دعا حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى إجراء تحقيق في تحطم طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الأذربيجانية، مما أودى بحياة 38 شخصاً، الأربعاء، وسط شكوك متزايدة في أن الدفاعات الجوية الروسية مسؤولة عن الكارثة، في وقت علقت فيه الخطوط الجوية الأذربيجانية رحلاتها إلى 7 مدن روسية.
وكانت طائرة الركاب "إمبراير إي 190" في طريقها من العاصمة الأذربيجانية باكو إلى جروزني في جمهورية الشيشان الروسية.
وأشار عدد من الركاب الناجين من الحادث، والبالغ عددهم 29 راكباً، إلى أنهم سمعوا صوت انفجار، وبعد ذلك تم تحويل الطائرة مئات الكيلومترات عن مسارها، قبل أن تتحطم بالقرب من مدينة أكتاو الكازاخستانية.
وقالت المتحدثة باسم حلف شمال الأطلسي، فرح دخل الله، في منشور على منصة "إكس" الخميس: "أفكارنا وصلواتنا مع أسر وضحايا رحلة الخطوط الجوية الأذربيجانية J28243". وتابعت: "نتمنى للمصابين في الحادث الشفاء العاجل ونطالب بإجراء تحقيق كامل".
وأعلن نائب رئيس وزراء كازاخستان، كانات بوزومباييف، تشكيل لجنة للتحقيق في الحادث، تضم ممثلين من كازاخستان وأذربيجان وروسيا. ومع ذلك، قال إنه لن يُسمح لوكالات إنفاذ القانون في روسيا وأذربيجان بإجراء تحقيق جنائي، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية الكازاخستانية.
وكان التفسير الرسمي، الذي قدّمته هيئة مراقبة الطيران الروسية، هو أن الطائرة تم إعادة توجيهها إلى أكتاو بعد اصطدامها بسرب من الطيور. ومع ذلك، أثار هذا التفسير الشكوك، حيث يبدو أن صور جسم الطائرة المحطّم، تُظهر اختراقه بشظايا.
ما هو مسار الطائرة؟
قالت الخطوط الجوية الأذربيجانية الأربعاء، إن الطائرة كانت مسافرة من العاصمة الأذربيجانية باكو إلى جروزني، عاصمة جمهورية الشيشان بجنوب روسيا، قبل أن تهبط اضطراريا على بعد حوالي 3 كيلومترات (1.8 ميل) من أكتاو.
وذكرت وسائل إعلام روسية رسمية، أن الطائرة تم تغيير مسارها بسبب الضباب الكثيف في جروزني.
ووفق موقع Flightradar24 لتتبع الرحلات الجوية، انطلقت الطائرة الأربعاء في الساعة 7:55 صباحاً بتوقيت أذربيجان (3:00 صباحاً الثلاثاء بتوقيت جرينيتيش) وتحطمت بعد حوالي ساعتين ونصف الساعة.
ولم يوضح المسؤولون على الفور سبب عبور الطائرة لبحر قزوين، حيث تقع باكو وجروزني إلى الغرب منها وأكتاو إلى الشرق منها.
وذكرت وكالة أنباء كازينفورم الحكومية، الخميس، أن الصندوق الأسود الثاني، تم العثور عليه في موقع التحطم، وهو ما تأمل السلطات أن يوفر معلومات مهمة لمساعدة المحققين في تحديد ما حدث، حسبما نقلت شبكة CNN.
وقال بوزومباييف، إن قراءة الصناديق السوداء التي عثر عليها في مكان الحادث ستستغرق حوالي أسبوعين، وفق وسائل الإعلام الرسمية الكازاخستانية.
ولفت وزير النقل الكازاخستاني، مارات كاراباييف، الخميس، إلى أن مركز التحكم الكازاخستاني تلقى إشارة من روسيا قبل حوالي 45 دقيقة من تحطم الطائرة، تفيد بتحويل مسار الرحلة.
وذكر كاراباييف، أن الطائرة كانت تعاني من عطل في أنظمة التحكم الخاصة بها، وأن الطاقم قرر الطيران إلى أكتاو بعد تلقي تقارير عن سوء الأحوال الجوية.
وقال في وقت لاحق، إن "خزان أكسجين انفجر في مقصورة الركاب، مما تسبب في فقدان الركاب للوعي". وقال كاراباييف إن الطائرة انحرفت عن مسارها بينما كان الطاقم يتجهان للهبوط في مطار أكتاو، وفقدت الاتصال بالمرسلين عندما تحطمت.
وقال موقع Flightradar24 في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إن الطائرة "تعرضت للتشويش والتلاعب بنظام تحديد المواقع العالمي GPS بالقرب من جروزني".
وذكر Flightradar24، أن تشويش نظام تحديد المواقع العالمي GPS يمكن أن يعيق بشكل كبير قدرة الطائرة على التنقل والتواصل، مما يخلق مخاطر أمنية محتملة.
كم عدد الناجين من الحادث؟
أكدت السلطات الكازاخستانية، أن الحادث أودى بحياة 38 شخصاً على الأقل من أصل 67 كانوا على متن الطائرة في الحادث، بما في ذلك طياران ومضيفة طيران.
وقال نائب رئيس وزراء كازاخستان، كانات بوزومباييف، إن حوالي 29 ناجياً، اثنان منهم أطفال، تم انتشالهم من بين الحطام.
ومن بين من كانوا على متن الطائرة، كان 37 من الركاب مواطنين من أذربيجان و16 من روسيا، إلى جانب 6 من كازاخستان و3 من قيرجيزستان، وفقاً للبيانات الأولية لوزارة النقل الكازاخستانية.
وقال نائب وزير الصحة الكازاخستاني، تيمور موراتوف، الخميس، إن 9 مواطنين روس و14 مواطناً أذربيجانياً أعيدوا إلى بلدانهم، وفق وسائل الإعلام الكازاخستانية الرسمية.
وأضاف أن 6 مرضى ما زالوا يتلقون العلاج في أكتاو، بما في ذلك 3 مواطنين أذربيجانيين و3 مواطنين قيرجيزستانيين. وأضاف أن 4 من هؤلاء الستة في وحدة العناية المركزة، بينما تظل حالة أحد المرضى خطيرة للغاية وغير مستقرة.
ما سبب الحادث؟
تُظهر مقاطع فيديو وصور للطائرة بعد تحطمها ثقوباً في جسمها تبدو مشابهة للأضرار الناجمة عن الشظايا أو الحطام. لم يتم تأكيد سبب هذه الثقوب.
أبلغت الخطوط الجوية الأذربيجانية وكالة أذرتاج الرسمية، في البداية أن الحادث نجم عن اصطدام الطائرة بسرب من الطيور، حسبما ذكرت الوكالة. كما قالت وكالة النقل الجوي الفيدرالية الروسية إن الطائرة تحطمت بعد اصطدامها بالطيور.
لكن أندريه كوفالينكو، رئيس مركز مكافحة التضليل في أوكرانيا، وهو جزء من مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا، نفى ذلك، مدعياً على مواقع التواصل الاجتماعي أن الطائرة "أسقطت بواسطة نظام دفاع جوي روسي"، وفق CNN.
وقع الحادث بعد وقت قصير من ضربات الطائرات بدون طيار الأوكرانية التي ضربت جنوب روسيا. وقد أدى نشاط الطائرات بدون طيار إلى إغلاق المطارات في المنطقة في الماضي، وأغلق أقرب مطار روسي على مسار رحلة الطائرة الأربعاء.
وقال كوفالينكو: "كان ينبغي لروسيا أن تغلق المجال الجوي فوق جروزني لكنها فشلت في القيام بذلك"، متكهناً بأن السلطات ستحاول التستر على السبب الحقيقي وراء الحادث، بما في ذلك الثقوب في الطائرة، حيث سيكون من "غير الملائم" إلقاء اللوم على روسيا.
وقال جاستن كرومب، خبير الاستخبارات والأمن والدفاع والرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات المتعلقة بالمخاطر سيبيلين، لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، الخميس، إن إطلاق النار على الطائرة من قبل روسيا هو "أفضل فرضية تناسب جميع الحقائق المتاحة التي نعرفها". وأضاف كرومب أن الدفاعات الجوية الروسية كانت نشطة في جروزني في الوقت الذي تضررت فيه الطائرة.
وأشار إلى أن روسيا "قلقة للغاية" بشأن الطائرات الأوكرانية بدون طيار النشطة ذات المدى الطويل، والتي "لا يتم إسقاطها في كثير من الأحيان".
وقال مسؤول أميركي لشبكة CNN، إن المؤشرات الأولية تشير إلى أن نظاماً روسياً مضاداً للطائرات ربما أسقط طائرة الركاب، بينما عثرت السلطات على صندوق أسود ثانٍ يأملون أن يلقي الضوء على سبب الكارثة.
وقال المسؤول الأميركي، الخميس، إن العلامات تشير إلى أن نظاماً روسياً ضرب طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية الرحلة J2-8243 قبل تحطمها بالقرب من مدينة أكتاو.
وتعززت النظرية القائلة بأن روسيا أسقطت الطائرة بعد أن ظنت خطأ أنها طائرة بدون طيار أوكرانية، بعد تقارير عن هجوم متزامن بطائرة بدون طيار على جروزني. وادعى سكرتير مجلس الأمن الشيشاني حمزة قديروف، وهو ابن شقيق رمضان قديروف، في منشور على إنستجرام (تم حذفه لاحقاً) أن هجوماً بطائرة بدون طيار على جروزني تم تحييده بنجاح.
وقال أندري كوفالينكو، رئيس وحدة مكافحة التضليل في مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، في منشور على تليجرام، إن روسيا كان من المفترض أن تغلق المجال الجوي فوق جروزني، لكنها فشلت في القيام بذلك.
وكتب كوفالينكو: "لقد تضررت الطائرة من قبل الروس وأُرسلت إلى كازاخستان، بدلاً من القيام بهبوط اضطراري في جروزني وإنقاذ أرواح الناس".
كما تزعم العديد من التقارير الإعلامية، بما في ذلك وكالة الأنباء المستقلة الروسية "ميدوزا"، و"رويترز"، و"كاليبر" الأذربيجانية، أن طائرة الركاب تضررت بصاروخ دفاع جوي روسي في منطقة استهدفت فيها موسكو طائرات بدون طيار أوكرانية في الأسابيع الأخيرة.
وقالت كاليبر نقلاً عن مسؤولين أذربيجانيين إن الطائرة رفضت الإذن بالهبوط في ثلاثة مطارات روسية قريبة رغم تقديمها طلب طوارئ، وبدلاً من ذلك أُمرت بالتحليق عبر بحر قزوين.
ماذا تقول السلطات؟
وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، الخميس، إنه سيكون من الخطأ التكهن بسبب الحادث قبل إجراء تحقيق، وفق وكالة الأنباء الروسية الرسمية "ريا نوفوستي".
وقال مولين أشيمباييف، رئيس مجلس الشيوخ في كازاخستان، الخميس، إن "طبيعة هذه الأضرار وأسباب الكارثة غير معروفة حالياً".
ومن المتوقع أن يصل مسؤولون برازيليون وممثلون عن شركة إمبراير المصنعة للطائرة إلى كازاخستان، وفقاً لوكالة أنباء أذربيجان الرسمية، حيث تبدأ السلطات عملية تجميع الأحداث التي أدت إلى الحادث.
وقال نائب وزير النقل الكازاخستاني"، تالجات لاستاييف، إن الخبراء من المقرر أن يصلوا إلى البلاد، الجمعة، وأن "هذه العملية جارية الآن، حيث يتم جمع الشظايا والتفاصيل"، وفق وكالة أنباء "كازينفورم" الحكومية.