
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، بدء المفاوضات على الأراضي الأوكرانية من أجل "ترسيم الحدود"، وسط توقعات بعقد جولة أخرى من المحادثات بين البلدين بعد انتهاء المباحثات الروسية الأميركية في السعودية، مشيراً إلى أن بلاده ستوقع على اتفاقية تقاسم عائدات المعادن النادرة مع كييف "قريباً".
وقال ترمب للصحافيين خلال اجتماعه بمجلس وزرائه، إن الولايات المتحدة تجري محادثات مع أوكرانيا لنقل ملكية محطات طاقة أوكرانية إلى الشركات الأميركية، معرباً عن اعتقاده بأن كلا الجانبين يرغبان بالوصول إلى تسوية النزاع.
واجتمع وفد أميركي مع مسؤولين أوكرانيين، الأحد، ومع مسؤولين روس، الاثنين، في العاصمة السعودية الرياض، لبحث وقف إطلاق النار في البحر الأسود، لكن ترمب قال إن "هناك قضايا أخرى طرحت للنقاش" في إطار السعي لوقف الحرب الروسية المستمرة منذ 3 سنوات على أوكرانيا.
وأضاف: "نحن نتحدث حالياً عن الأراضي، ونتحدث عن ترسيم الحدود، ونتحدث عن الطاقة، وملكية محطات الطاقة. البعض يقول إن الولايات المتحدة يجب أن تمتلك محطة الطاقة... لأننا نمتلك الخبرة".
وسبق أن طرح ترمب فكرة امتلاك الولايات المتحدة لمحطة زاباروجيا للطاقة النووية الواقعة في جنوب أوكرانيا، لكن روسيا تسيطر منذ بداية الحرب على المحطة المكونة من 6 مفاعلات نووية.
"لا حل عسكرياً"
من جهته، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وهو بجانب ترمب خلال اجتماع مجلس الوزراء، على أنه "لا يوجد حل عسكري لإنهاء هذه الحرب المستمرة منذ 3 سنوات، لذلك يجب أن تنتهي بالمفاوضات".
وأضاف: "بينما نحن نتحدث لدينا فريق في السعودية يتحدث مع الجانب المعني بهدف تحقيق تقدم باتجاه النتائج التي نتمنى رؤيتها.. واليوم نتمنى أن نكون تقدمنا خطوة واحدة باتجاه السلام".
ولاحقاً قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، إن بلادها "تواصل العمل من أجل وقف إطلاق النار"، موضحةً أن ما تسعى إليه الولايات المتحدة من خلال المفاوضات في السعودية حالياً هو الحصول على التزام من الطرفين بالسعي للسلام.
محادثات الرياض
وعقد مسؤولون من الولايات المتحدة وروسيا محادثات في العاصمة السعودية الرياض، في وقت سابق الاثنين، بهدف إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في البحر الأسود قبل التوصل إلى اتفاق مماثل في أوكرانيا. كما تأتي هذه المحادثات بعد مباحثات أميركية مع أوكرانيا في السعودية، الأحد.
وكثف ترمب جهوده لإنهاء الصراع المستمر منذ 3 سنوات بعد أن تحدث، الأسبوع الماضي، مع كل من نظيريه الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين.
وأوضح البيت الأبيض، أن الهدف من المحادثات هو التوصل إلى وقف إطلاق نار في البحر الأسود لضمان حرية حركة الملاحة، رغم أن المنطقة لم تشهد عمليات عسكرية مكثفة في الأشهر القليلة الماضية.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت المحادثات ستفضي سريعاً إلى اتفاق جديد أم كان الغرض منها منح الجانبين فرصة لمناقشة قائمة أولويات أوسع.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لوكالة "تاس"، إن "وفدي الخبراء من روسيا والولايات المتحدة لا يخططان للتوقيع على أي وثائق بناء على نتائج المشاورات في الرياض".
وذكر أن "الأمر يتعلق في المقام الأول بسلامة الملاحة" في البحر الأسود، مشيراً إلى أن اتفاقاً سابقاً بشأن الملاحة في البحر الأسود عام 2022 لم يحقق ما تضمنه من تعهدات لموسكو.
وعلى الرغم من الهجمات الروسية على موانئها، تمكنت أوكرانيا من تصدير الحبوب وخام الحديد وسلع أخرى عبر البحر الأسود من موانئها البحرية الرئيسية الثلاثة في منطقة أوديسا بمستويات مماثلة لما كانت عليه قبل الحرب.
لكنها لم تتمكن من استخدام ميناء ميكولايف الذي كان مركزاً رئيسياً آخر للتصدير، ودعا زيلينسكي قادة الاتحاد الأوروبي هذا الشهر إلى "دعم فكرة الهدنة البحرية والجوية".
وأفاد مصدر مطلع على الخطط الأميركية تجاه المحادثات، بأن "الوفد الأميركي يقوده آندرو بيك المسؤول الكبير بمجلس الأمن القومي الأميركي، ومايكل أنطون المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية"، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
ويمثل روسيا جريجوري كاراسين وهو دبلوماسي سابق يشغل حالياً منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي، وسيرجي بيسيدا مستشار رئيس جهاز الأمن الاتحادي.
ونقلت وكالة "إنترفاكس" للأنباء عن كاراسين القول خلال استراحة بعد محادثات لنحو 3 ساعات إن المشاورات تتقدم "بشكل بناء"، وإن الجانبين ناقشا قضايا ينظر إليها على أنها "تؤرق" العلاقات الثنائية.
وعبر ترمب، الذي دعا مراراً إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، عن ارتياحه التام لسير المحادثات، وأشاد بانخراط بوتين في العملية حتى الآن.
الأراضي الأوكرانية
وأعرب بوتين عن استعداده لبحث السلام، لكن يجب على أوكرانيا التخلي رسمياً عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وسحب قواتها من كامل أراضي 4 مناطق أوكرانية أعلنت روسيا ضمها، وتسيطر على معظمها.
وتريد روسيا السيطرة على كامل المناطق الأربع في شرق أوكرانيا التي أعلنت ضمها، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي استولت عليها وضمتها عام 2014.
ونقلت صحيفة "كوميرسانت" الروسية عن مصادر لم تُسمها حضرت فعالية أعمال خاصة مع بوتين، الثلاثاء الماضي، قولها إنه يريد من الولايات المتحدة الاعتراف رسمياً بضم روسيا للمناطق الأربع وهي لوجانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، إلى جانب شبه جزيرة القرم.
وتقر أوكرانيا بالفعل بعدم قدرتها على استعادة "بعض أراضيها المحتلة بالقوة"، وتقول إنها سيتعين إعادتها عبر الطرق الدبلوماسية بمرور الوقت. ومع ذلك، تُصرّ كييف على أنها لن تعترف أبداً بالسيادة الروسية على المناطق الأوكرانية.
ورداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستقبل اتفاق سلام يُسمَح فيه لروسيا بالاحتفاظ بالمناطق الأوكرانية، أجاب مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز قائلاً: "علينا أن نسأل أنفسنا: هل هذا في مصلحتنا الوطنية؟ هل هو واقعي؟... هل سنطرد كل روسي من كل شبر من الأراضي الأوكرانية؟".