
قالت تقارير إعلامية إسرائيلية، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، شنّا "حملة مجنونة" لعرقلة إبرام صفقة محتملة بين الولايات المتحدة وحركة "حماس"، من شأنها أن تعيد فقط الرهائن الذين يحملون الجنسية الأميركية إلى إسرائيل من غزة.
وجاء التقرير، الذي استشهد بمسؤول دبلوماسي واستخباراتي أميركي كبير وعدد من المسؤولين الإسرائيليين، في وقت أعلنت فيه "حماس" أنها ستفرج عن الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، آخر رهينة أميركي إسرائيلي على قيد الحياة، بالإضافة إلى رفات أربعة أسرى إسرائيليين آخرين من مزدوجي الجنسية.
وأفاد تقرير لمراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرجمان، بأن مكتب نتنياهو "سرّب في وقتٍ سابق من هذا الشهر تقارير تفيد بأن مبعوث البيت الأبيض لشؤون الرهائن، آدم بولر، أجرى مؤخراً محادثاتٍ مع حماس بهدف التوصل إلى اتفاقٍ مؤقت للإفراج عن أسرى أميركيين-إسرائيليين".
وونقل مراسل "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول أميركي أن التسريب "يهدف إلى خلق توترٍ، ما يدفع (حماس) إلى تصلب موقفها، ويُمكّن نتنياهو من إلقاء اللوم على الحركة في إحباط الاتفاق المُرتقب".
وأشار المسؤول الأميركي، إلى أن إسرائيل "تريد الحفاظ على سيطرتها على تدفق المعلومات من حماس إلى البيت الأبيض"، قائلاً: "اتضح لنا أن نتنياهو وديرمر يخشيان ببساطة أن يتضح فجأة للولايات المتحدة من يريد صفقة ومن لا يريد؛ من المتردد ومن يدفع باتجاه استمرار الحرب".
ووفقاً للمسؤول الأميركي، الذي استشهد به بيرجمان، فإن "وحدة استخبارات الإشارات 8200 التابعة للجيش الإسرائيلي كانت قد علمت مسبقاً بالمحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وحماس"، مضيفاً أن البيت الأبيض "فوجئ باكتشاف إسرائيل للمحادثات السرية للغاية، التي كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب على علم بها".
وأضاف المسؤول أن ديرمر، المقرب من نتنياهو منذ فترة طويلة والمسؤول الإسرائيلي الحالي عن صفقة الرهائن، تمكن من إحباط اجتماع مخطط له بين "حماس" وبولر في يناير الماضي، موضحاً أن ديرمر "حاول أيضاً منع عائلات الرهائن من مقابلة ترمب في وقت سابق من هذا الشهر".
ومع ذلك، قال أحد أقارب الرهائن، الذي استشهد به بيرجمان، إن ديرمر حث في اجتماع، العام الماضي، مع عائلات الأسرى الأميركيين الإسرائيليين، على اللجوء إلى واشنطن، قائلًا: "اذهبوا إلى أميركا وتحدثوا إلى الإدارة والمؤسسة هناك حتى يتحركوا. لديهم فرصة أكبر بكثير لتحقيق شيء من التحدث إلينا".
نتنياهو وديرمر ينفيان
بدوره، نفى مكتب نتنياهو التقرير، واصفاً إياه بأنه "تلاعب خطير آخر وأخبار كاذبة تماماً في خضم المفاوضات، تخدم الحرب النفسية لحماس".
وأوضح مكتب رئيس الوزراء أن نتنياهو "أصر على زيادة عدد الرهائن الأحياء في الصفقات إلى أقصى حد، في مواجهة أولئك الذين يريدون الخضوع لإملاءات حماس بالاستسلام".
وقال مكتب رئيس الوزراء: "من السخافة أنه كلما نجح رئيس الوزراء في إعادة المخطوفين، زاد النقد السياسي الموجه إليه"، متعهداً بأن حكومته "ستواصل بذل كل ما في وسعها، بالتعاون مع المؤسسة الأمنية، لإعادة جميع رهائننا، الأحياء منهم والأموات".
أما وزير الشؤون الاستراتيجية الاإسرائيلي، فقد وصف تقرير صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنه "مجموعة أكاذيب"، قائلاً إنه "نصح عائلات الرهائن بالتوجه إلى الحكومة الأميركية لممارسة ضغط دبلوماسي مشترك"، إلا أنه لم يتطرق إلى التقرير الذي يفيد بأنه أحبط اجتماع بولر مع "حماس" في يناير.
وكان نتنياهو قد عيّن ديرمر مؤخراً مسؤولاً عن المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن، متجاهلاً رئيس الموساد ديفيد برنياع ورئيس الشاباك رونين بار.
وأي صفقة تقتصر على إطلاق سراح الرهائن الذين يحملون جنسية أجنبية محددة من المرجح أن تكون مثيرة للجدل بشدة في إسرائيل، ويُنظر إليها على أنها تُعطي أولوية غير عادلة لأفراد معينين على حساب آخرين، إذ هاجم منتدى الرهائن وعائلات المفقودين مثل هذه الصفقة ووصفوها بأنها "تمييز قائم على جوازات السفر".
جهود بولر وويتكوف
وصرح مسؤول مطلع على الأمر لبيرجمان بأن القيادة الإسرائيلية "انفجرت غضباً، عندما علمت بجهود بولر المزعومة لتأمين إطلاق سراح الرهائن الأميركيين الإسرائيليين"، كما أعرب مسؤول آخر عن شكه في قانونية صفقة رهائن تقتصر على المواطنين الأميركيين فقط.
بدورهم، صرح مسؤولون أميركيون، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، بأن محادثات بولر مع "حماس" كانت لمرة واحدة فقط، ولم تُثمر عن أي نتائج.
ووسط تقارير عن إبعاد بولر من المفاوضات، صرّح مسؤول أميركي لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، الخميس، بأن مبعوث الرهائن سيواصل دعم فريق ستيف ويتكوف، مبعوث البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط.
بدوره، قال ويتكوف للصحفيين، الجمعة، بأنه وصل هو وإريك تراجر، مدير مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، إلى الدوحة، الأربعاء، وقدما "مقترحاً مؤقتاً" لتمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة إلى ما بعد رمضان وعيد الفصح اليهودي (منتصف أبريل).
وأضاف أن "تمديد المرحلة الأولى، سيتيح وقتاً إضافياً لإسرائيل وحماس للتفاوض على وقف إطلاق نار دائم، حيث من المقرر عودة المفاوضين الإسرائيليين من قطر".
واستمرت المرحلة الأولى من الاتفاق، 42 يوماً وانتهت في الأول من مارس الجاري، وشهدت إطلاق "حماس" سراح 33 امرأة وطفلاً ورجلاً مدنياً فوق سن الـ 50 عاماً، بالإضافة إلى من اعتُبروا "حالات إنسانية" مقابل نحو 1900 سجين فلسطيني، بينهم أكثر من 270 يقضون أحكاماً بالمؤبد.
وكان من المفترض أن تبدأ محادثات المرحلة الثانية في 3 فبراير الماضي، وهو اليوم الـ16 من الاتفاق الأول، إلا أن إسرائيل انتظرت قرابة شهر بعد انتهاء المرحلة الأولى لبدء محادثات المرحلة الثانية، والتي ستشهد إطلاق "حماس" سراح 24 أسيراً يُعتقد أنهم على قيد الحياة.
وستتطلب المرحلة الثانية من إسرائيل، الانسحاب الكامل من غزة والموافقة على إنهاء دائم للحرب، وهو خط أحمر لشركاء نتنياهو اليمينيين المتطرفين في الائتلاف، وبعد انتهاء المرحلة الأولى، قامت إسرائيل بمنع تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، متعللة برفض "حماس" قبول عرض ويتكوف.