
قال مسؤولون أميركيون إن وزير الخارجية ماركو روبيو أمر الدبلوماسيين في الخارج بتدقيق محتوى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لبعض المتقدمين للحصول على تأشيرات الطلاب وأنواع أخرى من التأشيرات، في محاولة لمنع دخول من يُشتبه في "انتقادهم للولايات المتحدة وإسرائيل" إلى البلاد، وفق ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة إن روبيو وضع التعليمات الجديدة في برقية دبلوماسية طويلة أرسلها إلى البعثات الدبلوماسية في 25 مارس الماضي.
وجاء في البرقية أنه "بأثر فوري، بات يتعين على موظفي القنصليات إحالة بعض المتقدمين للحصول على تأشيرات الطلاب وتبادل الزوار إلى وحدة منع الاحتيال، لإجراء "فحص إلزامي لوسائل التواصل الاجتماعي"، وفقاً لمسؤولين أميركيين اطلعوا على البرقية.
وقالت "نيويورك تايمز"، إن وحدة منع الاحتيال في القسم القنصلي بالسفارات والقنصليات، تساعد عادة في فحص المتقدمين للحصول على تأشيرات.
ووصفت البرقية المعايير العامة التي يجب أن يستخدمها الدبلوماسيون لتقييم رفض التأشيرة، وأشارت إلى تصريحات أدلى بها روبيو في مقابلة مع شبكة CBS News في 16 مارس، وقال فيها: "لا نريد أشخاصاً في بلدنا قد يرتكبون جرائم، ويقوضون أمننا القومي أو السلامة العامة. الأمر بهذه البساطة، خاصة عندما يكونون هنا كضيوف، فالتأشيرة هي مجرد دعوة".
من الأشخاص الذين سيتم تدقيق حساباتهم؟
وتحدد البرقية نوع المتقدمين الذين يجب تدقيق منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وهم: أولئك الذين "يُشتبه في ارتباطهم بالإرهاب أو متعاطفين معه، أو من كانوا يحملون تأشيرة طالب أو زائر بين 7 أكتوبر 2023 و31 أغسطس 2024، أو من تم إنهاء تأشيراتهم منذ ذلك التاريخ".
وتشير التواريخ التي حددها روبيو في البرقية إلى أن أحد الأهداف الرئيسية لعمليات فحص وسائل التواصل الاجتماعي هو "رفض طلبات الطلاب الذين أعربوا عن تعاطفهم مع الفلسطينيين خلال الحرب".
كما تنص البرقية على أنه يمكن رفض التأشيرة للمتقدمين إذا أظهرت تصرفاتهم أو أفعالهم أنهم يحملون "موقفاً عدائياً تجاه المواطنين الأميركيين أو الثقافة الأميركية (بما في ذلك الحكومة أو المؤسسات أو المبادئ التأسيسية)".
وقالت "نيويورك تايمز"، إن هذه الصياغة قد تدفع بعض المواطنين الأجانب إلى "فرض رقابة ذاتية على أنفسهم، لتجنب تعريض فرصهم في الحصول على تأشيرة للخطر".
وذكرت أن مسؤولي القنصليات الأميركية قد يجدون صعوبة في تقييم تصريحات سابقة لمتقدمين ومنشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما إذا لم يكونوا على دراية بالسياق المناسب، لهذه المنشورات.
وقالت إن بعض المواطنين الأجانب الذين لديهم آراء معارضة لسياسات الولايات المتحدة قد يتجنبون التقدم بطلب للحصول على تأشيرة، وهو ما يُعد "نتيجة مرغوبة" حسبما أفاد به روبيو.
ما هي التأشيرات المستهدفة بهذه المراجعة؟
ونصت البرقية على أن التأشيرات المستهدفة للمراجعة الإضافية تشمل تأشيرات الطلاب والزوار من الفئات F وM وJ.
وتم الكشف عن تفاصيل البرقية لأول مرة من قبل موقع الأخبار المستقل The Handbasket.
حملة لترحيل الأجانب
وجاءت هذه الخطوة بعد 9 أسابيع من توقيع الرئيس دونالد ترمب أوامر تنفيذية لبدء حملة لترحيل بعض المواطنين الأجانب، بمن فيهم أولئك الذين قد تكون لديهم "مواقف عدائية" تجاه "المواطنين الأميركيين أو الثقافة الأميركية أو الحكومة أو المؤسسات أو المبادئ المؤسسة للدولة".
كما أصدر ترمب أمراً تنفيذياً لبدء حملة على ما أسماها بـ"معاداة السامية"، والتي تشمل ترحيل الطلاب الأجانب الذين شاركوا في احتجاجات داخل الجامعات ضد حرب إسرائيل على غزة.
وعندما طُلب تعليق من متحدث باسم وزارة الخارجية، قال إنها لا تناقش مداولاتها الداخلية. وأشار إلى أنه في عام 2019، عدّلت الوزارة نماذج طلب التأشيرة لتشمل طلب معلومات عن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي.
والثلاثاء، قال الرئيس السابق لكوستاريكا، أوسكار آرياس، للصحافيين إن الحكومة الأميركية أرسلت له بريداً إلكترونياً يفيد بتعليق تأشيرته التي كانت تتيح له دخول الولايات المتحدة.
وكان آرياس قد نشر قبل أسابيع، على وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً إن ترمب يتصرف "مثل إمبراطور روماني"، وآرياس، الحائز على جائزة نوبل للسلام، هو أبرز شخصية أجنبية يتم إلغاء تأشيرتها حتى الآن.
وبصفته عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، ضغط روبيو على وزارة الخارجية في إدارة الرئيس السابق جو بايدن، لإلغاء تأشيرات الطلاب الذين شاركوا في احتجاجات جامعية ضد الحرب على غزة، ومنذ توليه منصب وزير الخارجية، ألغى روبيو نحو 300 تأشيرة أو أكثر، العديد منها لطلاب، وفقاً لما ذكره الخميس الماضي، وقال إنه كان يوقع يومياً خطابات إلغاء التأشيرات.
وأضاف: "معياري هو: لو كنا نعلم هذه المعلومات عنهم قبل منحهم التأشيرة، هل كنا سنسمح لهم بالدخول؟"، وتابع: "إذا كان الجواب لا، فنقوم بإلغاء التأشيرة".
كل التقنيات المتاحة
وفي منتصف مارس، قال متحدث باسم وزارة الخارجية في بريد إلكتروني إن "جميع التقنيات المتاحة" تُستخدم لفحص المتقدمين للحصول على التأشيرة وحاملي التأشيرات. وكان ذلك رداً على سؤال من صحيفة "نيويورك تايمز" بشأن ما إذا كانت الوزارة تستخدم الذكاء الاصطناعي لفحص قواعد البيانات ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي للعثور على حاملي التأشيرات الذين تعتقد إدارة ترمب أن تأشيراتهم يجب أن تُلغى.
وبعد توقيع خطابات الإلغاء، يرسلها روبيو إلى وزارة الأمن الداخلي، وأرسلت الوزارة عملاء لاحتجاز بعض المواطنين الأجانب الذين أُلغيت تأشيراتهم، أو في بعض الحالات، ألغيت إقامتهم الدائمة المعروفة بـ"البطاقة الخضراء."
وفي أوائل مارس، أبلغ روبيو مسؤولي الأمن الداخلي أنه ألغى وضع الإقامة الدائمة للطالب الفلسطيني بجامعة كولومبيا محمود خليل (30 عاماً)، ويونسيو تشونج (21 عاماً)، وهي طالبة جامعية في كولومبيا من كوريا الجنوبية.
واستند روبيو إلى قانون الهجرة الذي يسمح له بالتوصية بترحيل أي شخص قد يشكل "عواقب خطيرة محتملة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة".
يُذكر أن خليل متزوج من مواطنة أميركية، فيما عاشت تشونج في الولايات المتحدة منذ أن كانت في السابعة من عمرها.
والأسبوع الماضي، اختطف عملاء فيدراليون، يرتدون ملابس سوداء، ويضع بعضهم أقنعة، الطالبة التركية رميساء أوزتورك، التي تدرس في جامعة "تافتس" من أحد شوارع مدينة سومرفيل، بولاية ماساتشوستس، وأخذوها إلى مركز احتجاز. وقال روبيو لاحقاً إنه ألغى تأشيرتها الدراسية.
كانت أوزتورك قد كتبت مقالاً في صحيفة طلابية العام الماضي، تدعو فيه لدعم الجامعات لحقوق الفلسطينيين وسحب استثمارات الجامعة في إسرائيل.
وقال روبيو الخميس الماضي، "آمل أن ننتهي من ذلك في مرحلة ما لأننا قد تخلصنا منهم جميعاً"، وأضاف: "لكننا نبحث يومياً عن هؤلاء المجانين الذين يدمرون كل شيء"، على حد وصفه.
وتابع: "أشجع كل دولة على فعل الشيء نفسه، لأنني أعتقد أنه من الجنون دعوة طلاب إلى بلدك ليأتوا إلى جامعاتك ويزعزعوا استقرارها".