
جددت مصر، الاثنين، التأكيد على الرفض "القاطع والنهائي" لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة "قسراً أو طوعاً" لأي مكان، قائلة إن ذلك يعد بمثابة "تصفية للقضية الفلسطينية، وخطر داهم على الأمن القومي المصري"، بحسب بيان صادر عن الهيئة العامة للاستعلامات.
وأعلنت الهيئة "إعادة تأكيد مصر على موقفها الثابت والمبدئي، بالرفض القاطع والنهائي لأي محاولة لتهجير الأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة، قسراً أو طوعاً، لأي مكان خارجها، وخصوصا إلى مصر، لما يمثله هذا من تصفية للقضية الفلسطينية وخطر داهم على الأمن القومي المصري".
وأوضحت الهيئة "رفض مصر التام لأية مزاعم تتداولها بعض وسائل الإعلام، تتعلق بربط قبول مصر بمحاولات التهجير -المرفوضة قطعياً- بمساعدات اقتصادية يتم ضخها لها، مؤكدة أن السياسة الخارجية المصرية عموماً لم تقم قط على مقايضة المصالح المصرية والعربية العليا بأي مقابل، أياً كان نوعه".
جوهر الأمن القومي
وتابعت الهيئة: "فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والتي هي جوهر الأمن القومي المصري والعربي، فإن موقف مصر منها لأكثر من ثلاثة أرباع القرن، ظل موقفاً مبدئياً راسخاً يعلي من اعتبارات هذا الأمن القومي وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وهو ما تحملت مصر من جراءه - راضية وصابرة - أعباء اقتصادية ومالية هائلة، لم تدفعها مطلقاً في أي لحظة، نحو أي تنازل ولو طفيف في مقتضيات أمنها القومي الخاص وأمن أمتها العربية العام، ولا في حق واحد مشروع للشعب الفلسطيني الشقيق".
وأشارت الهيئة العامة للاستعلامات إلى أن "مصر لم تكتف برفضها القاطع والنهائي لمشروع التهجير المطروح منذ بدء العدوان على غزة، في المسارات السياسية والدبلوماسية، بل أعلنته عالياً وصريحاً منذ الساعات الأولى لهذا العدوان على لسان قيادتها السياسية، ملزمة نفسها به أمام شعبها والعالم كله، ومتسقة مع أمنها القومي والمصالح العربية العليا ومحافظة على القضية الفلسطينية، ومؤكدة على مبادئ سياستها الخارجية التي تقوم على الأخلاق والرفض التام لأن يكون لاعتبارات المقايضة أي تأثير عليها.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يناير الماضي، أن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه "ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، مضيفاً أن ما يتردد عن إمكانية تهجير الفلسطينيين إلى مصر، سيكون معناه عدم استقرار للأمن القومي المصري والأمن القومي العربي في منطقتنا. وتابع: "مهم جداً إن الناس اللي بتسمعنا تعرف أن منطقتنا بها أمة لها موقف في هذا الأمر، سواء أنا موجود في مكاني أو مشيت منه".
إدارة إسرائيلية
وفي وقت سابق الأحد، وافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على اقتراح قدّمه وزير الدفاع إسرائيل كاتس، لإنشاء إدارة جديدة داخل الوزارة تتولى "تمكين" مغادرة الفلسطينيين من قطاع غزة "طواعية"، حسبما أفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وذكر مكتب كاتس، في بيان، أن الإدارة الجديدة ستعمل على "التحضير لتمكين المرور الآمن والمنظم لسكان غزة الراغبين في مغادرة القطاع طوعياً إلى دول ثالثة، بما في ذلك تأمين تنقلهم، وتحديد مسارات للحركة، وإجراء الفحوصات عند المعابر المحددة داخل قطاع غزة، فضلاً عن تنسيق توفير البنية التحتية اللازمة التي تضمن انتقالهم براً وبحراً وجواً إلى الدول المستقبلة".
وأشار البيان إلى أن كاتس سيختار رئيس الإدارة الجديدة قريباً، زاعماً أن الجهود المبذولة لتمكين مغادرة سكان غزة الراغبين في الهجرة من القطاع "تتم بموجب القانون الإسرائيلي والدولي، ووفقاً لرؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب".
وأوضح كاتس: "نعمل بكل الوسائل لتنفيذ رؤية الرئيس الأميركي، وسنسمح لأي مقيم في غزة يرغب في الانتقال إلى دولة ثالثة بالقيام بذلك".
وأثار الرئيس الأميركي انتقادات عربية ودولية واسعة حتى من أقرب حلفائه الغربيين، بعدما طرح فكرة نقل الفلسطينيين من غزة وفرض سيطرة أميركية على القطاع المحاصر في أفق إعادة إعماره وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وقوبل مقترح الرئيس الأميركي برفض دولي مطلق، إذ عبّر حلفاء الولايات المتحدة، بما فيهم الأوروبيين، عن رفضهم اقتراح ترمب بأن "تتولى" الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة وإعادة توطين سكانه الفلسطينيين بشكل دائم، وأدانوه على الفور، معتبرين أن غزة "هي أرض الفلسطينيين، ويجب أن يبقوا فيها".
وأكدت أستراليا وإيرلندا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا واليابان وإيطاليا دعمهم لحل الدولتين، رافضين فكرة "تهجير" الفلسطينيين من أرضهم، مما يشكل تحدياً كبيراً أمام إدارة ترمب، التي يجب أن تتعامل مع مخاوف حلفائها قبل خصومها.
القوانين الدولية
وتعتبر الأمم المتحدة وأعلى محكمة في المنظمة، محكمة العدل الدولية، قطاع غزة جزءاً من الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
ويحظر القانون الدولي الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وهو ما يُعرف بأنه عمل عدواني. وينص ميثاق الأمم المتحدة على أن "جميع الأعضاء يمتنعون في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة وعن استخدامها ضد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي".
وتحظر اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، النقل القسري أو ترحيل الأشخاص المحميين في الأراضي المحتلة.
ووفقاً لنظام روما وهو الوثيقة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية، فإن مصطلح "قسراً" لا يقتصر على القوة البدنية، بل قد يشمل "التهديد بالقوة أو الإكراه، مثل ذلك الناجم عن الخوف من العنف أو الإكراه أو الاحتجاز أو القمع النفسي أو إساءة استخدام السلطة ضد الشخص المعني أو الأشخاص أو شخص آخر، أو من خلال استغلال بيئة قسرية".
كما أن منع سكان غزة من العودة، سيعد أيضاً انتهاكاً للمبادئ القانونية الدولية التي بموجبها يحتفظ السكان النازحون بالحق في العودة إلى الأراضي التي فروا منها.