
حصل ممثلو إدارة الكفاءة الحكومية (DOGE)، التي يرأسها الملياردير إيلون ماسك، على إذن بالوصول إلى نظام شديد الحساسية تابع لوزارة العدل الأميركية، يحتوي على معلومات تشمل عناوين وسجلات قضايا ملايين المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، وفقاً لوثائق حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست".
ويُستخدم "نظام المحاكم والاستئناف التابع للمكتب التنفيذي لمراجعة الهجرة" (ECAS) لتخزين سجلات المهاجرين الذين تعاملوا مع نظام الهجرة الأميركي، إذ يوفر أسمائهم وعناوينهم وشهاداتهم السابقة في محاكم الهجرة وأي سجل لتعاملهم مع جهات إنفاذ القانون، بالإضافة إلى معلومات أخرى.
وينص موقع وزارة العدل الإلكتروني على أن "ECAS يدعم جميع مراحل القضايا المتعلقة بالهجرة" من خلال حفظ "جميع السجلات والوثائق المتعلقة بالقضية إلكترونياً".
"المستشارون"
ووفقاً للوثائق التي اطلعت عليها صحيفة "واشنطن بوست"، حصل فريق من حوالي ستة مستشارين من وزارة الكفاءة الحكومية، يعملون من مقر وزارة العدل، على موافقة كبار المسؤولين في الوكالة، الجمعة، للوصول إلى نظام ECAS.
وتلقى موظفو وزارة العدل تعليمات بالبدء في إعداد حسابات ECAS لفريق إدارة الكفاءة الحكومية التي يشرف عليها المليادير إيلون ماسك، وفقاً للوثائق، بمن فيهم آدم هوفمان، الموظف السابق في صندوق التحوط، بالإضافة إلى بايتون ريلينج وجون كوفال، وكلاهما يعمل في شركة أسهم خاصة مرتبطة بماسك.
ويضم الفريق أيضاً ماركو إليز، الذي استقال من الحكومة في فبراير بعد أن ربطته صحيفة "وول ستريت جورنال" بحساب على وسائل التواصل الاجتماعي نشر منشورات عنصرية، وأُعيد تعيينه فيما بعدما قلل ماسك من أهمية المنشورات.
ويُعد السعي للوصول إلى نظام وزارة العدل أحدث محاولة من جانب إدارة ترمب للتدقيق بشكل أعمق في كميات هائلة من البيانات الفيدرالية لتعزيز مساعي ترمب لترحيل المهاجرين.
إجراءات متعددة
وطلب مسؤولون من إدارة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، يعملون ضمن فريق إدارة الكفاءة الحكومية، الأسبوع الماضي، استخدام قاعدة بيانات حساسة لبرنامج الرعاية الطبية (Medicare)، تتضمن معلومات صحية شخصية وعناوين لمساعدة إدارة الهجرة والجمارك في تحديد أماكن الأشخاص الذين تعتقد الإدارة أنهم يتواجدون بصفة غير قانونية في البلاد.
وتقول "واشنطن بوست" إنه بناءً على طلب إدارة الكفاءة الحكومية، أدرجت إدارة الضمان الاجتماعي أكثر من 6000 مهاجر على قيد الحياة في قائمة الموتى في محاولة لإجبارهم على ترحيل أنفسهم، متجاهلة بذلك اعتراضات الموظفين.
وفي مصلحة الضرائب الأميركية، وافق المسؤولون هذا الشهر على مشاركة البيانات مع وزارة الأمن الداخلي، مشيرين إلى أن إدارة ترمب قد ترغب في استخدام المعلومات الضريبية للعثور على ما يصل إلى 7 ملايين شخص يُشتبه في وجودهم في البلاد بشكل غير قانوني.
وفي وزارة الإسكان والتنمية الحضرية، يسعى موظفو وزارة الكفاءة الحكومية إلى تحديد أماكن وطرد الأسر ذات الوضع المختلط، متعهدين بضمان عدم استفادة المهاجرين غير المسجلين من برامج الإسكان العام حتى لو كانوا يعيشون مع أشخاص يحملون الجنسية الأميركية، بحسب الصحيفة.
مخاوف بشأن الخصوصية
وأثارت أساليب فريق DOGE قلق الخبراء القانونيين ومراقبي الخصوصية، بالإضافة إلى موظفي الحكومة الفيدرالية، الذين أشاروا إلى أن البيانات التي يُحللها DOGE عادةً ما تكون متاحة لعدد قليل فقط من الموظفين المدربين تدريباً عالياً على كيفية استخدام الأنظمة.
وقالت كبيرة المحامين في المركز الوطني لقانون الهجرة لين داميانو بيرسون، لصحيفة "واشنطن بوست"، إن سعي DOGE للحصول على معلومات سرية يُهدد خصوصية المواطنين وغير المواطنين على حد سواء.
أضافت أن هذا ينطبق بشكل خاص على معلومات ECAS السرية المتعلقة بإجراءات المحكمة، والتي عادةً ما تكون متاحة فقط للمهاجرين أو ممثليهم القانونيين.
وتابعت بيرسون: "هذا يُشبه ما نراه مع الضمان الاجتماعي، ومع مصلحة الضرائب الأميركية، مع بيانات تمت مشاركتها في ظل توقعات بأن الخصوصية ستُحترم".
واعتبرت أن استخدام نظام ECAS لأغراض أخرى ستكون له "آثار مقلقة للغاية على المهاجرين، حتى أولئك الذين حاولوا الامتثال لسياسات الحكومة والقيام بكل شيء على أكمل وجه، إن جاز التعبير".
بيانات تعود للتسعينيات
وصرح مسؤول حكومي مطلع على النظام، لـ"واشنطن بوست" شريطة عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام لأنه غير مخول له بمناقشة الوضع، بأن نظام ECAS يحتفظ بسجلات لملايين المهاجرين الذين يعود تاريخهم إلى تسعينيات القرن الماضي على الأقل.
وقال المسؤول إن النظام واسع وشامل، و"يحتوي على مجموعة من المعلومات، بما في ذلك أسماء المهاجرين وأسماء محاميهم وأفراد عائلاتهم وعناوينهم، كما يتضمن سجلات لأي تفاعلات أجراها المهاجرون مع جهات إنفاذ القانون أو وكالة المركبات الآلية في ولايتهم".
عادةً، يكون المحامون والمحققون هم الأشخاص الوحيدون القادرون على الوصول إلى النظام، على الرغم من أن عدداً قليلاً من موظفي وزارة الأمن الداخلي، بمن فيهم موظفو الجمارك وحماية الحدود ودائرة الهجرة والجمارك، يتمكنون أحياناً من الوصول إليه، على سبيل المثال للتعامل مع طعون محاكم الهجرة، وفقاً للمسؤول.
وأضاف المسؤول: "إنه سجل لجميع تفاعلات المهاجرين مع الحكومة الأميركية بأي شكل من الأشكال".