
يواجه الائتلاف الحكومي الجديد في ألمانيا خلافات حادة بشأن عدة ملفات اقتصادية وسياسية، وذلك قبل أسابيع من بدء مهامه رسمياً، وبعد أيام فقط من إعلان الاتفاق بين الكتلة المحافظة المتمثلة في الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) وحليفه الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري (CSU) مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD)، وفقاً لمجلة "بوليتيكو".
ورغم توقيع اتفاق الائتلاف قبل 6 أيام، تباينت تصريحات قادة الحزبين بشأن مدى التزامهم بالسياسات المتفق عليها، خصوصاً فيما يتعلق بتخفيض الضرائب على أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط، وهو ما وصفه المستشار الألماني المحتمل، فريدريش ميرتس الذي يقود الحزب الديمقراطي المسيحي، بأنه "مشروط بتوافر التمويل".
وأكد ميرتس في مقابلة مع القناة الألمانية الأولى ARD، أن "الائتلاف لن يقطع وعوداً لا يمكن تنفيذها".
في المقابل، شددت زعيمة الحزب الديمقراطي الاجتماعي ساسكيا إيسكن، على أن خفض الضرائب "اتفاق واضح ومثبت في عقد الائتلاف"، مشيرة إلى "ضرورة إرسال رسالة طمأنة للعمال والاقتصاد".
السياسة الخارجية
كما تعمّقت الخلافات بين الطرفين في ملف السياسية الخارجية، إذ أيد ميرتس تسليح أوكرانيا بصواريخ من طراز "تاوروس"، بينما أعرب وزير الدفاع والقيادي في الحزب الديمقراطي الاجتماعي بوريس بيستوريوس، عن معارضته لهذه الخطوة، مشككاً في إمكانية تحقيق توافق أوروبي حولها.
وداخلياً يواجه الحزب الديمقراطي الاجتماعي اعتراضات من جناحه الشبابي المتمثل في منظمة شباب الحزب الديمقراطي الاجتماعي Jusos ، الذي أعلن رفضه للاتفاق، بسبب ما وصفه بـ"الإجراءات الصارمة" المتعلقة بالهجرة، مطالباً بتحسينات جوهرية.
ورفضت قيادة الحزب دعوات إعادة التفاوض، إذ أكد رئيس الحزب لارس كلينجبايل أنه "لن تكون هناك جولة ثانية"، محذراً من أن فشل الاتفاق سيقود إلى انتخابات جديدة أو تشكيل حكومة أقلية.
ومن المقرر أن يصوت أعضاء الحزب الديمقراطي الاجتماعي، البالغ عددهم نحو 358 ألفاً، على اتفاق الائتلاف حتى 29 أبريل الجاري، وفي حال إقراره، يُتوقع أن يُنتخب ميرتس مستشاراً في تصويت برلماني يُعقد في 6 مايو المقبل.
باريس الوجهة الأولى
ويعتزم ميرتس، زيارة فرنسا في السابع من مايو المقبل، بعد توليه منصبه في 6 من الشهر ذاته، في محاولة لإعادة ضبط العلاقات التي توترت في عهد المستشار الحالي أولاف شولتز، بحسب ما أوردته مجلة "بوليتيكو".
وقال مسؤولان لـ"بوليتيكو"، إن اختيار السابع من مايو موعداً للزيارة إلى باريس، جاء لأنه في الثامن من الشهر ذاته، سيركز ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الاحتفالات الوطنية بالذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية.
وقال ميرتس في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية، إنه سيجري محادثات مع ماكرون وكذلك رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك، مضيفاً: "سأزور باريس، وسأسافر في زيارة سريعة إلى وارسو".
وبالإضافة إلى باريس ووارسو، قد تشمل جولة ميرتس الأوروبية زيارة إلى العاصمة الأوكرانية كييف في التاسع من مايو، وذلك في أعقاب الدعوة التي وجهها الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى زعماء الاتحاد الأوروبي.
ويأمل المسؤولون الفرنسيون في إعادة ضبط العلاقات مع ألمانيا في عهد ميرتس، إذ كانت العلاقة الشخصية بين ماكرون والمستشار المنتهية ولايته أولاف شولتز "سيئة"، وتوترت العلاقات بشكل أكبر بسبب الخلافات بشأن الطاقة وأوكرانيا والتجارة.
واشتعل خلاف بين ألمانيا وفرنسا بشأن خطة إعادة تسليح الاتحاد الأوروبي، وما إذا كان ينبغي أن تشمل دولاً خارج التكتل، وذلك بعد اقتراح تقدمت به المفوضية الأوروبية لضخ 150 مليار يورو (160 مليار دولار) في الصناعات الدفاعية، بعد تهديدات ترمب بإنهاء الحماية الأميركية.
وقال أحد كبار حلفاء ماكرون، إن الجانبين "يعملان بجد"، ويمكنهما تحقيق تقدم في الأسابيع المقبلة، بشأن الدفاع والتجارة وإدارة العلاقة عبر الأطلسي لأوروبا مع الرئيس الأميركي.
وتعهد ميرتس (69 عاماً) الذي سبق أن وصف الولايات المتحدة في عهد ترمب بأنها "حليف لا يمكن الاعتماد عليه"، بزيادة الإنفاق الدفاعي في وقت تواجه فيه أوروبا "التهديد الروسي"، وبدعم الشركات التي تعاني من ارتفاع التكاليف وضعف الطلب.
وبعد فوزه بالانتخابات، دفع ميرتس بإجراءات في البرلمان للسماح بإطلاق العنان لحملة اقتراض ضخمة لتمويل زيادة كبيرة في الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية ودعم الشركات الألمانية المتعثرة.