
قدّم رئيس مصلحة السجون الفيدرالية في روسيا، ألكسندر كلاشينكوف، حلاً لتراجع شديد في عدد العمال المهاجرين، نتيجة فيروس كورونا المستجد، ما من شأنه أن يحيي ممارسة من الحقبة السوفياتية، تتمثل في تشغيل السجناء المدانين.
وأفادت وكالة "بلومبرغ" بأن كلمة "جولاج" تستحضر تاريخ معسكرات العمل السوفيتية التي توفي فيها نحو 1.7 مليون فرد من بين ملايين السجناء، و"أعداء الدولة" كما كانت تصفهم موسكو، اضطروا إلى العمل في التعدين والغابات وتشييد طرق وسكك حديدية، وبلغت ذروتها خلال عهد جوزيف ستالين (1927-1953).
ويُعتمد تشغيل المدانين في دول كثيرة أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث يتولّى سجناء مهمات، مثل تجريف الثلج ومكافحة الحرائق. لكن رواية "أرخبيل الجولاج" للكاتب الروسي ألكسندر سولجينتسين خلّدت التجربة السوفيتية الوحشية والهائلة، وفق "بلومبرغ".
وذكرت الوكالة أن ارتباط هذه التجربة بأحد أحلك فصول الماضي الشيوعي لم يردع بيروقراطيين بارزين في موسكو، تبنوا بحماسة فكرة رئيس مصلحة السجون.
وأضافت أن نائب رئيس الوزراء الروسي، مارات خوسنولين، استذكر أنه عمل يوماً مع سجناء في مصنع للطوب، وقال لشبكة تلفزيونية إنه يجري محادثات بشأن استخدام المسجونين المدانين في مواقع تشييد، وهذه خطة أقرّها أيضاً وزير الصناعة دنيس مانتوروف.
نقص في العمالة
وكالة "ريا نوفوستي" الرسمية الروسية للأنباء نقلت عن ألكسندر كلاشنيكوف قوله الشهر الماضي لمسؤولين في ملف حقوق الإنسان: "لن يكون الأمر جولاجاً، ستكون الظروف جديدة تماماً ولائقة" للسجناء المعنيين.
وأضاف أن "نحو 190 ألفاً من 483 ألف سجين روسي مؤهلون لذلك، رغم أن المشاركة يجب أن تكون طوعية".
وتُعدّ شركات البناء من أكثر المؤسسات تضرراً من نقص العمالة الناجم عن تراجع عدد العمال المهاجرين، ومعظمهم من آسيا الوسطى، مما أدى إلى ارتفاع في الأجور وتكاليف المشاريع. وفي ظل تشديد القيود الحدودية، نتيجة كورونا، تدرس روسيا تطعيم العمال المهاجرين، لجذب مزيد منهم للعمل على أراضيها.
وأفاد موقع "سوبر جوب" الإلكتروني الروسي، للتوظيف بأن معدل الوظائف الشاغرة في قطاع البناء بالبلاد زاد بنسبة 83% في أبريل الماضي، مقارنة بالشهر ذاته من عام 2019، قبل تفشي الفيروس العام الماضي. كذلك ارتفعت الرواتب المعروضة بنسبة 15% منذ مايو الماضي.
ومع ذلك، دفع اقتراح كلاشينكوف أحد كتاب الأعمدة في وسيلة إعلام رسمية إلى الإيحاء بأن معسكرات الغولاغ لم تكن سيئة جداً، إذ أتاحت لمئات الآلاف من السجناء فرصة التقدم الاجتماعي من خلال اكتساب مهارات، وفي الوقت ذاته الحصول على طعام ومأوى، وفق "بلومبرغ".
تأييد شعبي
سفيتلانا جانوشكينا، مؤسسة مجموعة "ميموريال" المدافعة عن حقوق الإنسان، والتي تناضل من أجل حقوق المهاجرين، قالت: "إذا حدث ذلك، فلا شك في أنه سيكون عملاً قسرياً، مقابل أجور زهيدة".
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن "ميموريال" أمضت عقوداً في تسجيل أهوال معسكرات الغولاغ السوفياتية.
وتخطط السلطات لاستخدام سجناء للمساعدة في تسريع العمل في مشروع بقيمة 10 مليارات دولار، لتحديث خطوط السكك الحديدية إلى موانئ الشرق الأقصى في روسيا، وتوسيعها، علماً أن مئات الآلاف من سجناء معسكرات الغولاغ شاركوا في تشييد خط السكك الحديدية "بايكال أمور مينلاين" الذي يعبر شرق سيبيريا والشرق الأقصى الروسي، وطوله 4324 كيلومتراً.
وذكرت "بلومبرغ" أن كثيرين من أولئك السجناء توفوا خلال بناء الخط.
وقالت إيفا ميركاتشيفا، وهي عضو المجلس العام في مصلحة السجون، إن سجناء في 117 مركزاً إصلاحياً يعملون بالفعل في شركات ويتقاضون أجوراً، مستدركة أن هذا النظام يحتاج إلى مراقبة دقيقة لمنع انتهاكات.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن اقتراح كلاشينكوف تشغيل المدانين، على نطاق أوسع، قد يحظى بتأييد عام، في بلد يشهد غالباً تناقضاً بشأن الهجرة من الجمهوريات السوفياتية السابقة.
وتابعت أن استطلاعاً للرأي، أعدّه مركز رسمي ونشر نتائجه في 1 يونيو، أظهر أن 71% من الروس يؤيدون فكرة إبدال العمال المهاجرين بسجناء.
اقرأ أيضاً: