
تدرس إدارة الرئيس دونالد ترمب التخلي عن دور القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أوروبا، وذلك لأول مرة منذ تولي الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور آنذاك المنصب في عام 1951، ليصبح أول قائد أعلى للحلف، حسبما أوردت شبكة NBC News.
وتعمل وزارة الدفاع الأميركية على إعادة هيكلة كبيرة للقيادات القتالية والمقرات العسكرية الأميركية، ومن بين الخطط قيد الدراسة، التخلي عن دور القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا SACEUR، ويشغل هذا المنصب حالياً قائد القيادة الأوروبية الأميركية، وهو المسؤول عن الإشراف على دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا.
ولا يزال من غير الواضح المدة التي قد تستغرقها عملية إعادة الهيكلة، كما أن الخطة قد تتغير قبل اكتمالها، بالإضافة إلى ذلك، قد يتدخل الكونجرس باستخدام سلطته المالية، إذا عارض أي جزء من المبادرة.
وسيكون التخلي عن منصب القائد الأعلى للحلف، على أقل تقدير، تحولاً رمزياً كبيراً في ميزان القوى داخل الناتو، الحلف الذي شكل دعامة أساسية لأمن أوروبا وسلامها منذ الحرب العالمية الثانية.
وتأتي إعادة الهيكلة المقترحة في وقت خفضت فيه إدارة ترمب الإنفاق والموظفين في مختلف وكالات الحكومة الفيدرالية، إذ أوضح ترمب ووزير الدفاع بيت هيجسيث أن الإدارة الجديدة "تريد من الشركاء الأوروبيين تحمل مسؤولية أكبر في الدفاع عن أوروبا".
وكان ترمب قد انتقد مراراً الدول الأعضاء في الحلف، لعدم تحقيقها الهدف الذي حدده الحلف فيما يتعلق بنسبة الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة.
تغييرات رئيسية
وتدرس إدارة ترمب أيضاً، إجراء تغيير كبير في السياسة، قد تشمل امتناع الولايات المتحدة عن الدفاع عن أي دولة عضو في الحلف تتعرض لهجوم، إذا لم تفِ بالحد الأدنى للإنفاق الدفاعي، وهو مبدأ أساسي في الحلف.
ولا يزال الجدول الزمني لهذه الخطوة غير واضح، إذ من المقرر أن تنتهي فترة خدمة الجنرال كريس كافولي، القائد الحالي لقوات الناتو في أوروبا، هذا الصيف بعد 3 سنوات في المنصب.
وبحسب شبكة NBC News، فإن الخطة الجاري مناقشتها قد تشمل دمج خمس من بين 11 قيادة قتالية تابعة للجيش الأميركي.
وقد تتضمن خطة إعادة الهيكلة الشاملة قيد الدراسة تغييرات رئيسية، بينها دمج القيادة الأوروبية الأميركية والقيادة الأميركية في إفريقيا في قيادة واحدة مقرها شتوتجارت في ألمانيا، بالإضافة إلى إغلاق مقر القيادة الجنوبية الأميركية في فلوريدا ودمجها مع القيادة الشمالية الأميركية.
ووفقاً لمسؤولين مطلعين على الخطط، فإن دمج هذه القيادات سيسمح للجيش الأميركي بتوفير النفقات من خلال تقليل عدد الموظفين ذوي المهام المتداخلة، وإذا تم تنفيذ جميع التغييرات المقترحة، فقد توفر وزارة الدفاع (البنتاجون) ما يصل إلى 270 مليون دولار في العام الأول، لكن هذا المبلغ لا يشكل سوى 0.03% من إجمالي الميزانية السنوية لوزارة الدفاع الأميركية، التي تبلغ 850 مليار دولار.
"خطأ سياسي"
وفي هذا السياق، قال الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، الذي شغل منصب القائد الأعلى لقوات الناتو بين عاميْ 2009 و2013، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "بالنسبة للولايات المتحدة، فإن التخلي عن منصب القائد الأعلى لحلف الناتو سيُنظر إليه في أوروبا على أنه إشارة كبيرة إلى التراجع عن الحلف".
وأضاف: "سيكون ذلك خطأً سياسياً ذا أبعاد هائلة، وبمجرد أن نتخلى عنه، لن نستعيده مجدداً. سنخسر قدراً هائلاً من النفوذ داخل الناتو، وسيُنظر إلى هذه الخطوة، عن حق، على أنها الخطوة الأولى نحو الانسحاب من الحلف بالكامل".
ومنذ أن شغل أيزنهاور هذا المنصب، تولاه بعض من أبرز القادة العسكريين الأميركيين، بينهم ألكسندر هيج، الذي شغل أيضاً منصب رئيس موظفي البيت الأبيض ووزير الخارجية، وجون شاليكاشفيلي، الذي أصبح رئيساً لهيئة الأركان المشتركة، ووسلي كلارك، الذي كان مرشحاً في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2004.
وحال تخلي الولايات المتحدة عن منصب القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا SACEUR، فمن المرجح أن تضطر الدول الأعضاء الأخرى في الحلف إلى الاتفاق فيما بينها على الدولة التي ستتولى ترشيح القائد الجديد.