
يسعى مشرعون ديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي، الأربعاء، إلى إجبار إدارة الرئيس دونالد ترمب على تسليم سجلات متعلقة بالكشف عن خطط عسكرية شديدة الحساسية تمت مشاركتها عبر تطبيق مراسلة تجاري، وفقاً لـ"مشروع قرار" اطلعت عليه "رويترز".
وقدم المشرّعون مشروع قرار، إذا أقره مجلس النواب، سيطلب من إدارة ترمب نقل مجموعة واسعة من الوثائق ومحادثات الرسائل والمخططات والملاحظات من الاجتماعات والسجلات الهاتفية المتعلقة بالنقاشات التي جرت على تطبيق سيجنال، والتي شارك فيها مسؤولون بارزون في الإدارة وصحفي.
ولم يتضح ما إذا كان "مشروع قرار التحقيق" سيتم تمريره من خلال تصويت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب أم مجلس النواب بكامل هيئته، لكنه يُبقي الأضواء مسلطة على قضية سعى البيت الأبيض إلى التقليل من شأنها منذ نشر التقرير في صحيفة ذا أتلانتيك، الاثنين.
وطرح مشروع القرار أحد أكثر ردود الفعل حدة حتى الآن من جانب الديمقراطيين على ما بدا أنه اختراق أمني.
كبير الديمقراطيين يقود التحركات
وقال مصدر مطلع على مشروع القرار، إن النائب جريجوري ميكس، كبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، هو من يقود هذا المسعى، ويدعمه جميع الديمقراطيين في اللجنة.
وبموجب قواعد مجلس النواب، يجب أن تصوت اللجنة المعنية في المجلس على مشروع قرار التحقيق، وهي في هذه الحالة لجنة الشؤون الخارجية، في غضون 14 يوماً، وإلا يمكن للديمقراطيين فرض التصويت عليه في المجلس بكامل هيئته.
ويطالب الديمقراطيون، ومعهم بعض زملاء الرئيس دونالد ترمب في الحزب الجمهوري، بتفسيرات بعد انتشار خبر هذا الأسبوع بأن كبار المسؤولين، بمن فيهم نائب الرئيس جيه.دي فانس وأعضاء من حكومة ترمب ناقشوا هذا الشهر هجوماً وشيكاً على الحوثيين في اليمن في مجموعة للدردشة على منصة سيجنال كان رئيس تحرير ذي أتلانتيك من
أعضائها.
ديمقراطيون بالشيوخ: سوء تقدير مذهل
في السياق نفسه، كتب زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، وكبار الديمقراطيين في المجلس، الأربعاء، رسالة إلى ترمب، وكبار مسؤوليه، يحثون فيها على إجراء وزارة العدل تحقيقاً في كيفية إدراج صحافي، عن غير قصد، في مناقشة جماعية سرية حول خطط حرب حساسة.
وعبّر أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون عن شكوكهم، مشيرين إلى أن رئيس تحرير مجلة أتلانتيك جيفري جولدبرج، ذكر أن وزير الدفاع بيت هيجسيث نشر تفاصيل عملياتية حول الضربات المعلقة ضد الحوثيين في اليمن، "بما في ذلك معلومات عن الأهداف والأسلحة التي ستنشرها الولايات المتحدة، وتسلسل الهجوم".
وكتب أعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين في رسالتهم: "نكتب إليكم بقلق شديد بشأن سوء التقدير المذهل الذي أظهره مجلس وزرائكم ومستشارو الأمن القومي".
وأضافت الرسالة: "علاوة على ذلك، وبالنظر إلى أن الكشف المتعمَّد - أو الإهمال - عن معلومات سرية، أو حساسة تتعلق بالأمن القومي قد يشكل انتهاكاً جنائياً لقانون التجسس، أو غيره من القوانين، فإننا نتوقع من المدعي العام بوندي إجراء تحقيق شامل ونزيه في سلوك المسؤولين الحكوميين المتورطين في مشاركة أو مناقشة هذه المعلومات بشكل غير صحيح".
وقال مستشار الأمن القومي مايك والتز إنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن الاختراق، لأنه هو من أنشأ المجموعة على سيجنال. لكن يوم الأربعاء، قلل والتز من شأن هذا الكشف، قائلاً في منشور على "إكس": "لا مواقع، لا مصادر ولا أساليب، لا خطط حربية، تم إخطار الشركاء الأجانب بالفعل بأن الضربات وشيكة".
كما قلل ترمب من شأن التسريب الذي يخص اليمن، قائلاً في بودكاست: "لم يكن هناك ما يكشف عن... الهجوم".
إطلاق "صيحة حرب"
وعلى الرغم من أن الجمهوريين يملكون الأصوات اللازمة لعرقلة هذه الإجراءات، ينظر الديمقراطيون إلى هذه الجهود على أنها وسيلة إثبات حالة على الجمهوريين وإطلاق صيحة حرب محتملة في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.
ويتمتع الجمهوريون بأغلبية بفارق ضئيل في مجلس النواب، ويؤيدون حتى الآن جميع مواقف ترمب السياسية.
ومع ذلك، أقر بعض مسؤولي الإدارة بأن إضافة الصحافي إلى محادثة عسكرية حساسة كان خطأ، وقد يصعب على بعض الجمهوريين الاعتراض على طلب معلومات من الإدارة.
دعوى قضائية ضد كبار إدارة ترمب
وقال موقع "أكسيوس"، الأربعاء، إن منظمة رقابية أقامت دعوى قضائية ضد وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، ومسؤولين آخرين في إدارة ترمب، بسبب استخدامهم تطبيق "سيجنال" لمناقشة خطط عسكرية.
وقالت منظمة "أميركان أوفرسايت" في دعواها القضائية، إن المحادثة، التي جرت عبر التطبيق التجاري غير السري، وشملت، عن طريق الخطأ، رئيس تحرير مجلة ذي أتلانتيك "تنتهك قوانين السجلات الفيدرالية".
الدعوى، التي رُفعت أمام محكمة فيدرالية في واشنطن، تضمنت أسماء عدد من المسؤولين، منهم هيجسيث، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، بالإضافة إلى ماركو روبيو بصفته وزير الخارجية والقائم بأعمال أمين الأرشيف الوطني.
وقالت "أميركان أوفرسايت"، في بيان، إنها تسعى إلى "استعادة الرسائل التي حُذفت بشكل غير قانوني، ومنع أي تدمير إضافي لها".
قانون السجلات الفيدرالية
وأوضحت المنظمة غير الربحية أن "قانون السجلات الفيدرالية يُلزم المسؤولين الفيدراليين بالحفاظ على الاتصالات المتعلقة بالأعمال الحكومية الرسمية".
وأضافت: "عادة ما تضمن الوكالات الفيدرالية الاحتفاظ بالرسائل المرسلة، عبر تطبيقات مثل سيجنال، من خلال وضع سياسات تلزم المسؤولين والموظفين بإعادة توجيهها إلى الأنظمة الرسمية لأرشفتها بشكل صحيح، أو اتخاذ إجراءات أخرى للحفاظ على محتواها".
وقالت المديرة التنفيذية المؤقتة لـ"أميركان أوفرسايت"، تشيوما تشوكوو، في بيان إن "الكشف عن معلومات عسكرية حساسة في محادثة جماعية على تطبيق سيجنال تضم صحافياً يُعد إنذاراً خطيراً لمساءلة الحكومة، وقد يشكل جريمة".
وقال "أكسيوس" إن ممثلي البنتاجون رفضوا التعليق، مؤكدين أنهم لا يناقشون الدعاوى القانونية الجارية، بينما لم يرد ممثلو مدير الاستخبارات الوطنية ووكالة الاستخبارات المركزية وإدارة الأرشيف الوطني على طلبات التعليق.