تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "معضلة" تتعلق بإجلاء عشرات الآلاف من الأفغان الذين ساعدوا الجهود العسكرية الأميركية في أفغانستان، لا سيما مع تسارع وتيرة انسحاب القوات الأميركية من البلاد، حسب موقع "ذا هيل".
وأشار الموقع الأميركي إلى أنه منذ أن أعلنت إدارة بايدن عن خططها للانسحاب من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر المقبل، واجهت مطالبات لتسريع معالجة طلبات 18 ألف أفغاني، تقدموا بالفعل بطلب للحصول على تأشيرة خاصة إلى جانب 53 ألف فرد آخر من أسرهم، يسعون لمرافقتهم إلى الولايات المتحدة.
وأعلن البيت الأبيض الخميس، أنه سيجلي المترجمين والسائقين السابقين مع أسرهم إلى دول ثالثة، لحمايتهم من الخطر في أفغانستان أثناء استكمال ما يمكن أن يستغرق سنوات من مراجعة طلبات ما يسمى "تأشيرات الهجرة الخاصة".
لكن حتى أولئك الذين دفعوا الإدارة إلى تنفيذ هذا الإجلاء الواسع النطاق، يقولون إن المسؤولين كانوا يفتقرون إلى التفاصيل بشأن متى وأين وكيف سيتم ذلك.
في هذا السياق قال مايكل ماكول، العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب (جمهوري من تكساس) في بيان للموقع: "هناك العديد من الأسئلة المعلقة، بما في ذلك المتقدمون الذين سيتم منحهم الأولوية للإخلاء، وكيف سنخرجهم من البلاد، وإلى أين سنرسلهم، وكم سيكلف ذلك، ومن أين ستأتي الأموال، على سبيل المثال لا الحصر".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، الجمعة، إنه سيتم نقل مجموعة من المتقدمين بالطلبات قبل اكتمال الانسحاب رسمياً في سبتمبر؛ لكنها رفضت تقديم تفاصيل محددة مثل المكان الذي سيرسلون إليه أو عدد الأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم مبررة ذلك بأسباب أمنية.
لكن إلحاح هذه الدعوات تصاعد، إذ يبدو من المرجح أن ينهي الجيش انسحابه إلى حد كبير في يوليو، ووسط تقارير استخباراتية أميركية تفيد بأن الحكومة الأفغانية الحالية ستسقط في يد طالبان في أقل من ستة أشهر بمجرد مغادرة أميركا.
وما يزيد الأمر تعقيداً، بحسب "ذا هيل"، أن أفغانستان تمر بموجة مدمرة من إصابات كورونا، دفعت السفارة الأميركية في كابول إلى إغلاق أبوابها، وتعليق معالجة التأشيرات.
ويشعر الخبراء بالقلق من أن قلة الوجود العسكري قد تعرقل الإجلاء، خصوصاً إذا ألغى الانسحاب خيار نقل الأفغان على متن طائرات عسكرية.
ويمكن أن تستغرق عملية تقديم الطلبات المكونة من 14 نقطة ما يصل إلى 800 يوم للمعالجة بحسب موقع "ذا هيل".
خيار "غوام"
من جانبه، قال سونيل فارغيز، مدير السياسات في مشروع المساعدة الدولية للاجئين: "ثمة تساؤلات كبيرة بشأن ما يحدث لشخص تم إجلاؤه، ثم علِق في هذه العملية التي تستمر لسنوات، وماذا يحدث إذا تم رفضه عن طريق الخطأ أو أُجبر على إعادة تقديم الطلب".
وأضاف: "إذا كانوا في الأراضي الأميركية، فسيكون بإمكانهم الوصول إلى الحماية الإنسانية من خلال محكمة الهجرة أو أي جهة أخرى حيث توجد مسارات حماية أخرى. لا نعرف كيف سيبدو ذلك إذا تم نقلهم إلى بلد ثالث".
وتتعرّض الإدارة الأميركية لضغوط لإرسال الأفغان الذين يجري إجلاؤهم إلى منطقة أميركية مثل جزيرة "غوام" غرب المحيط الهادئ التي تضم قاعدة بحرية وجوية، خوفاً من أن يقضوا سنوات في طي النسيان في بلد ثالث، بينما تجري معالجة طلباتهم.
واقترح مشرعون من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي ما يسمى بـ"خيار غوام"، وفقاً للموقع الأميركي.
و"غوام" لديها تاريخ في قبول الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، حيث استقبلت 130 ألف فيتنامي في عام 1975، و6 آلاف و600 عراقي عام 1996.
"واجب أخلاقي"
على صعيد آخر، أكد ضباط عسكريون أميركيون، أن القوات الأميركية لديها القدرة على إجلاء الأفغان إذا أُمرت بذلك.
وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي للمشرعين هذا الأسبوع: "نحن مستعدون لتنفيذ كل ما نوجهه إلينا"، وأنه يعتبر مساعدة الحلفاء الأفغان "واجباً أخلاقياً".
لكن وزارة الدفاع (بنتاغون)، لم يكن لديها تفاصيل كثيرة عن الإجلاء، وأشارت إلى أن الأصول العسكرية الأميركية قد لا يتم استخدامها في النهاية.
وقال المتحدث باسم بنتاغون، جون كيربي: "ليست كل عمليات الإجلاء هذه تتطلب قيام طائرات عسكرية".
ولم يكن لدى كيربي أيضاً إجابات عن عدد الأفغان الذين سيتم نقلهم، وإلى أين سيذهبون، أو تقديرات التكلفة، أو الجدول الزمني، أو ما إذا كان البنتاغون سيوفر الإمدادات مثل الطعام والماء لرعاية الأشخاص الذين تم إجلاؤهم.
تدهور الأوضاع
من ناحية أخرى، يخشى خبراء من أن تدهور الأوضاع المحتمل في جميع أنحاء البلاد، سيصبح أكثر خطورة على الأشخاص الذين يتم إجلاؤهم دون وجود عسكري أميركي.
وقال فارغيز: "الوضع الأمني في أفغانستان يتدهور بسرعة. والتقارير الواردة من البلاد تفيد بأن طالبان تسيطر على مساحات شاسعة من البلاد، وخاصة في الشمال، وتمنع طرق الهروب".
من جانبه، دعا السناتور أنغوس كينغ (وهو مستقل من ولاية مين) إلى زيادة في معالجة التأشيرات خلال الأيام التسعين الباقية للولايات المتحدة في أفغانستان.
وأضاف كينغ: "إذا غادرنا دون توفير الحماية لهؤلاء الأشخاص، وتزويدهم بطريقة للحفاظ على حياتهم، فسيكون ذلك وصمة عار على هذا البلد ستستمر لأجيال".
وقرر بايدن في أبريل الماضي سحب جميع القوات الأميركية قبل 11 سبتمبر، ومنذ ذلك الحين ارتفعت وتيرة القتال بين القوات الأفغانية التي تدعمها الولايات المتحدة وطالبان.
ووفقاً لتقديرات وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، تسيطر طالبان الآن على 81 من 419 منطقة رئيسية.
واستكمل الجيش الأميركي أكثر من نصف عملية انسحابه من أفغانستان، ومن المقرر اكتمالها في فترة تقاس بالأسابيع. ويقول مسؤولون إن ما بين 600 و700 جندي سيبقون على الأرجح للمساعدة في تأمين الدبلوماسيين.