
قالت مصادر مطلعة على "تسريبات سيجنال" التي ناقشت خططاً لتنفيذ ضربات أميركية على اليمن على هاتف مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، إنها تمت عن طريق الخطأ، بعدما حفظ هاتف والتز من طراز "آيفون" رقم الصحافي في مجلة "ذا أتلانتيك" جيفري جولدبرج، نتيجة سلسلة من الأحداث غير المتوقعة، بدأت نهاية العام الماضي، حسبما أوردت صحيفة "الجارديان".
وتواجه إدارة الرئيس دونالد ترمب أزمة سياسية تشير إليها وسائل الإعلام الأميركية مؤخراً باسم "سيجنال جيت"، والتي بدأت بعد أن نشر جولدبرج تقريراً عن إضافته بالخطأ إلى مجموعة تراسل على تطبيق سيجنال، على ما يبدو من قِبل والتز.
وأدرج والتز، صحافياً في محادثة جماعية على تطبيق "سيجنال"، وذلك بعد أن حفظ رقمه عن طريق الخطأ منذ أشهر على أنه يعود لشخص آخر كان يعتزم إضافته إلى المجموعة، إذ كان هذا الخطأ واحداً من عدة هفوات كشفها التحقيق الداخلي الذي أجراه البيت الأبيض، والذي أظهر سلسلة من الزلات المتراكمة بدأت خلال الحملة الانتخابية لعام 2024، ولم تُكتشف إلا عندما أنشأ والتز المحادثة الشهر الماضي.
وأضافت الصحيفة، أن ترمب فكّر لفترة وجيزة في إقالة والتز بسبب هذا الحادث، إلا أن غضبه الأكبر، لم يكن نابعاً من مناقشة عملية عسكرية عبر نظام غير سري مثل "سيجنال"، بل من كون والتز كان يحتفظ برقم هاتف جيفري جولدبرج، رئيس تحرير المجلة التي يبغضها ترمب بشدة.
لكن ترمب قرر في نهاية المطاف عدم إقالته، لأنه لم يُرد منح "ذا أتلانتيك" ووسائل الإعلام بشكل عام، متعة إسقاط أحد كبار أعضاء حكومته بعد أسابيع فقط من بدء ولايته الثانية، كما أن نتائج التحقيق الداخلي هدّأت من حدة الموقف بالنسبة له.
مراجعة جنائية
ورغم ذلك، أدت هذه التسريبات إلى إجراء "مراجعة جنائية" من قبل مكتب تكنولوجيا المعلومات في البيت الأبيض، الذي تبين له أن هاتف والتز حفظ رقم جولدبرج نتيجة سلسلة من الأحداث غير المتوقعة، بدأت عندما أرسل جولدبرج بريداً إلكترونياً إلى حملة ترمب في أكتوبر الماضي.
وقالت مصادر مطلعة على التحقيق الداخلي، إن جولدبرج بعث برسالة إلكترونية إلى الحملة تتعلق بتقرير ينتقد موقف ترمب من الجنود الجرحى في حادثة Abby Gate التي وقعت في أفغانستان العام 2021، ورداً على التقرير، استعانت الحملة بوالتز، الذي كان حينها ممثلها في ملف الأمن القومي.
وتعود حادثة Abbey Gate إلى هجوم انتحاري وقع عام 2021، وأودى بحياة 13 من أفراد الخدمة الأميركية وحوالي 170 مدنياً أفغانياً في مطار "حامد كرزاي الدولي".
وقد تم تمرير البريد الإلكتروني إلى الناطق باسم ترمب حينها، براين هيوز، الذي قام بنسخ محتوى الرسالة، بما في ذلك التوقيع الذي يحتوي على رقم هاتف جولدبرج، ولصقه في رسالة نصية أرسلها إلى والتز ليطلعه على مضمون التقرير المرتقب.
ولم يتواصل والتز مع جولدبرج، إلا أنه حفظ رقمه دون قصد على هاتفه، وذلك ضمن بيانات براين هيوز، الذي يشغل حالياً منصب الناطق باسم مجلس الأمن القومي.
وغداة نشر تقرير جولدبرج بشأن حادث أفغانستان، ظهر والتز على شبكة CNN مدافعاً عن ترمب، قائلاً: "لا تأخذوا كلامي على محمل الجد، بل استمعوا إلى عائلات الجنود الـ13 الذين قُتلوا عند بوابة آبي. بعضهم تحدث أمام جمهور من 30 ألف شخص، وأشادوا بكيفية مساعدته لهم على التعافي".
"خوارزمية آيفون"
وبحسب البيت الأبيض، فإن الرقم حُفظ عن طريق الخطأ خلال "تحديث اقتراح جهات الاتصال" الذي تقوم به هواتف آيفون، وهي خاصية تعمل عبر خوارزمية تضيف رقماً غير معروف إلى جهة اتصال موجودة، إذا اعتقدت أنهما مرتبطان ببعض، وفق "الجارديان".
ولم يُكتشف الخطأ إلا الشهر الماضي، حينما حاول والتز إضافة هيوز إلى المحادثة الجماعية على تطبيق "سيجنال"، فقام بدلاً من ذلك بإضافة رقم جولدبرج إلى سلسلة الرسائل التي بدأت في 13 مارس الماضي، تحت عنوان "مجموعة صغيرة معنية بالحوثيين"، والتي ناقش فيها عدد من كبار المسؤولين الأميركيين خططاً لضرب الحوثيين.
وقال والتز بعد الحادث مباشرة، إنه لم يلتق أو يتواصل مع جولدبرج إطلاقاً، كما لمح خلال ظهوره على شبكة Fox News، إلى أن رقم جولدبرج "تسلل" إلى هاتفه، في إشارة على ما يبدو إلى الطريقة التي حفظ بها هاتفه الرقم.
وعندما تم الاتصال بجولدبرج هاتفياً، السبت، قال: "لن أعلق على علاقتي مع مايك والتز، سوى بالقول إنني أعرفه وتحدثت معه"، في حين قال شخص مطلع على الأمر للصحيفة، إن ترمب أُبلغ بنتائج المراجعة الجنائية الأسبوع الماضي، بالتزامن مع قراره الإبقاء على والتز في منصبه، حيث قبل اعتذاره، ودافع عنه علناً في الأسابيع التي تلت انكشاف أمر المحادثة الجماعية.