
تعهدت فرنسا بتقديم مساعدات عسكرية قيمتها ملياري يورو لأوكرانيا، حيث التقى نحو 30 قائداً بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في باريس، الخميس، لمناقشة تعزيز موقف كييف والدور الذي قد يلعبونه في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا.
كانت هذه القمة الثالثة لما أطلقت عليه فرنسا وبريطانيا اسم "تحالف الراغبين"، ما يعكس قلق الأوروبيين من أن الولايات المتحدة لم تعد تمثل سنداً قوياً لأوكرانيا في حربها المستمرة منذ ثلاث سنوات ضد روسيا.
واستضافت فرنسا بدعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون وفوداً من نحو 30 دولة في محاولة لبلورة بعض الأفكار لدعم أوكرانيا وبحث الموقف بشأن الحرب وجهود تحقيق السلام.
وكان من بين الحاضرين رؤساء وزراء بريطانيا وبولندا وإيطاليا، بالإضافة إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، ونائب الرئيس التركي يشارك جودت يلماز.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن التحالف اتفق على المضي قدماً لدعم عملية السلام في أوكرانيا، مشيراً إلى أن القادة ناقشوا كيفية دفع تنفيذ وقف إطلاق النار الكامل أو الجزئي، وأضاف: "نحن مستعدون لتطبيق اتفاقية سلام، مهما كان شكلها".
وأشار ستارمر إلى ضرورة زيادة الضغط العسكري والاقتصادي على روسيا.
ويكافح حلفاء كييف الأوروبيون للمشاركة في عملية السلام بعد أن بدأت الولايات المتحدة محادثات مباشرة مع روسيا وأوكرانيا دون مشاركة أوروبية.
أمن أوكرانيا وأوروبا
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن الوفود التي تشارك في مؤتمر باريس تعمل على تعزيز أمن أوكرانيا وأمن أوروبا بأسرها.
وأضافت فون دير لاين في حسابها على منصة "إكس"، أن تعزيز قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها هو نقطة البداية على طريق دعم الأمن الأوروبي، مشيرة إلى أن القارة في حاجة لخطة مشتركة طويلة المدى.
وقال الرئيس ماكرون، الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي مع زيلينسكي: "في البداية (سنناقش) الدعم الفوري لأوكرانيا. يجب أن يستمر هذا الدعم؛ لأنه ضروري لمواصلة المقاومة".
وتعهد ماكرون بتقديم دعم عسكري فرنسي بقيمة ملياري يورو إضافية، يشمل صواريخ وطائرات حربية ومعدات دفاع جوي. وقال زيلينسكي إن شركاء آخرين ربما يعلنون عن حزم مساعدات الخميس.
صياغة دور أوروبي
ويهدف انعقاد القمة إلى صياغة دور لأوروبا في أي محادثات لإنهاء الصراع، في حين تغيب الولايات المتحدة، يقول مسؤولون فرنسيون إن سيجري إطلاع الإدارة الأميركية على نتائج الاجتماع.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية، أن ماكرون تحدث مع ترمب قبل الاجتماع.
وتركز المناقشات على كيفية دعم أوكرانيا عسكرياً لردع الهجمات المستقبلية، وكيفية مراقبة وقف إطلاق النار المحدود فوق الأهداف البحرية والبنية التحتية للطاقة، على النحو الذي نوقش في المحادثات التي قادتها الولايات المتحدة هذا الأسبوع في السعودية.
وأعلنت واشنطن، الثلاثاء، توقيع اتفاقات منفصلة مع موسكو وكييف لوقف إطلاق النار في البحر الأسود، لكن روسيا عرضت شروطاً. وشملت هذه الشروط رفع العقوبات عن الزراعي الحكومي الروسي "روسلخوز بنك"، وإعادة ربطه بنظام المدفوعات الدولية "سويفت".
وأعلن الاتحاد الأوروبي، الذي استبعد بنك "روسلخوز بنك" من نظام "سويفت"، الأربعاء، أنه لا يمكن إعادة انضمامه إلا بعد أن تسحب روسيا قواتها من أوكرانيا.
"قوة طمأنة"
وأفاد مسؤولون وكالة "رويترز" بأن الجهود الأوروبية، بقيادة ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، لوضع ترتيبات أمنية لأوكرانيا، تتحول من إرسال قوات إلى دراسة بدائل أخرى، في ظل مواجهة قيود سياسية ولوجستية، واحتمال معارضة روسيا والولايات المتحدة لخططها.
وقال مكتب ستارمر في بيان: "رئيس الوزراء يؤكد على ضرورة تكاتف الجميع لدعم أوكرانيا لمواصلة القتال، ودعم الجهود الأميركية لتحقيق تقدم حقيقي، على الرغم من التعتيم الروسي المستمر".
وركزت الخطط حتى الآن على القدرات العسكرية الأوروبية، بما في ذلك الطائرات والدبابات والقوات، وتبادل المعلومات الاستخباراتية والخدمات اللوجستية.
وأضاف البيان، أن المناقشات ركزت على ما يمكن للدول الأوروبية المساهمة به لدعم أي قوة مستقبلية.
وتشير وثيقة موجزة لقمة، الخميس، اطلعت عليها "رويترز"، إلى إمكانية تشكيل "قوة طمأنة" مستقبلية تحظى بدعم الولايات المتحدة.
ومثل هذه القوة المتمركزة في أوكرانيا ستسعى إلى تقديم ضمانات أمنية وردع أي عدوان روسي مستقبلي، على الرغم من وجود مؤشرات قليلة في هذه المرحلة على أن الولايات المتحدة ستقدم دعمها.
في المقابل، اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، فرنسا وبريطانيا، الخميس، بالتخطيط لـ"تدخل عسكري في أوكرانيا" تحت ستار مهمة حفظ سلام، مضيفةً أن مثل هذا التدخل قد يؤدي إلى صدام عسكري مباشر بين روسيا وحلف الناتو.
وقال زيلينسكي، إنه يأمل في أن يكون هناك مزيد من الوضوح بشأن الدول التي ستلتزم في نهاية المطاف بمثل هذه القوة، مع إقراره بأن الأمر ليس سهلاً، وأنه في مرحلة مبكرة من العملية.
فيما جدد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني معارضة بلاده لأي قوة من هذا القبيل، وهو ما يبرز اختلاف وجهات النظر بين شركاء أوكرانيا.
محادثات ثنائية بالسعودية
وانعقد هذا الاجتماع بعد أن وافق زيلينسكي في وقت سابق من هذا الشهر على المضي قدماً في محادثات وقف إطلاق النار، لضمان استئناف المساعدات الأميركية وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي تولى منصبه في 20 يناير الماضي، إنه يريد التوسط لإنهاء الحرب بسرعة. إلا أن سلسلة من المحادثات الثنائية التي استضافتها السعودية بين الولايات المتحدة وطرفي الصراع، لم تُسفر حتى الآن عن تغييرات كبيرة في مسار الأعمال العدائية.
وأعلنت روسيا وأوكرانيا في 18 مارس، أنهما اتفقتا على وقف الهجمات على منشآت البنية التحتية للطاقة لكل منهما، لكن كلا الجانبين تبادلا الاتهامات بخرق هذه الهدنة المحدودة.