
تواجه وزارة التعليم الأميركية تهديدات من الرئيس دونالد ترمب بإغلاقها، وسط محاولات من إدارته لتسريح موظفيها، ما أثارت تساؤلات واسعة بين المعلمين وأولياء الأمور والطلاب بشأن إمكانية تنفيذ ذلك، ومدى تأثير التغييرات الجارية منذ بدء ولايته على النظام التعليمي في الولايات المتحدة.
ويسعى ترمب إلى تقليص حجم الوزارة "إلى أقصى حد ممكن ومسموح به بموجب القانون"، بحسب مسودة أمر تنفيذي، اطلعت عليها صحيفة "يو إس إيه توداي".
ورفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، التقارير التي أفادت بأن الرئيس الأميركي يخطط لتوقيع أمر تنفيذي محتمل، لكنها لم تستبعد اتخاذ إجراء لاحق.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن ترمب: "لا يزال يدرس اتخاذ إجراءات تنفيذية لإعادة تشكيل وزارة التعليم".
وذكرت "يو إس إيه توداي" أن الدستور الأميركي لا يمنح ترمب سُلطة إغلاق الوزارة، مرجعة السبب إلى أنها نشأت من خلال تشريع، ولا يمكن للرؤساء إلغاء القوانين بشكل أحادي.
ونبهت الصحيفة إلى أن ترمب "لم يطعن في دستورية التشريع الذي أنشئت الوزارة بموجبه"، لافتة إلى أن "هذه هي الخطوة التي ربما تؤدي إلى إحالة القضية إلى المحاكم لتسويتها".
"تدمير فعلي"
وتسببت أجندة الرئيس الأميركي السريعة والواسعة في تعطيل قطاعات رئيسية من النظام التعليمي في الولايات المتحدة، حيث أنهت وزارة كفاءة الحكومة DOGE، التي يشرف عليها الملياردير إيلون ماسك، عقود أبحاث تعليمية تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، ما أدى إلى "تدمير فعلي" لقدرة وزارة التعليم على جمع البيانات، بحسب الصحيفة.
وباتت الجامعات في حالة انتظار وسط معركة قضائية بشأن التخفيضات المقترحة للتمويل التي تعتمد عليه بشكل كبير إلى جانب تجميد تمويل المنح للباحثين بشكل منفصل، مما يعرض قبول الطلاب في الدراسات العليا للخطر، ويشكل تهديداً لميزانيات الكليات.
وفي الوقت نفسه، تعرضت وزارة التعليم نفسها إلى عمليات تسريح جماعي للموظفين، وعروض تعويضات للاستقالة، وتغيير في الإدارات، مما تسبب في حدوث إحباطات داخلية، وأدى إلى تقليل كفاءة الوزارة في أداء مهامها.
وكان رئيس الموارد البشرية في الوزارة حذَّر الموظفين في أواخر الأسبوع الماضي من أن "خفضاً كبيراً جداً" آخر في القوى العاملة سيحدث قريباً، داعياً إياهم إلى قبول عرض بقيمة 25 ألف دولار للاستقالة أو التقاعد خلال أيام.
وتعهد الرئيس الأميركي في حملته الانتخابية بإلغاء وزارة التعليم، التي لطالما قال جمهوريون إنها تتمتع بسُلطة كبيرة على السياسة التعليمية على المستويين المحلي وعلى مستوى الولايات، في حين أن الحكومة الفيدرالية ليس لديها سيطرة على المناهج الدراسية.
فهل يستطيع ترمب إغلاق الوزارة؟
أنشأ الكونجرس الأميركي وزارة التعليم في شكلها الحالي عام 1979 من خلال تشريع دمج برامج تعليمية عديدة كانت موزعة في السابق عبر وكالات مختلفة.
ويمنح الدستور الأميركي الكونجرس السُلطة لتمرير القوانين، ويوجه الرئيس لـ"الحرص على تنفيذ القوانين بأمانة"، ونظراً لأن الوزارة أنشأها الكونجرس، فإن ترمب لا يستطيع إغلاقها بشكل أحادي، وهو ما أقرته وزيرة التعليم الجديدة ليندا ماكماهون خلال جلسة تأكيد تعيينها.
وخلال الجلسة، قالت الوزيرة إنها تُدرك الحاجة إلى العمل مع الكونجرس لتقليص حجم الوزارة، مشيرة إلى أنه تجري صياغة خطة لإنشاء "وزارة تعليم أفضل أداءً".
وتابعت: "نود أن نفعل هذا بشكل صحيح.. فمن الواضح أنه لا يمكن إغلاقها دون الكونجرس".
وأكدت ماكماهون أن مصادر التمويل الرئيسية، مثل مِنح بيل والقروض الفيدرالية للطلاب والمساعدات المالية للمدارس ذات الدخل المنخفض، لن تتأثر بجهود إدارة ترمب لتقليص حجم الوزارة.
كما أُنشئت العديد من المكاتب داخل الوزارة أيضاً بموجب القانون، ولذا ستكون هناك حاجة إلى تمرير تشريع لإغلاقها أو نقل وظائفها إلى وكالات أخرى.
وبشكل أساسي، يدار التعليم في المدارس الأميركية من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر على المستويين المحلي والولائي وليس من قبل الحكومة الفيدرالية، حيث تخضع المدارس العامة لسيطرة مجالس المدارس، وتحصل على معظم تمويلها من خلال المخصصات من الهيئات التشريعية في الولايات ومن مصادر محلية، والتي عادةً ما تكون في شكل ضرائب على الممتلكات.
ومع ذلك، توفر الحكومة الفيدرالية ما يقرب من عُشر تمويل المدارس العامة، وهي نسبة صغيرة، ولكنها مهمة من ميزانيتها، كما أن الاستمرار في الحصول على هذه الأموال، يتطلب امتثال المدارس للقوانين الفيدرالية.
وتقدم الوزارة مليارات الدولارات سنوياً للمدارس العامة ذات الدخل المنخفض، ومليارات أخرى لمساعدة ملايين الأميركيين على دفع تكاليف التعليم الجامعي.
هل يمكن للكونجرس إلغاء الوزارة؟
يمكن للكونجرس إلغاء الوزارة من خلال تشريع، لكن على الرغم من سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، فإنهم لا يتمتعون بأغلبية كبيرة بشكل كافٍ في مجلس الشيوخ تمكنهم من إيقاف محاولات المعارضة استخدام إجراء "فيلبستر".
و"فيلبستر" هو إجراء يمكن من خلاله عرقلة أو تأجيل التصويت على قانون معين إلا إذا حصل على دعم 60 صوتاً في المجلس. وهذا يعني أنه سيتعين على سبعة ديمقراطيين على الأقل الموافقة على تمرير التشريع، وهو أمر غير محتمل للغاية، بحسب الصحيفة.