تبارى المرشحون السبعة لانتخابات الرئاسة الإيرانية المرتقبة في 18 الشهر الجاري، خلال مناظرة نُظمت الثلاثاء، في النأي عن الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، وطرح أفكار لـ"إخراج البلاد من أزمتها"، مع احتدام الاتهامات بينهم بعدما شهدت مناظرتهم الأولى اتهامات متبادلة.
وشارك في المناظرة المرشحون السبعة الذين أقرّ مجلس صيانة الدستور أهليتهم لخوض السباق الرئاسي، بينهم 5 مرشحين متشددين، هم رئيس القضاء إبراهيم رئيسي، وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، والأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، والنائبان علي رضا زاكاني وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، إضافة إلى الحاكم السابق للمصرف المركزي عبد الناصر همتي، وهو معتدل، والإصلاحي محسن مهر علي زاده.
وترجح استطلاعات الرأي فوز رئيسي، علماً أنه يُعتبر مقرباً من المرشد علي خامنئي، ونال 38% من الأصوات في انتخابات الرئاسة عام 2017، التي انتهت بفوز روحاني بولاية ثانية.
وأفادت وكالة "فارس" الإيرانية بأن المناظرة الثانية كانت "أقل حدة" من الأولى التي نُظمت السبت الماضي وشهدت تبادلاً للاتهامات بين المرشحين، علماً أن ثمة مناظرة ثالثة أيضاً.
وفي المناظرة الأولى، اتهم رضائي همتي بـ "الرضوخ الكامل" للعقوبات الأميركية المفروضة على طهران، مشدداً على وجوب أن يواجه اتهامات بالخيانة.
وسأل: "كيف تريدون إدارة البلاد؟ سيد همتي، إدارتكم كانت كارثية، وأنتم جالسون هنا كممثل للسيد روحاني".
أما محسن مهر علي زاده، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في الإدارة المالية، فشكك في قدرة رئيسي على قيادة البلاد، قائلاً: "كل ما لديك 6 سنوات من التعليم التقليدي، ومع احترامي لدراساتك الدينية، فلا بدّ من أن أقول إن المرء لا يمكنه أن يدير الاقتصاد ويرسم الخطط للدولة بهذا المقدار من التعليم"، كما أفادت وكالة "رويترز".
رئيسي يشكو من "إهانات"
خلال المناظرة الثانية، ذكّر رئيسي بتصريحات مهر علي زاده في المناظرة الأولى، متحدثاً عن "إهانات"، ومضيفاً أن "ناطقين باللغة الأذرية" اعتذروا إليه بعدها.
وتابع: "لديّ شهادة من الحوزة الدينية في المستوى الرابع، وكذلك شهادة جامعية". ورأى أن مرشحين يدلون بـ "تصريحات خارجة عن المألوف، ثم يقولون إن لا حرية" في إيران.
واعتبر مهر علي زاده أنه لم يهِن رئيسي، مؤكداً أن تصريحه بأن لدى رئيس القضاء "شهادة أكاديمية حتى الصف السادس" كان صحيحاً.
ولفت إلى وجوب أن يتحدث رئيسي عن "الناطقين باللغة التركية" لا الأذرية. وأضاف: "في المناظرات يهددوننا أيضاً، وكأن الناس جنود وهم أمراء، وكأنهم قضاة والناس متهمون"، وفق موقع "إيران إنترناشيونال".
وذكرت وكالة "مهر" أن مهر علي زاده انتقد تصريحات رئيسي بشأن إزالة الفوارق الطبقية، معتبراً أنها غير مكتملة.
ولفت إلى أن "الشعب يعاني من الفساد والمحسوبية بسبب المشكلات الاقتصادية"، منتقداً أيضاً أداء حكومة روحاني في مكافحة فيروس كورونا المستجد، ومتعهداً بتأمين لقاح للجميع خلال 3 أشهر، إذا انتُخب رئيساً.
وتطرّق مهر علي زاده إلى رئيسي، قائلاً: "حشدوا الشمس والقمر والسماء لجعل شخص يصبح رئيساً".
"ملوك المافيا"
رئيسي قال إن "عدم تطبيق العدالة في توزيع الطاقات والثروات يؤدي إلى ترسيخ شرخ طبقي في المجتمع"، لافتاً إلى "تفاوت في رواتب موظفي بعض المؤسسات الإيرانية"، وفق "مهر".
وأشار إلى عدم دقة مرشحين في طرح ملفات، مضيفاً: "يجب ألا نحمّل الآخرين مسؤولية أعمالنا وأخطائنا". واعتبر أن "ثقة المواطن بالحكومة بلغت أدنى مستوياتها خلال السنوات الماضية". وتابع: "إن عدم المساواة الاجتماعية هو نتيجة لسوء الإدارة"، وزاد: "أياً تكن الحكومة التي ستحكم، يجب أن تكون أولويتها رفع العقوبات الجائرة" المفروضة على إيران.
وشدد رضائي على وجوب القضاء على الفقر، و"إعادة الأمل إلى جيل الشباب"، معتبراً أن الوضع الحالي في إيران هو "أسوأ من الوضع أيام الحرب" مع العراق (1980-1988).
ورأى أن حكومة روحاني "غيّرت برنامجها 3 مرات في سنواتها الأربع الأولى"، متسائلاً: "البلاد التي هي أضعف منا حافظت على قيمة عملتها الوطنية، فلماذا لم نستطع نحن؟".
وسخر من شعار "حكومة الأمل" الذي رفعه روحاني، قائلاً: "الأمل لا يُؤكل". وأضاف: "ملوك المافيا مثل المكانس الكهربائية يسحبون كل موارد البلاد".
وأكد رضائي عزمه على إجراء "إصلاح جذري من داخل السلطة"، مشيراً إلى أنه سيطلب من خامنئي "حلّ المجلس الأعلى للثورة الثقافية".
"صوت الذين لا صوت لهم"
جليلي حض على "تغيير تصرفات المسؤولين"، معتبراً أن "هناك أخطاء في البرنامجين الإجرائي والإداري لدولتنا". وأضاف: "شؤون البلاد لن تتحسّن بالأعمال الاستعراضية، وإنما بتطبيق الخطط المعدّة مسبقاً".
زاكاني أشار إلى أن "جزءاً كبيراً من المشكلات الكبرى في البلاد يتعلّق بالمصرف المركزي"، متحدثاً عن "نوع من تقاذف المسؤولية بين المسؤولين". وتابع: "منذ أكثر من 3 عقود، يخيّم بعضهم على الاقتصاد، واستغلوا موارد البلاد لإثراء أنفسهم".
الحاكم السابق للمصرف المركزي، عبد الناصر همتي، قدّم نفسه بوصفه "صوت الذين لا صوت لهم، وسلطة الذين لا سلطة لهم، لأن حكومتي هي داعمة للأفراد الأكثر تضرراً".
واعتبر أن "ضعف الإنتاج وجائحة كورونا، من العوامل التي أثّرت في تأمين فرص العمل في البلاد". ولفت إلى أن "50% من المجموعات الناشطة في المجال الاقتصادي لا تدفع ضرائب"، بل "تنتفع من العقوبات وتجني أرباحاً منها، وتنشط في الفن والمجتمع بأموال قذرة"، وفق "إيران إنترناشيونال".
وكرّر همتي أنه ليس "ممثل روحاني"، وزاد ساخراً: "على بعضكم أن يوجّه رسالة إلى الرئيس الأميركي السباق دونالد ترمب، قائلاً: السيد ترمب، كن سعيداً، كل ما فعلته ضد شعب إيران، حمّلنا همتي مسؤوليته".
"تغيير جذري للتعليم"
همتي انتقد رئيسي لسماحه بمواصلة الرقابة على الإنترنت في إيران، بوصفه رئيساً للقضاء.
وانتقد أيضاً شرطة الآداب لفرضها بصرامة الحجاب الإلزامي في البلاد، وتابع: "يريد بعضهم تحويل البيت الأبيض إلى حسينية، بدلاً من تطوير إيران. ثم يسألون: لماذا لم تحدث التنمية؟ لماذا لم يتم إيجاد فرص عمل؟ جئت لتغيير هذا الاتجاه".
أما محسن قاضي زاده هاشمي، فرأى أن "النظام التعليمي في إيران بحاجة إلى تغيير جذري"، لافتاً إلى أن البلاد شهدت، خلال حكومة روحاني، "ارتفاعاً ملحوظاً في الهجرة، وارتفعت أرقام العاطلين عن العمل من فئة الشبان".