دعا خبراء أميركيون ممن لديهم رصيد من الخبرة في الشأن الأفغاني، إلى عدم المبالغة في "تقدير إمكانيات طالبان" معتبرين أن الفساد والانقسامات العرقية التي أصابت القوات الأفغانية، منحت الأفضلية للحركة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وأشار الخبراء إلى أن احتمالية سقوط الحكومة الأفغانية "ليست حتمية"، في حال بقاء قيادات الجيش الأفغاني بشكل جيد، وفق تقديراتهم التي تأتي عشية زيارة الرئيس الأفغاني أشرف غني إلى البيت الأبيض.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"، ذكرت الأربعاء، بأن مجتمع الاستخبارات الأميركي خلص الأسبوع الماضي، إلى أن حكومة أفغانستان قد تنهار في غضون 6 أشهر من "اكتمال الانسحاب العسكري الأميركي من البلاد".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مطلعين على التقييم الجديد من دون أن تكشف هوياتهم، أن أحدث تقديرات محللي الاستخبارات وكبار المسؤولين العسكريين الأميركيين، تفيد بأن حكومة أفغانستان وعاصمتها كابول، قد تسقط خلال 6-12 شهراً من مغادرة القوات الأميركية المقررة بحلول 11 سبتمبر المقبل.
وكانت حركة طالبان تمكنت من السيطرة على عشرات المراكز الإدارية الأفغانية، منذ بدء الانسحاب الأميركي الذي أعلن عنه الرئيس جو بايدن في أبريل الماضي، كما يثير هذا التقدم العسكري الذي أحرزته طالبان في أفغانستان، قلق المجتمع الدولي الذي يخشى أن تستعيد الحركة زمام السلطة في البلاد.
سقوط كابول
ويرى أندرو واتكينز، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، ومستشار الأمم المتحدة السابق في أفغانستان، أنه "من غير الممكن إنكار حجم وسرعة الخسائر التي مُنيت بها الحكومة الأفغانية"، لافتاً إلى "أن سقوط كابول ليس وشيكاً، إذ أن طالبان ليست أداة ساحقة لا يتعذر قهرها".
وأشار واتكينز إلى أن معظم المقاطعات التي سيطرت عليها طالبان، تقع في مناطق ريفية ذات قيمة استراتيجية ضئيلة، بالرغم من وجود بعضها على طرق رئيسية، أو حول مدن كبيرة فإنهم "لن يحاولوا بالضرورة الاستيلاء على هذه المدن في المستقبل القريب".
واعتبر كارتر مالكاسيان، المستشار السابق في البنتاغون، أن "فرص استيلاء طالبان على كابول في المدى القريب ضئيلة، لكن من الممكن أن يحدث ذلك خلال عام"، مضيفاً أنه "سيبدأ القلق على كابول، إذا سقطت مدن كبيرة، مثل قندهار أو مزار شريف".
تصعيد محتمل
وتوقع مبعوث باراك أوباما السابق لأفغانستان جيمس دوبينز، من مركز "راند" للدراسات، حدوث تصعيد فوري للأعمال القتالية، محذراً من أن السكان قد يصابون بالإحباط في حال وقعت المدن الكبرى بقبضة طالبان.
ولفت دوبينز إلى أن "طالبان تتمتع بمزايا معينة، خلافاً للحكومة المنقسمة، لكن هذه المزايا تخدمهم في الريف، حيث يوجد أنصارهم".
ومع التغير الذي طرأ على السكان الأفغان منذ التسعينيات، إذ أصبحوا أكثر تمدناً وأفضل تعليماً وأقل عزلة عن بقية العالم بفضل الهواتف المحمولة، وفق اعتقاد دوبينز، فإنه يعتبر حركة طالبان "ليس لديها الكثير من المؤيدين في المدن الكبيرة".
ويذكر دوبينز بأن "كابول أضحت الآن مدينة يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة، لم تعد كالسابق، عندما سيطرت طالبان عليها، وأعتقد أنهم سيجدون صعوبة في المحافظة عليها عند سقوطها".
تماسك الحكومة
وعلى صعيد تماسك الحكومة الأفغانية، اعتبر واتكينز، أن سقوط الحكومة يتوقف على قدرة الرئيس أشرف غني في السيطرة عليها، بالإضافة إلى تغلب الجيش الأفغاني على مشاكله المتمثلة في "الإحباط، والفساد، وسوء الإدارة".
وأضاف: "الجيش الأفغاني محق في التركيز على حماية المدن الكبرى، والطرق الرئيسية في البلاد"، محذراً غني من خسارة الحكومة بعض المناطق، التي سيكون لها تأثير سياسي في نهاية المطاف.
ورأى واتكينز أنه "يتعين على الجيش الأفغاني إظهار القوة والمرونة؛ كي تتخلى طالبان عن السعي إلى السيطرة على البلاد بالقوة"، لافتاً إلى أن "الفرصة الوحيدة للحكومة الأفغانية، هي إظهار مقاومة تتمتع بقوة كافية؛ لإعادة طالبان إلى طاولة المفاوضات".
ويرى مالكاسيان، المستشار السابق في البنتاغون، أن طالبان تفضل عدم خوض القتال من أجل كابول، موضحاً "ما يرغبون فيه هو انهيار الحكومة الأفغانية، ليتمكنوا من التقدم، وسد الفراغ الذي ستتركه، بدلاً من الاضطرار إلى القتال".