
تلقى مسؤولون كبار في وزارة الأمن الداخلي الأميركية، الجمعة، مذكرة تأمر بوقف فوري لجميع الأنشطة المرتبطة بمكافحة تغير المناخ وإزالة المصطلحات المتعلقة به من جميع الوكالات التابعة للوزارة، وفق "بلومبرغ".
وتحمل المذكرة توجيهات لكبار مسؤولي الوزارة بـ"إلغاء جميع الأنشطة المرتبطة بتغير المناخ وإزالة المصطلحات المتعلقة به من سياسات وبرامج وزارة الأمن الداخلي، إلى أقصى حد يسمح به القانون"، وفقاً لوثيقة اطلعت عليها "بلومبرغ".
وخلال 3 أسابيع منذ توليه منصبه، سعى ترمب إلى خفض الوظائف الحكومية وإغلاق مؤسسات مثل وزارة التعليم والوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID.
التوافق مع سياسات ترمب
وجاء في المذكرة أن هذه التعديلات تهدف إلى تحقيق "التوافق" مع الأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، التي تلغي العديد من القرارات المتعلقة بالمناخ التي أصدرها الرئيس السابق جو بايدن.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن التوجيه الصادر عن وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، يُمثل أحدث خطوة من ترمب ومساعديه للتراجع عن الجهود الفيدرالية لمكافحة الاحتباس الحراري، ما قد يؤثر على قدرات الاستجابة للكوارث التي تشرف عليها الوزارة.
وأضافت أن وزارة الأمن الداخلي لم تصدر تعليقاً فورياً على مضمون المذكرة المتعلق بالمناخ خارج ساعات العمل الرسمية.
وخلال الأسابيع الثلاثة التي أعقبت تنصيب ترمب، اتخذت إدارته خطوات للانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وأوقفت تدفق منح فيدرالية ممولة بمليارات الدولارات بموجب قانونين رئيسيين يتعلقان بالمناخ، كما أقالت أو أوقفت بشكل مفاجئ مئات الموظفين في وكالة حماية البيئة ممن يعملون في قضايا المناخ والعدالة البيئية.
ويشمل توجيه نويم الجديد في وزارة الأمن الداخلي تعديل أو إنهاء العقود المتعلقة بتغير المناخ، وإنهاء المشاركة في مجموعات العمل المعنية بالمناخ، ومراجعة أو إلغاء السياسات المناخية، وإيقاف متطلبات الإبلاغ ذات الصلة.
كما أمرت نويم قادة الوزارة بإزالة "مصطلحات تغيّر المناخ من جميع برامج وسياسات ومنتجات واتصالات وأنشطة وزارة الأمن الداخلي"، وفقاً للوثيقة.
وكانت نويم، خلال توليها منصب حاكمة ولاية ساوث داكوتا، قد شككت في الإجماع العلمي الراسخ بشأن دور البشر في التغيّر المناخي، بحسب ما أفادت صحيفة "بوليتيكو".
وتضم وزارة الأمن الداخلي أكثر من 260 ألف موظف، وهي مؤسسة شاملة تضم وكالات مثل دائرة خدمات الجنسية والهجرة الأميركية، وخفر السواحل، ووكالة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، إلى جانب وكالات أخرى.
لكن الإدارة الأكثر تأثراً بالتوجيه الجديد ربما تكون الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، والتي تعد الأداة الأساسية لتنظيم الاستجابات الفيدرالية للكوارث في البلاد.
ومع تزايد وتيرة وشدة حرائق الغابات والعواصف والفيضانات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، اضطرت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ إلى التعامل مع عدد أكبر من الكوارث وإنفاق المزيد من الأموال لمساعدة المجتمعات المتضررة.
فترة مضطربة
ويأتي التراجع عن سياسات المناخ داخل وزارة الأمن الداخلي في ظل مؤشرات متزايدة على تفاقم الأزمة. فقد أكد خبراء أن يناير الماضي كان الأشد حرارة على الإطلاق، متجاوزاً الرقم القياسي المسجل في يناير 2024.
كما نشر علماء دراستين حديثتين خلصتا إلى أن متوسط درجات الحرارة العالمية قد ارتفع بالفعل بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وفق "بلومبرغ".
وكانت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ مشغولة بالتعامل مع تداعيات حرائق الغابات في لوس أنجلوس، التي دمرت آلاف المباني، ومن المرجح أن تُصنف ضمن أكثر الكوارث كلفة في تاريخ الولايات المتحدة.
وشهد العاملون الفيدراليون في مجال الاستجابة للكوارث فترة مضطربة، إذ قالت نويم خلال مقابلة مع شبكة CNN في 9 فبراير الجاري إنها تسعى إلى "التخلص من الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ بشكلها الحالية".
وبعد ذلك بوقت قصير، أفادت شبكة NBC News بأن مسؤولاً بارزاً في الوكالة أصدر أمراً بتجميد المنح، في خطوة تتحدى قراراً قضائياً.
وفي الفترة ذاتها تقريباً، أعلنت وزارة الأمن الداخلي إقالة 4 موظفين في الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، من بينهم المدير المالي الذي شغل منصبه لفترة طويلة، وذلك على خلفية اتهامات بـ"التحايل على القيادة واتخاذ قرارات أحادية لصرف مبالغ باهظة على فنادق فاخرة في نيويورك للمهاجرين"، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست".
وتندرج هذه المدفوعات ضمن برنامج منح تابع للوزارة سبق أن أقره الكونجرس، حسبما ذكرت "بلومبرغ".
تأثير الإلغاء
ولم يتضح بعد كيف ستؤثر المذكرة على الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ والجهات الأخرى داخل وزارة الأمن الداخلي، لكن خبراء أعربوا عن مخاوفهم من تداعيات واسعة النطاق.
وقالت سامانثا مونتانو، الباحثة في مجال الكوارث بأكاديمية ماساتشوستس البحرية، إن "إزالة مصطلح تغير المناخ أمر سيئ. لكن هناك طرقاً للتحايل على ذلك".
وأعربت عن مخاوفها من أن إلغاء التمويل المخصص للبرامج المرتبطة بالمناخ قد يؤدي إلى "مشكلة تشغيلية أكبر بكثير".
من جانبها، أعربت كاري سبيرانزا، الرئيسة الفخرية السابقة للمجلس الاستشاري الوطني للوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، والذي قامت إدارة ترمب بحله الشهر الماضي، عن قلقها بشأن كيفية استجابة الوكالة الآن للكوارث الكبرى، التي غالباً ما ترتبط بارتفاع درجات الحرارة.
وقالت: "يجب أن نُقر بأن هذه الكوارث تزداد حجماً"، مضيفةً أن ذلك "يتطلب في النهاية المزيد من الموارد".