
قال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إن حماس تسعى للبقاء في غزة وإدارة القطاع، معتبراً أن "هذا الأمر غير مقبول". وأشار إلى أن هناك مفاوضات جارية لوقف بعض الضربات الإسرائيلية على غزة.
وفي مقابلة مع الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون مساء الجمعة، ذكر ويتكوف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد تحرير المحتجزين في غزة، لكنه يسعى إلى تحقيق ذلك من خلال سياسة الضغط على حماس.
وأضاف ويتكوف: "لا أعتقد أن حماس منغلقون أيديولوجياً إلى هذا الحد.. وعندما تفهم أنهم يريدون الحياة حينها تستطيع التحدث معهم بطريقة أكثر فاعلية".
وتابع: "حماس ليسوا منغلقين ويريدون الحياة، فما سمعناه في بداية هذا النزاع، هو أن حماس تحركهم الأيدولوجيا وهم مستعدون للموت، وتحدثت مع الرئيس ترمب بهذا الشأن، وقلت له لا أعتقد أنهم (حماس) منغلقون إيديولوجياً لهذه الدرجة، وليسوا عنيدين فكرياً، ولم أكن أصدق ذلك من قبل".
وأردف ويتكوف: "كنت أعتقد أنهم يربطون الأحزمة الناسفة على الأطفال، ولا يعرف هؤلاء الأطفال ماذا يفعلون"، مستطرداً: "عندما تفهم أنهم (حماس) يريدون الحياة، فحينها تستطيع الحديث معهم بطريقة أكثر فاعلية".
وأضاف: "هنا توصلت إلى خلاصة بأنهم (حماس) يسعون إلى بدائل، ونحن الآن في خضم مرحلة تفاوضية، لمحاولة وقف الضربات الإسرائيلية، وربما إنهاء هذا الصراع عبر الحوار".
وحذّر من أنه إذا لم يكن هناك يقين من إمكانية تحقيق ذلك، فإن المضي قدماً في المفاوضات سيكون إهداراً للوقت والموارد، قائلاً: "إذا لم أكن متأكداً من إمكانية إنهاء الأمر بالحوار، فلماذا أضيع وقت الولايات المتحدة وأوصى الرئيس بشيء قد لا يكون ممكناً؟".
ماذا تريد حماس؟
وأشار ويتكوف إلى أن "حماس تسعى إلى البقاء في غزة للأبد، وحُكم القطاع، وهذا أمر غير مقبول"، لافتاً إلى ضرورة تحديد ما تريده الحركة. وأضاف: "ما هو مقبول بالنسبة لنا، هو أن تتخلى الحركة عن أسلحتها، وربما يمكنهم البقاء هناك مؤقتاً، والانخراط في عملية سياسية".
وتابع: "لا يمكن أن يكون لدينا منظمة (إرهابية) تدير غزة، لأن ذلك لن يكون مقبولاً لدى إسرائيل"، مشيراً إلى أنه "إذا حدث ذلك، سنخوض نفس التجارب ثانية، وتكرار أحداث شبيهة بهجوم 7 أكتوبر كل 5 أو 10 أو 15 عاماً، وهذا ما تريده حماس، ولكنه غير ممكن".
وفي سياق متصل، كشف المبعوث الأميركي أنه عندما سأله الرئيس ترمب عن الفترة التي قد تستغرقها عملية إعادة إعمار غزة؟، أجاب: "قد تمتد إلى 20 عاماً، وشرحت له ظروف ساحة المعركة الحالية، لقد كنت في غزة بالفعل، وتم تدميرها بالكامل".
ويتكوف: لا يمكن القضاء على حماس بالكامل
وقال ويتكوف إنه "لا يعتقد أن أي شخص يؤمن بأنه يمكن القضاء على حماس بالكامل"، مشيراً إلى ضرورة وضع خطة جديدة لتحقيق الاستقرار غزة. وأوضح أن "الاستقرار في القطاع قد يشمل عودة بعض السكان، بينما قد لا يتمكن البعض الآخر من العودة".
ولفت إلى أهمية الوصول إلى مرحلة تمكن سكان غزة من العيش بحياة أفضل، داعياً إلى "وجود خطة تشمل الإسكان وتلبية تطلعات الناس هناك".
وأضاف المبعوث الأميركي: "سنحاول أن نجد طرقاً مختلفة لخطط التنمية في غزة، قد تتضمن حل الدولتين وقد لا تتضمن".
وأوضح ويتكوف أن "فهم ما تريده حماس أمر ضروري، لكنه صعب للغاية نظراً لطبيعة المفاوضات غير المباشرة والظروف المحيطة بالصراع".
وأشار إلى أنه زار غزة في وقت سابق، ثم التقى بقادة القيادة المركزية الأميركية وشاهد تقارير استخباراتية وأدلة مروعة، بما في ذلك صور عنف من جانب حماس، وهو ما أثر بشكل كبير على رؤيته للمفاوضات.
وأضاف: "كمفاوض، عليك أن تكون غير متأثر عاطفياً، لكن من الصعب تجاهل الحقائق على الأرض، مثل ما حدث في 7 أكتوبر".
"الأخطاء الاستخباراتية" وراء 7 أكتوبر
وقال إن "ما حدث في 7 أكتوبر، لم يكن ليأخذ هذا الحجم لولا الثغرات الأمنية التي سمحت بحدوث الهجوم"، مشيراً إلى أن "الأخطاء الاستخباراتية كانت عاملاً رئيسياً"، لكنه شدد على أن "البشر يرتكبون الأخطاء، ولسنا روبوتات".
وحول دوافع حماس، أوضح أن الحركة تسعى للحصول على شيء يتيح لها الخروج من هذا المأزق، مضيفاً أنه ناقش هذه المسألة بشكل مباشر مع الرئيس ترمب، معلقاً: "أنا لا أتخذ أي قرارات دون استشارة الرئيس، لأنه هو المنتخب، وليس نحن".
وأكد ويتكوف أن إيقاع المفاوضات وسرعتها عوامل حاسمة في التوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أن التواصل عبر الوسطاء لا يكفي أحياناً لفهم الموقف الحقيقي للطرف الآخر.
وأشار المبعوث الأميركي إلى أن النهج نفسه في التفاوض ينطبق على صراعات دولية أخرى، بما في ذلك إيران وروسيا وأوكرانيا وأذربيجان وأرمينيا، مؤكداً أن المبادئ التي تحكم هذه النزاعات متشابهة إلى حد كبير.
وشدد على أن ما يجري ليس مجرد "نظرية مؤامرة"، بل واقع دبلوماسي معقد يتطلب تقييماً دقيقاً لاتخاذ قرارات سياسية صحيحة.
المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا
وتطرق ويتكوف خلال المقابلة إلى التطورات الأخيرة في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أن التقدم الذي تحقق خلال الأسابيع الثمانية الماضية فاق كل التوقعات.
وأكد أن المناقشات بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين كانت ناجحة بشكل كبير، رغم التقييمات السلبية في بعض وسائل الإعلام.
وأشار ويتكوف إلى أن وقف إطلاق النار الشامل معقد للغاية، بسبب عوامل عسكرية متعددة، من بينها الوضع في مدينة كورسك الروسية، موضحاً: "هذا وضع ميداني معقد يجب التعامل معه، لكنه مجرد جزء من الصورة الكاملة".
وكشف عن تحقيق اختراقات كبيرة في المحادثات، من بينها اتفاق روسي على وقف استهداف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مقابل التزام مماثل من الجانب الأوكراني، مشيراً إلى أن هذا الملف لم يُناقش من قبل بشكل رسمي، لكنه الآن أصبح جزءاً من المفاوضات الجارية، وهو ما وصفه بأنه "تطور ضخم للغاية".
وأضاف: "اتفق الطرفان أيضا على إعادة تفعيل اتفاقية عدم استهداف السفن في البحر الأسود، حيث تعهد الجانبان بعدم شن هجمات بحرية متبادلة." وأكد أن هذا الاتفاق سيتم تنفيذه خلال الأسبوع المقبل بعد الانتهاء من بعض التفاصيل التقنية.
وأكد المبعوث الأميركي أن الهدف الرئيسي حالياً هو التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمدة 30 يوماً، يتم خلاله مناقشة شروط هدنة دائمة، لافتاً إلى أن هناك الكثير من التفاصيل التي يجب تسويتها، خاصة مع وجود أكثر من 70 إلى 80 اشتباكاً يومياً على امتداد الحدود الروسية الأوكرانية التي تمتد لمسافة 2000 كم.
وأشار إلى أن بعض الأوضاع الميدانية معقدة للغاية، حيث توجد مناطق محاصرة، وهناك قادة عسكريون يتساءلون عن كيفية التعامل مع الجنود المحاصرين، وهل يمكن إقناعهم بالاستسلام بدلاً من استمرار القتال.
تفاؤل أميركي
وأعلن ويتكوف أن فرقاً فنية ستعقد اجتماعاً في جدة، الاثنين، لبحث التفاصيل الدقيقة للهدنة المحتملة. مشيراً إلى أن هناك "إشارات إيجابية كثيرة من الجانب الروسي حول استعدادهم لمناقشة كل هذه الأمور بجدية".
وكشف أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أجرى محادثة مثمرة مع الرئيس الأميركي عقب محادثات الأخير مع فلاديمير بوتين، مما يدل على وجود قدر من المرونة لدى كييف في التعامل مع الحلول المطروحة لإنهاء الحرب.
وفي ختام حديثه عن هذا الملف، أكد ويتكوف أنه رغم تعقيدات النزاع، فإنه متفائل جداً بإمكانية التوصل إلى حل، مشيراً إلى أن القضايا الخلافية تم تضييقها بشكل كبير، ما يجعل الوصول إلى اتفاق أقرب من أي وقت مضى.