
قال مسؤولون أميركيون إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تهدد باتخاذ موقف متشدد مع الحكومة السورية الجديدة، ما لم تنفذ مطالب تشمل قمع من وصفتهم بـ"المتطرفين" وطرد فصائل فلسطينية مسلحة مقابل تخفيف محدود للعقوبات، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
وذكر عدد من المسؤولين الأميركيين المطلعين أن البيت الأبيض أصدر توجيهات سياسية في الأسابيع الأخيرة تدعو الحكومة السورية إلى اتخاذ خطوات تشمل أيضاً تأمين مخزون البلاد من الأسلحة الكيميائية، مضيفين أن الولايات المتحدة ستدرس في المقابل تجديد إعفاء محدود من العقوبات أصدرته إدارة الرئيس السابق جو بايدن بهدف تسريع تدفق المساعدات إلى البلاد.
واعتبرت الصحيفة أن هذه التوجيهات تعكس شكوكاً لدى مسؤولي الإدارة الأميركية تجاه الحكومة السورية التي يقودها الرئيس أحمد الشرع.
وعلقت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية على ذلك قائلة: "لا تعترف الولايات المتحدة حالياً بأي كيان كحكومة سورية"، داعية "السلطات السورية المؤقتة إلى نبذ الإرهاب وقمعه تماماً".
روسيا والمطالب الأميركية
ولا يوجد ذكر لروسيا في سياق الطلبات الأميركية، الأمر الذي اعتبرته الصحيفة الأميركية إشارة على تخفيف إدارة ترمب من الضغط الذي كانت تمارسه إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن لحث دمشق على التخلص من القواعد العسكرية للكرملين في سوريا، على الأقل في الوقت الحالي، حيث يتفاوض المسؤولون الأمريكيون مع موسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
ويشعر قادة جمهوريون بالقلق من سحب النفوذ الأميركي في سوريا بطريقة قد تسمح بفتح باب للانفتاح على روسيا والصين.
واتخذ كبار القادة العسكريين الأميركيين نهجاً أكثر براجماتية تجاه الوضع في سوريا وساعدوا في التوصل إلى اتفاق في مارس لضم قوة عسكرية قوية، يقودها الأكراد مدعومة من الولايات المتحدة، تحت قيادة الحكومة في دمشق.
بحسب المسؤولين الأميركيين، تتضمن التوجيهات السياسة الأخيرة طلبات مشابهة لتلك التي تم تقديمها للسوريين في عهد إدارة بايدن، بما في ذلك العمل مع المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية لحماية الأسلحة الكيميائية المتبقية في البلاد، وتأمين اليورانيوم عالي التخصيب وتعيين منسق للعمل على تحديد موقع 14 أميركياً مفقودين في سوريا. كما تطلب الإدارة الأميركية من الحكومة الجديدة في سوريا إصدار إعلان عام ضد الجماعات المتطرفة.
وفي طلب جديد، تريد الإدارة الأميركية من سوريا أن تمنع فصائل فلسطينية مسلحة من العمل في البلاد – بما في ذلك جمع الأموال هناك – وطرد أعضاء تلك الفصائل من البلاد.
وتتمركز فصائل فلسطينية منذ عقود في سوريا، التي تضم عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948.
وذكر المسؤولون أنه في حال اتخذت الإدارة السورية كل الخطوات المطلوبة، ستلتزم الولايات المتحدة علناً بوحدة أراضي سوريا، وستنظر في استئناف العلاقات الدبلوماسية، و"إزالة تصنيف الإرهاب عن أعضاء بالحكومة الجديدة".
نائبان جمهوريان إلى سوريا
يتوجه نائبان جمهوريان من مجلس النواب الأميركي إلى سوريا، حيث من المتوقع أن يلتقيا الرئيس السوري أحمد الشرع.
والزيارة، التي يقوم بها النائبان كوري ميلز (عن ولاية فلوريدا) ومارلين ستاتزمان (عن ولاية إنديانا)، ليست ممولة أو مدعومة من الحكومة الأميركية، بحسب ما نقل موقع punchbowl المتخصص في تغطية الكونجرس عن مصدرين.
وعادةً ما تقوم وزارتي الدفاع والخارجية الأميركية بتسهيل زيارات أعضاء الكونجرس إلى الخارج، لكن في هذه الحالة، لم يكن لأي منهما دور مباشر في التخطيط للرحلة.
سحب القوات الأميركية
جاء ذلك بالتزامن مع نقل صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤوليّن أميركيين كبيرين قولهم، الخميس، إن الولايات المتحدة بدأت سحب مئات الجنود من شمال شرق سوريا، وإغلاق 3 قواعد صغيرة بالمنطقة، وسط مخاوف من تبعات هذه الخطوة.
ووفقاً للمسؤولين، سيغلق الجيش الأميركي 3 قواعد صغيرة من أصل 8 في شمال شرق سوريا، وسيتم خفض عدد القوات من قرابة 2000 إلى 1400 جندي.
كما أشارا إلى أن القواعد التي سيتم إغلاقها تُعرف باسم "M.S.S. Green Village"، و "M.S.S. Euphrates"، بالإضافة إلى منشأة ثالثة أصغر.
وأوضح المسؤولان أنه بعد مرور 60 يوماً، سيُجري القادة العسكريون تقييماً لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لمزيد من عمليات سحب الجنود. وذكر أحد المسؤولين، أن "القادة أوصوا بإبقاء 500 جندي أميركي على الأقل في سوريا".
ولفت المسؤولان، اللَّذانِ طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إلى أن عمليات سحب الجنود التي بدأت، الخميس، وافقت عليها وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" والقيادة المركزية، وذلك بعد توصيات القادة الميدانيين بإغلاق ودمج القواعد.
وأفادا بأن "القواعد الأميركية، التي تضم جنوداً وقوات خاصة، ستواصل العمل بأعداد أقل، من أجل تقديم المساعدة في مكافحة الإرهاب لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والمساعدة في إدارة العديد من معسكرات الاعتقال".
ويقول "البنتاجون" إن المهمة العسكرية الأميركية الرئيسية في سوريا تتمثل في إضعاف تنظيم"داعش" ودعم الشركاء المحليين العاملين هناك، بما في ذلك "قسد"، وهي تحالف بقيادة الأكراد، لضمان عدم تمكن التنظيم من إعادة بناء ملاذ آمن.
ووقعت قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على ما يقرب من ربع الأراضي السورية، الشهر الماضي، اتفاقاً مع دمشق بشأن دمج الهيئات الحاكمة وقوات الأمن التي يقودها الأكراد في الحكومة المركزية.