتب التحقيق مع كبار المسؤولين، تحقيقات مع يون وكبار المسؤولين المتورطين في مرسوم الأحكام العرفية، مما يعرض الرئيس لمواجهة تهم "التمرد وإساءة استخدام السلطة