
تكثف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب جهودها لرسم مسار يجمع الروس والأوكرانيين على طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وسط غموض وغياب للتفاصيل، ما أثار حيرة الحلفاء بشأن "الخطة" التي قد تنهي صراعاً مستمراً منذ نحو 3 أعوام، وتعهد ترمب في حملته الانتخابية بوقفه في أول يوم له داخل البيت الأبيض.
عقد مسؤولون في إدارة ترمب لقاءات مع الحلفاء الأوروبيين، خلال مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا، من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بشأن اتفاق سلام مستقبلي بين موسكو وكييف، لكنها تركت الباب مفتوحاً أمام العديد من الأسئلة التي كان يطرحها حلفاء واشنطن بشأن الخطة الأميركية وإطارها الزمني والتنفيذي.
وتوجه الفريق الأميركي المكلف من ترمب بالتفاوض إلى مؤتمر ميونخ للأمن، بعد أيام من المكالمة الهاتفية "المفاجئة" بين ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، اتفقا خلالها على بدء المفاوضات لإنهاء الحرب.
ووصف ترمب المكالمة التي استمرت 90 دقيقة مع بوتين بأنها "رائعة"، وقال إن هناك "إمكانية جيدة لإنهاء تلك الحرب الرهيبة والدموية للغاية".
ولم يكشف ترمب عن نواياه تجاه التفاوض بخلاف الإشارة إلى أن الاتفاق من المرجح أن يؤدي إلى إجبار أوكرانيا على التنازل عن الأراضي التي استولت عليها روسيا منذ ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.
غموض خطة ترمب
واحتشد صناع السياسات، ومسؤولو الدفاع، والاستخبارات من حلفاء واشنطن للاستماع إلى خطاب نائب الرئيس جي دي فانس في ميونخ، آملين أن يوضح مسار إدارة ترمب لإنهاء الحرب، خاصة بعدما أشار الرئيس الأميركي إلى تنازلات تراها أوروبا "واسعة" تشمل تنازل كييف عن بعض من أراضيها "المحتلة" من روسيا، ومنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وما أشار إليه ترمب، الخميس، بوجوب "السماح لموسكو بالعودة إلى مجموعة السبع".
وعلى عكس من توقع حلفاء واشنطن، حاضر فانس الحلفاء في الاتحاد الأوروبي عن "تراجع" حرية التعبير في بلدانهم، ولم يأت على ذكر أوكرانيا سوى مرة واحدة فقط بشكل عابر.
كما تجنب فانس الرد على جميع الأسئلة حول ما إذا كانت روسيا ستكون قادرة على الاحتفاظ بالأراضي التي سيطرت عليها أو كيفية التوصل إلى اتفاق، إذا لم يكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مستعداً بعد لقاء بوتين.
فريدريك فلتز، الذي شغل رئيس موظفي مجلس الأمن القومي في إدارة ترمب الأولى، اعتقد في حديث مع "الشرق"، أنه "لا خطة أميركية على الطاولة حالياً إنما ملامح وأفكار". وأشار إلى أن ترمب "وضع أسساً تتمثل في تشكيل فريق تفاوضي، ووافق على الاجتماع مع الرئيس الروسي، وتحدث مع بوتين وزيلينسكي.. وفيما سيُكشف عن التفاصيل خلال قمة ميونخ حول الاتجاه الذي نسير فيه، لكنني أعتقد فقط أن الأولوية لترمب هي وقف القتال".
"لم تضع بعد خطة ملموسة"
بدوره، اتفق تشارلز كبشان، المدير السابق للشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، في حديث مع "الشرق"، أن "الإدارة لم تضع بعد خطة ملموسة للمفاوضات، وتتجه لإجراء محادثات مع الأوكرانيين والحلفاء الأوروبيين".
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أوروبيين، أخيراً، أنهم "حاولوا، دون جدوى، انتزاع أي خطة من فريق الأمن القومي التابع لترمب لضمان عدم استخدام بوتين لوقف إطلاق النار لإعادة بناء الجيش، والعودة بعد بضع سنوات للسيطرة على بقية أوكرانيا".
كما شكك بعض من أبرز الحلفاء للولايات المتحدة بميونخ في "صفقة ترمب"، وقال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إنه "مقتنع بأن مجرد إبرام صفقة من شأنه أن يضعفنا جميعاً: أوكرانيا وأوروبا، وأيضاً الولايات المتحدة".
في المقابل، ذكر زيلينسكي أنه تلقى إشارات من الولايات المتحدة، وصفها بـ"القوية"، لكنها "متباينة".
ورأى فليتز، الذي ألف بالشراكة مع المبعوث الأميركي الحالي لروسيا وأوكرانيا، كيث كيلوج، ورقة سياسات بعنوان "أميركا أولاً"، تضع استراتيجية لإنهاء الصراع الروسي الأوكراني، أن" الحل لن يكون مثالياً، ولن يكون أي من الطرفين سعيداً به".
وأضاف: "أعلم أن البعض يجادل بأن أي نتيجة لا تتضمن استعادة أوكرانيا لجميع أراضيها، وتحميل روسيا وبوتين مسؤولية واضحة، ليست نتيجة عادلة، ولكن هذه النتيجة غير ممكنة"، معتبراً أن ترمب يحاول إيجاد النتيجة الأكثر إنصافاً للطرفين لوقف القتال.
أهداف غامضة
وبعد نهاية اجتماعه مع زيلينسكي، وقبل عودته إلى واشنطن، عرض فانس المزيد من الأهداف التي اعتبرتها الدول الأوروبية "غامضة" للمحادثات المقبلة مع روسيا، قائلاً: "نريد أن تنتهي الحرب ويتوقف القتل، لكننا نريد تحقيق سلام دائم، وليس السلام الذي سيجعل أوروبا الشرقية في صراع بعد عامين فقط".
ولم يسلم الداخل الأميركي من الغموض الذي يحيط بخطة ترمب، وهو ما بدا في ردود فعل المشرعين الجمهوريين الذين واجهوا تحدياً في محاولتهم فهم جهود الإدارة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
من ناحيته، شكك الدبلوماسي الأميركي السابق، ديفيد سالفو، في حديث مع "الشرق" بقدرة واشنطن على لعب دور الوساطة الذي يقبله الطرفان حالياً، إذ يحيل ذلك إلى أن "روسيا ليس لديها نية جدية للتفاوض، ولن تقبل بأي شيء سوى الاستسلام لمطالبها القصوى".
وقدر سالفو الذي كان مؤخراً مستشاراً سياسياً لنائب وزير الخارجية لشؤون أوروبا، أن التحديات الرئيسية أمام مساعي ترمب وفريقه "ستكون إقناع أوكرانيا بقبول تنازلات إقليمية جوهرية، ووضع ضمانات أمنية موثوقة بما يكفي لردع روسيا عن أي عدوان مستقبلي".
الضمانات الأوكرانية
وفي مقابل، الضغط الأميركي حول التنازلات التي يجب أن تقدمها أوكرانيا، أكد زيلينسكي مراراً أن بلاده تريد "ضمانات أمنية" قبل أي مفاوضات مع روسيا.
ولم يسفر الاجتماع، الذي استمر حوالي 40 دقيقة بين فانس وزيلينسكي في ميونخ عن إعلانات كبرى توضح مسار الخروج من أعنف حرب تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك، أكد زيلينسكي موقف بلاده قائلاً: "نحن نريد السلام بشدة، لكننا بحاجة إلى ضمانات أمنية حقيقية".
وبدا أن فانس يكرر تصريحات ترمب لزيلينسكي، الجمعة الماضي. وقال: "نريد أن تنتهي الحرب، ونريد أن يتوقف القتل، لكننا نريد تحقيق سلام دائم، وليس السلام الذي سيجعل أوروبا الشرقية في صراع بعد عامين فقط".
ورأى كبير الباحثين في معهد "نيو لاينز"، يوجين تشاوسوفسكي، في حديث مع لـ"الشرق"، أن الخطة الأميركية "سواء كانت جذابة لأوكرانيا أم لا، فإن إدارة ترمب رسمت بوضوح خطاً فاصلاً، وحددت التوقعات بشأن نوع الدعم الذي هي مستعدة لتقديمه لكييف".
ولطالما سعت أوكرانيا للانضمام إلى الحلف الأطلسي، معتبرة أن الحلف الذي يتعهد فيه الأعضاء بالدفاع عن بعضهم البعض في حالة تعرضهم لهجوم، هو أفضل وسيلة لضمان أمنها، وهو ما عارضته روسيا باستمرار خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى اقتراب قوات الحلف من حدودها.
ثقة أوكرانية
وقال زيلينسكي لدى وصوله إلى مؤتمر ميونخ إن "أوكرانيا تثق في ضمانات حلف الناتو الأمنية، قبل أن يضيف أنه يعتقد أن العضوية ستكون الخيار الأرخص للجميع".
لكن هذه الضمانة تبدو الآن أقل صلابة، بعد أن قلل وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، من احتمال حصول أوكرانيا على عضوية حلف شمال الأطلسي في أي تسوية سلمية.
وقال هيجسيث إن "الولايات المتحدة لا تعتقد أن عضوية الناتو بالنسبة لأوكرانيا هي نتيجة واقعية لتسوية تفاوضية"، على الرغم من أن هيجسيث تراجع الخميس الماضي، عن تعليقاته مؤكداً أن "كل شيء على الطاولة" إلا أن ترمب كرر أن انضمام كييف إلى الحلف ليس "عملياً"، وأنه "من غير المرجح أن تعود البلاد إلى حدودها قبل عام 2014".
وأبدى وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس تعجبه من تقديم ما وصفها بتنازلات علنية لروسيا "قبل حتى بدء المفاوضات".
وقال بيستوريوس، قبيل اجتماع وزراء دفاع "الناتو" الأسبوع الماضي: "من وجهة نظري، كان من الأفضل مناقشة احتمال انضمام أوكرانيا إلى الناتو أو أي خسائر إقليمية محتملة للبلاد فقط على طاولة المفاوضات، وليس استبعادها مسبقاً".
لكن فريدريك فليتز، نائب رئيس مركز الأمن الأميركي في معهد "أميركا أولاً"، رأى أن مسألة عضوية أوكرانيا في "الناتو" كانت مستبعدة منذ فترة طويلة، مبيناً أنه "لا توجد طريقة للحصول على عضوية الحلف لكييف، إذ يتطلب ذلك تصويتاً بالإجماع من أعضاء الناتو".
وتابع: "من المؤسف حقاً أن القادة الأوروبيين يدّعون أن ترمب أزال شيئاً لم يكن مطروحاً أصلاً، ببساطة لأن ذلك غير ممكن، لذلك من الأفضل أن نمضي قدماً، ونحاول التوصل إلى نوع من المفاوضات المعقولة، لكن التمسك بعضوية أوكرانيا في الناتو لا معنى له".
ورأى تشارلز كبشان أن حصول أوكرانيا على عضوية حلف الأطلسي لن يحدث "وبناء على ذلك على كيف التركيز على بديلين، الأول هو إبرام مجموعة من الاتفاقيات الأمنية الثنائية، وهو ما بدأته بالفعل، والثاني هو التحرك بسرعة نحو عضوية الاتحاد الأوروبي، الذي يتضمن ضمانات أمنية معينة".
وأشار ديفيد سالفو إلى أن أوكرانيا على حق "حينما تجادل بأن الانضمام إلى الناتو هو الضمانة الوحيدة التي يمكن أن تمنع روسيا من استئناف عدوانها فبخلاف الضمانة الواردة في المادة الخامسة لحلف الناتو، فإن لدى أوكرانيا كل الحق في القلق من أن موسكو قد تتجاهل أي ضمانات أمنية أقل قوة".
العودة لحدود ما قبل 2014.. هدف غير واقعي
وجادل هيجسيث بأن موقف ترمب من الحرب يستند إلى "رؤية واقعية" للوضع على الجبهات، حيث حققت روسيا تقدماً كبيراً، معتبراً أن الولايات المتحدة تحول تركيزها نحو أمنها الداخلي ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، ما يعني تقليص دورها في أوروبا.
وقال هيجسيث لأعضاء مجموعة الاتصال الدفاعي لأوكرانيا، وهي تحالف يضم 57 دولة تقدم دعماً عسكرياً لأوكرانيا، الأربعاء الماضي: "نحن نريد، مثلكم، أوكرانيا ذات سيادة ومزدهرة، لكن يجب أن نبدأ الاعتراف بأن العودة إلى حدود ما قبل 2014، هو هدف غير واقعي".
وتسيطر موسكو حالياً على نحو "خمس أوكرانيا، خاصة في الشرق والجنوب، وتصر كييف على أن أي اتفاق سلام يجب أن يتضمن الانسحاب الكامل للقوات الروسية من أوكرانيا إلى حدود ما قبل عام 2014، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ودونيتسك ولوجانسك".
من ناحية أخرى، ضمت روسيا رسمياً أربع مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا وتريد الاعتراف بها كجزء من روسيا على الرغم من عدم سيطرتها على جميع الأراضي في تلك المناطق.
وقال زيلينسكي في مؤتمر صحافي خلال مؤتمر ميونخ للأمن: "لن نعترف أبداً بالأراضي المحتلة على أنها روسية".
وانتقد السيناتور الجمهوري الأميركي روجر ويكر، الذي يرأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، ما أسماه "خطأ مبتدئاً" من جانب هيجسيث بالتنازل عن حدود أوكرانيا قبل بدء المفاوضات، مضيفاً أنه "حائر ومنزعج".
وقال ويكر لصحيفة "بوليتيكو"، الجمعة، "الجميع يعلمون.. والأشخاص، في الإدارة يعرفون أنك لا تقول قبل اجتماعك الأول ما ستوافق عليه وما لن توافق عليه".
مبادلة الأراضي
وفي مقابلة مع صحيفة "الجارديان"، اقترح زيلينسكي مبادلة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا بالأراضي التي استولت عليها أوكرانيا في منطقة كورسك الروسية كجزء من اتفاق سلام ومع ذلك، استبعد الكرملين ذلك بسرعة.
وحول ما إذا كانت الإدارة الأميركية ستمارس ضغوطاً على أوكرانيا بشأن التنازل عن الأراضي، قال كبشان إن "ترمب سيضغط على كييف للتفاوض بجدية من أجل إنهاء الحرب، لكن لا أعتقد أن واشنطن تضغط على كييف للتخلي عن الأجزاء التي تحتلها روسيا"، مشيراً إلى أن هذه الأجزاء ستظل محل نزاع، تحت الاحتلال الروسي، لكنها لن تُعترف كأراضٍ روسية".
ويختلف في ذلك الدبلوماسي الأميركي السابق ديفيد سالفو الذي يرجح أن إدارة ترمب ستضغط على زيلينسكي للتخلي عن الأراضي مقابل وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن واشنطن "لن تعترض كثيراً على تجميد النزاع وفقاً لخطوط السيطرة الحالية "وهذا يعني أن روسيا ستحتفظ فعلياً بالأراضي التي تسيطر عليها كأمر واقع".
الصفقة الناجحة
وحدد تشارلز كبشان لـ"الشرق" مفهوم "الصفقة الناجحة" التي يمكن أن تصل إليها كييف، وتعد بمثابة انتصار وتشمل أولاً إعادة تعريف "النجاح" الذي كان خلال المرحلة الأولى من الحرب هو "هزيمة روسيا، وطرد القوات الروسية من القرم ودونباس".
أما الآن، من وجهة نظر كبشان "يجب أن يتغير، والتعريف الجديد هو أن تبقى 80% من أوكرانيا، لا تزال حرة، آمنة وديمقراطية ومزدهرة ومرتبطة بأوروبا.. هذا، في رأيي، سيكون نجاحاً لأوكرانيا وهزيمة لبوتين، لأنه حتى لو احتفظ بجزء من الأراضي الأوكرانية، فإن الأمة الأوكرانية ستكون قد خرجت نهائياً من دائرة النفوذ الروسي".
واستبعد كبشان أن تكون الأراضي القضية الأكثر صعوبة؛ لأنه في حال "التوصل إلى وقف إطلاق النار، فمن المرجح أن يكون على طول خط المواجهة الحالي".
ورأى كبشان أن "القضايا الأكثر تعقيداً ستكون المطالب الأخرى التي قد يطرحها بوتين، مثل حياد أوكرانيا، ووضع قيود على حجم القوات المسلحة الأوكرانية، والاعتراف بشرق أوكرانيا كأراضٍ روسية، ورفع العقوبات" معتبراً أن هذه هي القضايا التي من الممكن أن تصل المفاوضات عندها إلى طريق مسدود.
أوروبا وعبء الضمانات الأمنية
ودفعت الإدارة الأميركية نحو تولي أوروبا الدور الرئيسي في وقف إطلاق النار وتحمل عبء الضمانات الأمنية التي تنادي بها، كما أكد هيجسيث على أن "القوات الأميركية لن تكون جزءاً من أي مهمة لحفظ السلام، وأن القوى الأوروبية ستكون مسؤولة عن تمويل الضمانات الأمنية لأوكرانيا".
ودعا زيلينسكي إلى إنشاء "جيش أوروبي" لحماية القارة من روسيا، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة قد لا تكون مستعدة للدفاع عن أوروبا مستقبلاً.
وكان زيلينسكي قد أعلن حاجة بلاده لجيش يضم 1.5 مليون جندي للدفاع عن بلاده ضد روسيا في حال عدم انضمامها إلى "الناتو".
وأشار يوجين تشاوسوفسكي في حديثه مع "الشرق" إلى أن الولايات المتحدة "مستعدة لدعم أوكرانيا، ولكن مع تولي الأوروبيين الدور القيادي على الأرض، بينما من المرجح أن يتم التفاوض على التفاصيل المحددة للضمانات الأمنية خلال الأسابيع والأشهر المقبلة".
وطلبت الولايات المتحدة من الدول الأوروبية تقديم مقترحات تفصيلية حول الأسلحة، وقوات حفظ السلام، والترتيبات الأمنية التي يمكن أن تقدمها لأوكرانيا كجزء من أي ضمانات أمنية.
كما أكد مسؤولون غربيون لصحيفة "فاينانشال تايمز" (FT) أن "الطلب أُرسل بالتزامن مع مطالبة القادة الأوروبيين بأن يكونوا جزءاً من المفاوضات".
وترغب واشنطن من خلال هذا الاستطلاع، الذي أرسلته وزارة الخارجية الأميركية إلى الحكومات الأوروبية، في معرفة مدى استعداد أوروبا لحماية كييف بعد أي اتفاق سلام، والتكلفة التي قد تتحملها في مقابل المشاركة في المفاوضات مع موسكو.
وطلبت الخارجية الأميركية معلومات تفصيلية حول المعدات العسكرية التي يمكن للعواصم الأوروبية توفيرها، بالإضافة إلى عدد الألوية العسكرية التي قد تكون مستعدة لنشرها في أوكرانيا، بحسب المسؤولين.
مقايضة المساعدات الأميركية لأوكرانيا
وفي حوار مع شبكة NBC الأميركية، قال زيلينسكي إن "بلاده لديها فرصة ضئيلة للنجاة في مواجهة الهجوم الروسي بدون دعم الولايات المتحدة".
واقترح ترمب مراراً وتكراراً مقايضة المساعدات الأميركية بالمعادن الحيوية لأوكرانيا، راغباً في "ما يعادل 500 مليار دولار من المعادن النادرة"، وهي مجموعة من المعادن الحيوية للعديد من المنتجات عالية التقنية، مقابل المساعدات الأميركية، مبيناً أن "أوكرانيا وافقت بشكل أساسي على القيام بذلك".
وأشارت صحيفة "فايننشال تايمز" أن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت حاول إقناع زيلينسكي بالتوقيع على وثيقة تعاون اقتصادي تشمل اقتراحاً بملكية الولايات المتحدة على حوالي 50% من حقوق المعادن الأرضية النادرة الأوكرانية، لكن الرئيس الأوكراني رفض التوقيع عليها في محاولة للتفاوض على صفقة أفضل.
وقالت المصادر إن "زيلينسكي يريد أن تكون الضمانات الأمنية الأميركية والأوروبية مرتبطة بشكل مباشر بأي اتفاق بشأن الاحتياطيات المعدنية"، وفقاً لمصادر مطلعة تحدثت للصحيفة.
وخلال زيارته لكييف، ذكر بيسينت الذي كان أول مسؤول كبير يزور أوكرانيا أن "التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وأوكرانيا سيكون أساسياً لضمان أمن البلاد التي مزقتها الحرب"، مشدداً على أن الشراكة الاقتصادية ستبعث رسالة واضحة إلى الكرملين حول التزام إدارة ترمب بدعم أوكرانيا.
وأفاد بيسنت أن "الولايات المتحدة قدمت لزيلينسكي مسودة اقتراح حول التعاون الاقتصادي"، فيما أعرب الرئيس الأوكراني عن تطلعه إلى تحقيق تقدم بشأن الاتفاق بحلول مؤتمر ميونخ الأمني.