وعود ترمب بتقليص موظفي الحكومة الأميركية تهدد معاقل الجمهوريين

مصلحة الضرائب في مرمى "إدارة ماسك".. ومخاوف من تراجع الإيرادات الفيدرالية

time reading iconدقائق القراءة - 8
الملياردير الأميركي إيلون ماسك بجانب الرئيس دونالد ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. 11 فبراير 2025 - REUTERS
الملياردير الأميركي إيلون ماسك بجانب الرئيس دونالد ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. 11 فبراير 2025 - REUTERS
دبي-الشرق

يواجه العديد من معاقل الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة تهديداً بتقليص الوظائف الفيدرالية، في ظل جهود إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لخفض حجم الحكومة.

وفي الوقت نفسه تتركز الأنظار على مصلحة الضرائب الأميركية، وسط أنباء عن استعداد الإدارة لتسريح آلاف الموظفين، مما يثير مخاوف بشأن تأثير ذلك على تحصيل الإيرادات الفيدرالية.

ويعمل ترمب، بالتعاون مع إيلون ماسك ووزارة كفاءة الحكومة، على خفض حجم ونطاق الحكومة الفيدرالية بشكل كبير. ولتحقيق ذلك، سيتعين عليه اتخاذ إجراءات تشمل مناطق ذات انتماءات سياسية مختلفة، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال.

ورغم أن واشنطن العاصمة وضواحيها تُعرف بكثافتها العالية من الموظفين الحكوميين، يشير الواقع إلى انتشار 2.3 مليون موظف فيدرالي مدني (باستثناء العسكريين وعمال خدمة البريد) في جميع أنحاء الولايات المتحدة.  

على سبيل المثال، تستهدف هذه الإجراءات موظفين في الدائرة الخامسة بولاية ألاباما داخل مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا، وفي الدائرة الثانية بولاية كنتاكي لدعم الزراعة والتنمية الريفية، وفي الدائرة الثانية بولاية كنساس لحماية السجناء الفيدراليين.

وبحسب تحليل لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن أكثر من نصف الدوائر الانتخابية المائة التي تضم أكبر نسبة من الموظفين الفيدراليين خاضعة لسيطرة الحزب الجمهوري، مما قد يجعل عمليات التقليص خارج واشنطن أمرا حساساً سياسياً قد ينال من حزب ترمب وشعبيته، حيث عادة ما يسعى المشرعون للحفاظ على الوظائف الحكومية داخل دوائرهم. 

وتضم منطقة واشنطن الكبرى، بما في ذلك العاصمة وولايات ماريلاند وفيرجينيا، حوالي 20% من الموظفين الفيدراليين المدنيين، وفق مكتب إدارة شؤون الموظفين. وباعتبارها مقر الحكومة الفيدرالية، كانت هذه المنطقة محوراً رئيسياً للجهود المحافظة المبكرة لتقليل عدد الموظفين والحد من البيروقراطية.

وتضم هذه المنطقة عدداً كبيراً من المنشآت العسكرية والمحاربين القدامى، مما يتطلب دعماً مدنياً كبيراً وموظفين من وزارة شؤون المحاربين القدامى. فعلى سبيل المثال، تضم الدائرة الرابعة بولاية أوكلاهوما قاعدة فورت سيل وقاعدة تينكر الجوية، وهما من بين أكبر جهات التوظيف في المنطقة. 

وفي الدائرة الخامسة بولاية ألاباما، يوجد مجمع ريدستون أرسنال الأمني الوطني، بالإضافة إلى مركز مارشال الفضائي التابع لناسا، ما يعني وجود عدد كبير من الموظفين الفيدراليين هناك.

وتضم ولايات الغرب الأوسط عدداً أكبر من الموظفين الفيدراليين المتخصصين في الزراعة، بالإضافة إلى موظفين مدنيين مرتبطين بالمنشآت العسكرية. ففي ولاية آيوا، يعمل 20% من الموظفين الفيدراليين المدنيين لدى وزارة الزراعة الأميركية، وفقاً لبيانات مكتب إدارة شؤون الموظفين.

أما الدائرة العاشرة بولاية أوهايو فهي موطن لقاعدة رايت باترسون الجوية، والتي تُعد أكبر جهة توظيف في الولاية، وفقاً لممثل المنطقة في الكونجرس.

وتميل الولايات الغربية إلى احتضان عدد أكبر من موظفي وزارة الداخلية، التي تشرف على الموارد الطبيعية والثقافية للبلاد، بالإضافة إلى وزارة الزراعة ووزارة الطاقة. ففي ولاية وايومينج، يمثل موظفو وزارة الداخلية حوالي 25% من إجمالي الموظفين الفيدراليين المدنيين في الولاية.

أما ألاسكا وهاواي فتمتلكان نسبة أعلى من الموظفين الفيدراليين لدعم المنشآت العسكرية، بالإضافة إلى موظفي وزارة شؤون المحاربين القدامى.

وبحسب "وول ستريت جورنال"، تعتمد تقديرات الدوائر الانتخابية على بيانات مكتب الإحصاء، وقد تحتوي على نسبة خطأ؛ نظراً لأن التعداد يعتمد على الإفصاح الذاتي للموظفين الفيدراليين. كما تعكس بيانات التعداد مكان الإقامة، وليس مكان العمل الفعلي، مما قد يؤدي إلى اختلافات مقارنة ببيانات مكتب إدارة شؤون الموظفين. 

تسريح آلاف الموظفين  

وفي السياق نفسه، أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن إدارة ترمب تستعد لبدء تسريح آلاف الموظفين في مصلحة الإيرادات الداخلية (مصلحة الضرائب)، وفقاً لما كشفه 6 أشخاص مطلعين على الأمر، مع بدء فريق الملياردير إيلون ماسك في استهداف القائمين على تحصيل الضرائب.

وناقش مسؤولون في وزارة الخزانة إقالة حوالي 9 آلاف موظف ما زالوا في فترة الاختبار كجزء من عمليات تسريح أوسع تشمل الموظفين الجدد في الحكومة، وذلك وفقاً للمصادر التي تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها للإفصاح عن مناقشات داخلية.  

وأشار العديد من الأشخاص المطلعين على الأمر إلى أن التخفيضات تستهدف بشكل خاص عمليات تحصيل الضرائب.  

وفي الواقع، بدأ أفراد من فريق ماسك في عقد اجتماعات مع كبار مسؤولي مصلحة الضرائب لمناقشة تغييرات جذرية محتملة في الوكالة.

ضربة لجهود بايدن  

ولطالما سعى الجمهوريون إلى تقليص حجم مصلحة الضرائب، وكانوا مستائين بشكل خاص من جهود إدارة الرئيس السابق جو بايدن لتوظيف آلاف الوكلاء الجدد لتعزيز عمليات إنفاذ الضرائب والتحصيل.

ونمت مصلحة الضرائب بنسبة 10% العام الماضي، حيث ارتفع عدد موظفيها من حوالي 90 ألفاً في السنة المالية 2023 إلى 100 ألف في السنة المالية الحالية.

وكانت الهيئة قد أعلنت أن الموظفين المرتبطين مباشرة بموسم تقديم الإقرارات الضريبية غير مشمولين بخطة "الاستقالة المؤجلة" التي شجعت الموظفين الفيدراليين على الاستقالة.  

وأثار ذلك تكهنات بأن التخفيضات ستركز على فرق تحصيل الضرائب، مما قد يقلل من إيرادات الحكومة الفيدرالية في الوقت الذي يدعو فيه ماسك إلى خفض العجز المالي.

وقال ستيف روزنتال، الزميل البارز السابق في مركز السياسات الضريبية (وهو مركز أبحاث غير حزبي): "إنه أمر مقلق للغاية، لأن إدارة (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن بذلت جهوداً جادة لتعزيز تطبيق القوانين الضريبية.. وأعتقد أن كل ذلك أصبح الآن في خطر.. فتجريد مصلحة الضرائب من الموارد البشرية يعد مكسباً لأولئك الذين يستغلون الثغرات في النظام، وهم عادة من دافعي الضرائب الأكثر ثراء وتعقيداً".

وقالت واشنطن بوست إن من المتوقع أن يرحب الجمهوريون في الكونجرس بتعديلات "وزارة كفاءة الحكومة" على مصلحة الضرائب، فكتب النائب الجمهوري جيسون تي. سميث، رئيس لجنة الطرق في مجلس النواب، رسالة إلى المفوض المؤقت لمصلحة الضرائب، الخميس، ينتقد فيها زيادة تمويل الهيئة بقيمة 80 مليار دولار التي أقرها الكونجرس خلال إدارة بايدن.

وجاء في الرسالة: "أظهر الرئيس ترمب خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من ولايته أنه جاد في وعوده الانتخابية.. حكومتنا لم تكن تعمل بكفاءة لصالح الشعب الأميركي، ويجب أن يتغير ذلك".

كان الكونجرس قد منح مصلحة الضرائب 80 مليار دولار على مدى 10 سنوات عبر قانون خفض التضخم لعام 2022، لكنه ألغى لاحقاً 20 مليار دولار من هذا التمويل.

قلق داخل مصلحة الضرائب

وداخل المصلحة، يتم التعامل مع عمليات التسريح الوظيفي بقلق كبير، ليس فقط على المستوى الفردي، لكن أيضاً بشأن تأثيرها على كفاءة النظام الضريبي، حيث إن الغالبية العظمى من موظفي وزارة الخزانة يعملون في مصلحة الضرائب.

وكان موظفو الهيئة قد احتفلوا بتمويل إدارة بايدن، الذي أدى إلى تحسينات ملحوظة في الأداء وتكنولوجيا المعلومات، لكن ثمة مخاوف الآن من أن إلغاء تلك التحسينات وتسريح آلاف الموظفين الجدد قد يضع المصلحة في حالة من الفوضى في منتصف موسم تقديم الإقرارات الضريبية.

وقال ديفيد كارون، وكيل ضرائب ورئيس فرع اتحاد موظفي الخزانة الوطنية في لويزيانا وأركنساس: "سيكون الأمر أشبه بالسقوط من على حافة الهاوية فجأة". 

تصنيفات

قصص قد تهمك