لماذا غير ترمب رأيه فجأة وجمّد الرسوم الجمركية؟ السندات تجيب

الرئيس الأميركي: سوق السندات في وضع جيد الآن بعد أن شعر المستثمرون بالقلق

time reading iconدقائق القراءة - 7
شاشة تُظهر مؤشرات التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية (NYSE) في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة. 3 أبريل 2025 - REUTERS
شاشة تُظهر مؤشرات التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية (NYSE) في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة. 3 أبريل 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

في تحوّل مفاجئ، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، تعليق الرسوم الجمركية المتبادلة على عشرات الدول التي لم ترد بإجراءات انتقامية ضد الولايات المتحدة لمدة 90 يوماً، لتنفض أسواق الأسهم والسندات والسلع حول العالم غبار الخسائر العنيفة التي تكبدتها على وقْع تصاعد مخاوف التضخم والركود بسبب الحرب التجارية المتفاقمة.

اجتاحت الضغوط البيعية أسواق الأسهم وسندات الخزانة الأميركية خلال الأيام القليلة الماضية بعد فرْض ترمب الرسوم المتبادلة على معظم دول العالم، مع تفاقم مخاوف الركود وترسخ التضخم بفعل زيادة الأسعار على وقع الرسم الجمركية، ليهوي مؤشر "إس آند بي 500" مقترباً بقوة من عتبة السوق الهابطة.

كما ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين لفترة وجيزة متجاوزة 4%، مع تقليص المتداولين توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

وعقب قرار ترمب تعليق الرسوم الجمركية، وصف وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت هذه الخطوة كأنها "انتصار لترمب". وقال للصحافيين إن الرئيس الأميركي "خلق لنفسه أقصى نفوذ تفاوضي" في محادثاته مع الدول الأخرى.

وكشف بيسنت أنه سيتحدث إلى مسؤولين من فيتنام واليابان والهند وكوريا الجنوبية خلال الأيام المقبلة.

وأضاف: "نتوقع أن تأتي الدول بأفضل عرض ممكن لديها"، في إشارة إلى صفقات تجارية مرتقبة بين الولايات المتحدة وهذه الدول.

من جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي محمد العريان أن سوق السندات الحكومية كانت سبباً وراء اتجاه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تعليق الرسوم الجمركية على عشرات الدول حول العالم، بعد أن شهدت سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين أكبر ارتفاع يومي للعائد منذ 2009 ليصل إلى 4%، وهو ما قد يبرز في حد ذاته اختلالاً في السوق.

وكتب رئيس كلية "كوينز" في جامعة "كامبريدج" في منشور على منصة "إكس" عقب قرار ترمب تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً: "قبل ساعة تقريباً، كان هناك نقاش حول ما قد يقنع الإدارة الأميركية باللجوء إلى تعليق التعريفات الجمركية. هل سيكون الكونجرس، أو مستشاري الرئيس، أو قادة الأعمال، أو النظام القانوني، أو الأسواق، أو أي شيء آخر؟.. لكن، حصلنا على الإجابة اليوم: إنها سوق السندات الحكومية، وخاصةً مدى قربها من الخط الفاصل بين التقلبات الحادة في الأسعار واختلالات السوق".

وأشار إد يارديني، مؤسس شركة "يارديني ريسيرش"، في مذكرة للعملاء، إلى أن "مراقبي الأسهم والسندات يبعثون بإشارة تفيد بأن إدارة ترمب قد تكون تتلاعب بأمر حساس للغاية". و"هذا التصعيد قد يؤدي إلى زعزعة أسواق المال بقوة بفعل ضغط الحرب التجارية، ما يُدخل مؤشر "إس آند بي 500" (S&P500) في سوق هابطة بشكل مؤكد".

عوائد سندات الخزانة الأميركية تثير مخاوف وول ستريت

وتنامت مخاوف "وول ستريت" خلال الأيام القليلة الماضية منذ فرض دونالد ترمب رسوم جمركية متبادلة على عشرات الدول حول العالم جراء ارتفاع عوائد السندات الأميركية.

وتزايدت الشكوك حول سلامة الأصول الأميركية بسبب الحرب التجارية المتصاعدة التي يشنها ترمب أدى إلى تكثيف الضغوط البيعية في سندات الخزانة، الأربعاء، ليرتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين متجاوزاً 4%، مسجلاً أكبر ارتفاع يومي للعائد منذ 2009. كما ارتفع العائد على الأوراق المالية لأجل 30 عاماً إلى 5.02% لفترة وجيزة، وهو أعلى مستوى منذ 2023.

تجدر الإشارة إلى أن عائد سندات الخزانة لأجل عامين يُعد الأكثر تأثراً بأسعار فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي، لذا فإن ‏التحرك الحاد في عائد السندات قصيرة الأجل يعكس توقعات السوق بأن سعر الفائدة عند مستواه الحالي قد يدوم لفترة أطول، وهذا ما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي للتدخل عبر زيادة أسعار الفائدة، وليس خفضها.

كما تأثرت سندات الخزانة طويلة الأجل في الأيام الأخيرة، لتتراجع متأثرة بموجة البيع التي ضربت الأسواق، ليرتفع العائد على الأوراق المالية لأجل 30 عاماً بأكثر من 40 نقطة أساس حتى الآن هذا الأسبوع، وهو ما يتعارض مع دورها المعتاد كملاذ آمن.

استراتيجيو "دويتشه بنك" و"جيفريز" يرون أنه إذا استمرت مثل هذه التحرّكات في سوق السندات، فسوف يحتاج البنك المركزي إلى التدخل.

وإذا ما تَوجَّه الاحتياطي الفيدرالي لاستخدام أداة سعر الفائدة لمعالجة هذه الظاهرة، فسيتعرض لصدام مباشر مع الرئيس الأميركي الذي طالما طالب بخفض أسعار الفائدة.

وقال ترمب قبل أقل من أسبوع في منشور على منصات التواصل الاجتماعي: "هذا هو التوقيت المثالي لرئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول لخفض أسعار الفائدة"، وانتقد ترمب الاحتياطي الفيدرالي، ووصفه بأنه دائماً "متأخر" في قراراته.

ترمب: سوق السندات في حالة جيدة الآن

واليوم، وعقب تعليق الرسوم الجمركية على عشرات الدول، قال الرئيس الأميركي إن سوق السندات تعافت بشكل جيد، بعد أن شعر المستثمرون بالقلق بسبب الرسوم الجمركية، وأنها "في حالة جيدة الآن".

من جهته، قلل سكوت بيسنت من عمليات البيع في سندات الخزانة الأميركية، قائلاً إنه ليس هناك شيء منهجي في هذا الأمر.

وأوضح في تصريحات على شبكة FOX News، الأربعاء: "هناك حالة من التقلبات الناتجة عن تراكم الديون في الأسواق حالياً"، مضيفاً أن "سوق الدخل الثابت شهدت تكبد بعض كبار المستثمرين خسائر بسبب الديون المرتفعة، لذا فإنهم اضطروا إلى تخفيض هذه الديون".

وعقب قرار ترمب، الأربعاء، تعليق الرسوم، سجل مؤشر "إس آند بي 500" ارتفاعاً بنسبة 9.5%، هو الأكبر منذ انتعاشة السوق عقب الانهيار الذي أعقب جائحة فيروس كورونا، في حين قفز "ناسداك 100" بنسبة 12%، وسط حالة من الراحة سيطرت على الأسواق كما اكتست الأسهم باللون الأخضر.

هذا المحتوى من "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ".

تصنيفات

قصص قد تهمك