مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام محكمة في تل أبيب، الثلاثاء، لمدة 5 ساعات، حيث أدلى بشهادته في اتهامات يواجهها في قضايا فساد، فيما زعم أنه "مستهدف من الإعلام بسبب سياساته الأمنية المتشددة".
وهذا هو اليوم الأول من محاكمة نتنياهو، والتي من المقرر أن تستأنف أعمالها الأربعاء، في الساعة 2:30 بعد الظهر وتستمر حتى المساء، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
ويواجه نتنياهو اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ومن المقرر أن يدلي بشهادته 3 مرات في الأسبوع، على الرغم من محاولاته تغيير موعد المحاكمة متحججاً بالحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وما يصفها بـ"التهديدات الجديدة المحتملة" في الشرق الأوسط.
ونتنياهو، الذي تولى السلطة بشكل متواصل تقريباً منذ عام 2009، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول بقاء في السلطة، وأول رئيس حكومة في منصبه يُتهم بارتكاب جرائم.
وهاجم نتنياهو زعيم حزب "الليكود" اليميني، وسائل الإعلام الإسرائيلية بسبب ما وصفه بـ"موقفها اليساري"، واتهم الصحافيين باستهدافه لسنوات، قائلاً إن سياساته "لا تتفق مع الدفع نحو إقامة دولة فلسطينية".
وأضاف نتنياهو للقضاة الثلاثة المعنيين بالقضية: "انتظرت ثماني سنوات حتى هذه اللحظة كي أقول الحقيقة.. لكن أنا أيضاً رئيس وزراء.. أقود إسرائيل في حرب على سبع جبهات، وأعتقد أنني قادر على التوفيق بين المهمتين".
ويتهم ممثلو الادعاء نتنياهو بمنح مزايا تنظيمية قيمتها 1.8 مليار شيكل (حوالي 500 مليون دولار) لشركة "بيزك تيليكوم إسرائيل" مقابل تغطية إيجابية عنه، وعن زوجته سارة، على موقع إخباري يديره رئيس الشركة السابق.
استعداء الإعلام
وقال نتنياهو إنه التقى لأول مرة شاؤول إلوفيتش، الرئيس السابق لشركة الاتصالات، التي تمتلك الموقع الأخبار الإسرائيلي "والا": "في عام 1996 أو 1997 ... التقيت بقادة اقتصاديين، وكان من بينهم. لم أكن أعرفه شخصياً، لكنني حاولت منح الجميع فرصة للتحدث". وتابع: "لم تكن معرفة شخصية، كانت معرفة بعيدة"، وفق "تايمز أوف إسرائيل".
ونتنياهو متهم أيضاً بالتفاوض على صفقة مع مالك صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، للحصول على تغطية إيجابية مقابل إصدار تشريع يبطئ من نمو صحيفة منافسة.
ونفي نتنياهو الاتهامات الموجهة إليه ودفع ببراءته. وقال: "لو كنت أريد تغطية جيدة، كل ما كان علي فعله هو الإشارة إلى حل الدولتين.. لو كنت قد تحركت خطوتين إلى اليسار لحظيت بالإشادة".
وحاول نتنياهو تصوير نفسه على أنه "مدافع قوي عن أمن إسرائيل"، وأنه "يقاوم ضغوطاً من قوى دولية ووسائل إعلام محلية" وصفها بـ"المعادية".
محاكمة في قاعة تحت الأرض
وكان نتنياهو مبتسماً عندما دخل محكمة تل أبيب الجزئية في حوالي الساعة العاشرة صباحاً (08.00 بتوقيت جرينتش). وتم نقل المحاكمة من القدس لأسباب أمنية غير معلنة، وعُقدت في قاعة محكمة تحت الأرض.
وقبل أن يدلي نتنياهو بأقواله، قدّم محاميه أميت حداد للقضاة ما يعتبره الدفاع عيوباً أساسية في التحقيق. وقال حداد إن المدعين العامين "لم يكونوا يحققون في جريمة، بل كانوا يستهدفون شخصاً".
وتجمّع بضع عشرات من المحتجين في الخارج بعضهم من المؤيدين له والبعض الآخر يطالبه ببذل المزيد من الجهد للتفاوض على إطلاق سراح نحو 100 محتجز ما زالوا في غزة.
ووجهت اتهامات إلى نتنياهو في عام 2019 في ثلاث قضايا تتعلق بهدايا من أصدقاء من فئة المليونيرات، وبالسعي لمنح مزايا تنظيمية لأباطرة الإعلام مقابل تغطية تفضيلية. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات.
وفي الفترة التي سبقت موعد محاكمته، عاد نتنياهو إلى خطاب ما قبل الحرب المألوف ضد سلطات إنفاذ القانون، ووصف التحقيقات ضده بأنها "حملة شعواء".
وقبل الحرب، أدت المشاكل القانونية التي واجهها نتنياهو إلى انقسام شديد بين الإسرائيليين وأربكت السياسة الإسرائيلية خلال خمس جولات من الانتخابات. كما أدت محاولة حكومته العام الماضي للحد من صلاحيات القضاء إلى زيادة الانقسام.
وأدت الحرب في قطاع غزة، إلى إبعاد محاكمة نتنياهو عن الاهتمام العام في إسرائيل، ولكن مع استمرار الحرب، أعيد تسليط الضوء على هذه المحاكمة.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، وبعد هدوء القتال على إحدى الجبهات بعد أن توصلت إسرائيل إلى وقف لإطلاق النار مع "حزب الله" اللبناني، اندلع صراع بين أعضاء بحكومة نتنياهو، بما في ذلك وزيرا العدل والشرطة، والسلطة القضائية.
وتفاقمت مشاكله القانونية المحلية الشهر الماضي عندما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحقه ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.