أثارت المحتجزة الإسرائيلية أربيل يهود، تجاذبات سياسية بين إسرائيل وحركة "حماس" في ثاني جولات تبادل الأسرى، إذ هدّدت تل أبيب بمنع عودة النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم في شمال قطاع غزة، حتى يتم إطلاق سراحها، ضمن صفقة تبادل الأسرى الجارية حالياً، ما سلّط الضوء على هذه المحتجزة التي تصرّ إسرائيل على ضمان عودتها سريعاً.
وأربيل يهود، هي إسرائيلية تبلغ من العمر 29 عاماً، احتجزتها الفصائل الفلسطينية في غزة مع صديقها، أثناء هجوم 7 أكتوبر على مستوطنة نير عوز. وتعمل "يهود" كمدربة لاستكشاف الفضاء وعلم الفلك في مجلس أشكول الإقليمي في غلاف غزة، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنها ليست بحوزة حركة "حماس"، وإنما هي أسيرة لدى "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي".
عسكرية أم مدنية؟
وقال مصدر كبير في حركة "الجهاد" الفلسطينية لشبكة CNN إن "الحركة تحتجز يهود"، مؤكداً أنها "جندية"، قائلاً إنها "أسيرة لدى (الجناح العسكري للجهاد) سرايا القدس، كجندية مدربة في برنامج الفضاء للجيش الإسرائيلي، وسيتم الإفراج عنها ضمن شروط صفقة التبادل المتفق عليها". وتابع قائلاً: "نحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية أي عرقلة لشروط الصفقة".
لكن الحكومة الإسرائيلية تصرّ على أن "يهود" مدنية وكان يجب إطلاق سراحها، السبت، وفق لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري، إن "حماس" فشلت في الوفاء بالتزامها بـ"إعادة المدنيين أولاً".
وفي خضم هذه التجاذبات، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن النازحين الفلسطينيين في غزة لن يُسمح لهم بالانتقال إلى منازلهم في شمال غزة كما هو مخطط له.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان له، في وقت سابق السبت، إن "حماس لم تلتزم بكل تعهداتها بخصوص التزامها بإعادة المدنيات الإسرائيليات أولاً".
وأضاف: "سنصر على إعادة المواطنة المدنية أربيل يهود إلى جانب عودة سريعة لشيري وأطفال عائلة بيباس الذين نخشى كثيراً على مصيرهم، ونحن مصرون على الالتزام بالتعهدات وفق الاتفاق وعودة المدنيات أولاً".
في المقابل، أكد مصدر فلسطيني قريب من "حماس" ومطلع على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لـ"الشرق"، أن "حماس أبلغت الوسطاء أن يهود على قيد الحياة وبصحة جيدة"، معلناً أنه "سيتم الإفراج عنها السبت المقبل ضمن الدفعة الثالثة".
وبعد ساعات، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، السبت، بأن تل أبيب وافقت على عودة النازحين الفلسطينيين عبر محور نتساريم، وذلك عقب تأكدها بأن الأسيرة أربيل يهود على قيد الحياة، مشيراً إلى أن "هناك محاولات تجري الآن لإطلاق سراح الأسيرة أربيل يهود، الاثنين المقبل، في إطار صفقة محتملة".
وقال مصدر مطلع لشبكة CNN إن إسرائيل طالبت "حماس" الجمعة، بإطلاق سراح أربيل يهود. ويعتقد أنها محتجزة لدى حركة "الجهاد"، وليس "حماس"، وهو ما قد يكون عاملاً في توقيت إطلاق سراحها.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق، السبت، استلام المجندات الإسرائيليات اللائي أطلقت حركة "حماس" سراحهن، فيما أطلقت سراح 200 أسير فلسطيني، حسبما نص اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
القوات الإسرائيلية في محور نتساريم
وفي السياق، أفاد شهود عيان لـ"الشرق"، بأن العديد من الدبابات والمدرعات الإسرائيلية تراجعت كما فكك الجيش الاسرائيلي عدداً من النقاط العسكرية على محور نتساريم، لكن لا تزال القوات الإسرائيلية متواجدة، ولم تنسحب حتى الآن من المحور.
وأشار شهود العيان، إلى أن الجرافات التابعة للبلديات تستعد لتسوية وتمهيد طريق الرشيد الساحلي بعد انسحاب القوات الإسرائيلية.
وتتواجد عشرات العائلات على بعد مئات الأمتار على طريق الرشيد استعداداً لعودتهم، رغم أن وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة، دعت النازحين للعودة اعتباراً من صباح الأحد.
ومن المتوقع أن تستمر المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار لمدة خمسة أسابيع أخرى. وبموجب الشروط، يجب إطلاق سراح 26 محتجزاً إسرائيلياً آخر، ومئات السجناء الفلسطينيين خلال تلك الفترة.
وتشير التقديرات إلى أن "حماس" لا تزال تحتجز 91 شخصاً تم أسرهم من إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. وهناك أيضاً ثلاثة رهائن إضافيين محتجزين منذ عام 2014 وما زالوا في غزة.
بموجب شروط الاتفاق، ستنسحب القوات الإسرائيلية من بعض أجزاء غزة وستزداد كمية المساعدات الإنسانية المتدفقة إلى القطاع.