رغم "عراقيل غربية".. روسيا تراهن على آسيا الوسطى في مواجهة نفوذ أميركا والصين

وثيقة حكومية مسربة تكشف خطة موسكو للتقارب مع الجمهوريات السوفيتية السابقة

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف خلال اجتماع على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أستانا. 3 يوليو 2024 - reuters
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف خلال اجتماع على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أستانا. 3 يوليو 2024 - reuters
دبي -الشرق

أظهر تقرير حكومي مسرب أن روسيا تسعى إلى تشكيل "اتحاد إقليمي مصغر" مع دول آسيا الوسطى لمواجهة النفوذ الاقتصادي للغرب والصين، وضغوط العقوبات، ولكن التقرير ذكر أن هذه الجهود تواجه "محاولات غربية"، لـ"عرقلة" جهود موسكو لجذب الجمهوريات السوفيتية السابقة إلى مدارها، وبناء روابط اقتصادية مع الجنوب العالمي.

ويمنح التقرير الحكومي الروسي الذي اطلعت عليه صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، وعرض في جلسة لمناقشة استراتيجية الدولة بحضور رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين في أبريل الماضي، "نظرة نادرة إلى الضرر الذي أحدثته الحرب في أوكرانيا بعلاقات روسيا مع بعض أقرب حلفائها".

ويقر التقرير الذي عرض في الجلسة، بأن العقوبات والمبادرات الاقتصادية التي قام بها الغرب، "نجحت في دق إسفين بين موسكو وبعض أقرب شركائها التجاريين".

وقدمت الحكومة الروسية التقرير إلى عشرات المسؤولين الحكوميين الكبار وعدد من المسؤولين التنفيذيين في أكبر الشركات الروسية، وكان من بين الحضور في الجلسة الخبير المتشدد، سيرجي كاراجانوف، الذي دعا الرئيس فلاديمير بوتين إلى استخدام السلاح النووي ضد أوروبا، والمفكر الروسي المقرب من بوتين ألكسندر دوجين.

مركز تجارة الكتلة الأوراسية

ووفقاً للتقرير، فإن موسكو تطمح إلى استعادة وصولها إلى التجارة العالمية عبر وضع روسيا في قلب تجارة الكتلة الأوراسية، لمنافسة دوائر النفوذ الاقتصادي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين.

ومنذ القرن الـ19 تعتبر روسيا أن آسيا الوسطى بمثابة باحتها الخلفية، ولكن منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، بذلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الصين محاولات للتقرب من دول المنطقة الخمس.

وعقد الاتحاد الأوروبي قمة مع دول آسيا الوسطى في مايو 2024، كما استقبل الرئيس الصيني شي جين بينج، زعماء الدول الخمس في قمة غير مسبوقة ببكين في مايو 2013.

وقام وزير الخارجية الأميركي آنذاك، أنتوني بلينكن، بعدة زيارات لدول المنطقة وأعلن دعماً أميركياً لها.

وترى روسيا في تشكيل "إقليم مصغر" مشروعاً طويل الأمد، ذا أهمية كبيرة، سيدوم لفترة أطول من أي محادثات مع الغرب بشأن مستقبل أوكرانيا، ويسهم في تقوية وضعها في الساحة العالمية.

وستربط الكتلة الجديدة، وفق التقرير، روسيا مع الجنوب العالمي عبر منح كل طرف المواد الخام الأساسية، وتطوير الروابط المالية، وكذلك المواصلات، وتوحيد هذه البلدان عبر "رؤية مشتركة للعالم، حيث نكتب القواعد للعالم الجديد، وتكون لدينا سياسة العقوبات الخاصة بنا".

"عقبات كبيرة"

ولكن التقرير يقر بأن العقبات أمام صعود روسيا مرة أخرى على الصعيد العالمي "لا تزال كبيرة".

ويذكر التقرير أن الدول الغربية نجحت في "تهديد" دول وسط آسيا للامتثال للعقوبات عبر أسلوب "العصا والجزرة"، بمنحهم وصولاً إلى الأسواق العالمية، وممرات النقل، وسلاسل الإمداد التي تتخطى موسكو.

واستفاد حلفاء روسيا من العقوبات عبر دفع رجال الأعمال الروس إلى خارج بلادهم، واستعادة السيطرة على تدفق الواردات والصادرات، وإعادة توطين وسائل الإنتاج من روسيا، وفقاً للتقرير الروسي.

ويشير التقرير إلى أن دول وسط آسيا، سعت إلى الحصول على عمولات إضافية لتعويض مخاطر انتهاك العقوبات.

ويقر التقرير بأن روسيا ستضطر إلى لعب "اللعبة الطويلة"، لمحاولة إبقاء دول وسط آسيا في مدارها، ويقترح أن تتقرب موسكو إلى تلك الدول بـ"التاريخ المشترك واحترام واستقلالها"، مع إدراك أن الانتصار الروسي في الحرب ضد أوكرانيا، "لن يكون كافياً لإنهاء ضغط العقوبات الغربية".

وقال التقرير، إن "العلاقات الوثيقة مع دولة مثل روسيا ستكون مصدراً للصعاب".

استغلال نقاط ضعف روسيا

واعتبر التقرير أن دول آسيا الوسطى "تستغل نقاط ضعف روسيا"، مشيراً إلى أنها تبحث الاندماج سوياً دون روسيا في جماعات مثل هيئات مثل "منظمة الدول التركية".

وأشار إلى أن تلك الدول "غيرت نظرتها إلى العالم"، عبر إعادة التفكير في "تاريخنا المشترك"، ووضعت الإنجليزية كلغة ثانية في المدارس بدلاً من الروسية، والتحرك صوب معايير غربية للتعليم، وكذلك، إرسال أبناء النخبة إلى الغرب للتعلم.

وأضاف أن هذه الدول "سيكون عليها أن تتخذ قراراً، بشأن موقفها من روسيا"، دون تقديم المزيد من الإيضاحات.

وأدانت كازاخستان، الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في الإقليم، الغزو الروسي لأوكرانيا، ورفضت الاعتراف بسيادة روسيا على الأراضي التي سيطرت عليها، وبذلت جهداً لإظهار امتثالها للعقوبات الغربية، فيما ألقت قرجيزستان، الدولة المجاورة بثقلها وراء روسيا، وظهرت كممر مهم لروسيا لتخطي العقوبات.

وأشار التقرير الروسي، حسبما نقلت "فاينانشيال تايمز"، إلى بيلاروس، على أنها "نموذج روسيا الأكثر نجاحاً"، وقارن بين دعوة الرئيس ألكسندر لوكاشينكو في 2018، إلى تنويع اقتصاد بلاده بعيداً عن روسيا، بإعلانه بعدها بست سنوات، أن بلاده "ستكون دوماً متحدة مع روسيا".

ولكن التقرير قال إن تطوير العلاقات بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تقوده موسكو، ويضم بيلاروس، وأرمينيا، وكازاخستان، وقرجيزستان، يواجه "مشكلات منهجية".

وتتضمن تلك المشكلات خطر العقوبات، واستخدم أنظمة مدفوعات مختلفة بعدما حظرت الدول الغربية روسيا من نظام "سويفت" للتحويلات المالية، وكذلك، تحكم روسيا في عملتها بعد فرض العقوبات، لمحاولة تجاوز وطأتها.

تصنيفات

قصص قد تهمك