
أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب مسألة استحواذ الولايات المتحدة على محطات طاقة أوكرانية، بما في ذلك منشآت نووية، واصفاً إياها بـ"أفضل حماية لتلك البنية التحتية"، في وقت يسعى فيه البيت الأبيض إلى إحياء محادثات وقف الحرب الأوكرانية الروسية، حسبما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وجاء اقتراح ترمب خلال مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، ويمثل تطوراً جديداً في جهود السلام، والتي تضمنت اتفاقاً لم يُوقّع بعد، يمنح الولايات المتحدة حقوقاً في مئات المليارات من الدولارات من المعادن الأرضية النادرة بأوكرانيا.
وأعلن البيت الأبيض في بيان، أن زيلينسكي أبدى خلال مكالمته مع ترمب "موافقته على وقف جزئي لإطلاق النار ضد منشآت الطاقة"، كما ناقشا "إمدادات الكهرباء ومحطات الطاقة النووية في أوكرانيا".
وأضاف البيان: "يمكن للولايات المتحدة أن تكون عوناً كبيراً في إدارة هذه المحطات بخبرتها في مجال الكهرباء والمرافق. إن الملكية الأميركية لهذه المحطات ستوفر أفضل حماية لهذه البنية التحتية، وستدعم البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا".
وأوضح زيلينسكي، بأن مناقشة الاستثمار المحتمل في منشآت الطاقة مع ترمب، يشمل محطة زابوروجيا النووية، المتوقفة عن العمل في الأراضي التي تحتلها روسيا.
وأضاف الرئيس الأوكراني، أن ترمب سأل عما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة الاستثمار فيها وترميمها، فأجاب زيلينسكي بأنه "لا يعارض الفكرة".
وكانت المحادثة الهاتفية بين ترمب وزيلينسكي هي الأولى منذ لقائهما المشحون في المكتب البيضاوي الشهر الماضي، والذي اتهم فيه ترمب زيلينسكي بأنه "عقبة في طريق السلام"، وقطع المساعدات العسكرية لأوكرانيا لفترة وجيزة.
ووصف ترمب الاتصال بأنه "مكالمة هاتفية جيدة جداً مع زيلينسكي"، في حين وصف بيان وزارة الخارجية الأميركية هذا القرار بأنه "رائع" ويمثل استمراراً لجهود السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والتي بدأت في وقت سابق من هذا الشهر في السعودية. ويأتي ذلك في وقت تستأنف فيه الولايات المتحدة، الأحد، المحادثات في السعودية بشأن وقف الحرب.
ويعمل ترمب على التوسط في اتفاق سلام أوسع نطاقاً بين موسكو وكييف، اللتين وافقتا هذا الأسبوع على وقف جزئي لإطلاق النار لمدة 30 يوماً، يهدف إلى حماية بنيتهما التحتية للطاقة، إلا أن ذلك بدأ بداية صعبة، حيث تبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهامات بأن كل جانب هاجم منشآت الطاقة والنفط بعد ساعات من موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وقف مؤقت للهدنة الأميركية في مكالمته مع ترمب.
ويتردد ترمب في تقديم ضمانات أمنية حازمة لكييف كجزء من اتفاق سلام، لكنه أبدى اهتمامه باستحواذ الولايات المتحدة على حصص في ثرواتها المعدنية، والآن في منشآت الطاقة، لإعطاء واشنطن حصة في ضمان بقاء أي اتفاق قائماً.
15 مفاعلاً نووياً
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن أوكرانيا تشغل 15 مفاعلاً نووياً في أربع محطات طاقة نووية في جميع أنحاء البلاد، لكن مُشغّليها يواجهون وضعاً "شديد الغموض، ودائم التغير، وصعباً للغاية".
واستولت القوات الروسية على محطة زابوروجيا النووية، وهي الأكبر في أوروبا، بعد وقت قصير من غزو موسكو عام 2022. والآن، نظراً لقربها من خطوط المواجهة، فقد أصبحت هدفاً لهجمات متكررة.
وقبل الحرب، كانت زابوروجيا تُنتج حوالي 20% من إمدادات الكهرباء في أوكرانيا، وهي الآن في وضع إيقاف تشغيل إلى حد كبير، لكن روسيا أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها تُخطط لإعادة فتح الموقع في نهاية المطاف، وقد تستخدمه لتزويد المناطق المحتلة في أوكرانيا بالكهرباء.
وكانت الهجمات على البنية التحتية الأوسع للطاقة في أوكرانيا إحدى السمات المميزة للحرب، إذ بدأت روسيا ضربات مكثفة على شبكة الكهرباء الأوكرانية خلال أول شتاء للحرب أواخر عام 2022 وأوائل عام 2023، في محاولة لإضعاف عزيمة الأوكرانيين على القتال.
وغرقت أجزاء كبيرة من البلاد في الظلام بشكل دوري على مدار العامين التاليين، مع انقطاعات منتظمة للتيار الكهربائي حتى في العاصمة.
لكن بدا أن الهجمات استمرت من ليلة الثلاثاء وحتى الأربعاء، رغم وقف إطلاق النار الذي أعلنه بوتين والبيت الأبيض. وفي وقت سابق الأربعاء، قال زيلينسكي إن موسكو أطلقت 145 مسيرة وأربعة صواريخ كروز وصاروخين باليستيين على أوكرانيا خلال الليل، مستهدفةً البنية التحتية للطاقة من بين أمور أخرى، فيما قالت وزارة الدفاع الروسية إن أوكرانيا شنت هجومها الليلي على البنية التحتية النفطية الروسية في منطقة كراسنودار جنوب البلاد.