
تعتزم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إغلاق عشرات القنصليات الموجودة بشكل رئيسي في أوروبا الغربية خلال الأشهر المقبلة، مع احتمال إغلاق المزيد من البعثات الدبلوماسية، مما قد يوجه ضربة لجهود بناء الشراكات وجمع المعلومات الاستخباراتية، حسبما نقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين.
وذكر المسؤولون أن وزارة الخارجية تخطط أيضاً لتسريح العديد من الموظفين المحليين، الذين يعملون في مئات من بعثاتها الدبلوماسية، وهؤلاء يشكلون ثلثي القوى العاملة في الوزارة، كما أنهم يمثلون الركيزة الأساسية لفهم الدبلوماسيين الأميركيين للبيئة المحلية في العديد من الدول.
كما تبحث الوزارة دمج عدد من مكاتب الخبراء التابعة لها في مقرها الرئيسي بواشنطن، والتي تعمل في مجالات مثل حقوق الإنسان واللاجئين والعدالة الجنائية العالمية وقضايا المرأة والجهود المبذولة لمكافحة الاتجار بالبشر.
تهديد الأمن القومي
وكانت "رويترز" ذكرت، في فبراير، أنه طُلب من البعثات الأميركية في مختلف أنحاء العالم، النظر في خفض أعداد الموظفين الأميركيين والمحليين بـ 10% على الأقل، وسط جهود غير مسبوقة يقودها الرئيس ترمب والملياردير إيلون ماسك لخفض التكاليف وتقليص القوة العاملة في مختلف القطاعات الاتحادية.
وتضم السفارات ضباطاً من الجيش وأجهزة الاستخبارات وإنفاذ القانون والصحة والتجارة والخزانة، وغيرها من الوكالات، وجميعهم يعتمدون على هذه المنشآت لمتابعة التطورات في الدول المضيفة، والعمل مع المسؤولين المحليين لمواجهة التهديدات مثل الإرهاب والأمراض المعدية والأزمات الاقتصادية.
ويريد الرئيس الجمهوري ضمان امتثال إدارته بالكامل لأجندته "أميركا أولاً". وأصدر الشهر الماضي أمراً تنفيذياً لإصلاح الخدمة الخارجية الأميركية لضمان التنفيذ "المخلص والفعال" لأجندته للسياسة الخارجية.
وتعهد ترمب مراراً خلال حملته الانتخابية "بتطهير الدولة العميقة" من خلال طرد الموظفين الذين يعتبرهم غير مخلصين.
ويقول المعارضون إن التخفيضات المحتملة في التمثيل الدبلوماسي الأميركي إلى جانب تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تقدم مساعدات بمليارات الدولارات على مستوى العالم، من شأنه أن يقوض الزعامة الأميركية ويترك فراغاً خطيراً يمكن أن يملأه خصوم مثل الصين وروسيا.
ولدى الوزارة أكثر من 270 بعثة دبلوماسية حول العالم بإجمالي قوة عاملة نحو 70 ألف موظف، وفقاً لموقعها الإلكتروني.
وتأتي هذه التحركات في وقت تجاوزت فيه الصين الولايات المتحدة من حيث عدد البعثات الدبلوماسية حول العالم، حيث عززت بكين علاقاتها مع العديد من الدول، خاصة في آسيا وإفريقيا، وأصبحت تمارس نفوذاً متزايداً داخل المنظمات الدولية، وفق "نيويورك تايمز".
قلق في الاستخبارات
وأثارت الاقتطاعات قلقاً داخل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، حيث أن معظم ضباط الاستخبارات الأميركية يعملون في السفارات والقنصليات متخفين كدبلوماسيين، وبالتالي، سيحد إغلاق البعثات الدبلوماسية من الخيارات المتاحة لوضع عملاء المخابرات.
يأتي ذلك في وقت تفقد فيه وزارة الخارجية كبار موظفيها بسبب الاستقالات الطوعية، كما أن تجميد التوظيف يؤدي إلى تقلص القوى العاملة تدريجياً.
وقال مسؤول أميركي إن دورة تدريبية حالية مدتها 5 أسابيع، مخصصة للدبلوماسيين المخضرمين الذين يختارون التقاعد، تضم حوالي 160 شخصاً، وهو أحد أكبر أفواج الضباط المتقاعدين في الذاكرة الحديثة.
وأضاف المسؤول أن نحو 700 موظف، من بينهم 450 دبلوماسياً محترفاً، قدموا استقالاتهم خلال الشهرين الأولين من هذا العام، وهو معدل مذهل، إذ أنه قبل عام 2025، كان عدد المستقيلين على مدار عام كامل لا يتجاوز 800 شخص.