بعد ترشيح ترمب.. ماذا نعرف عن جائزة نوبل للسلام؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
مركز جائزة نوبل للسلام في العاصمة النرويجية أوسلو - REUTERS
مركز جائزة نوبل للسلام في العاصمة النرويجية أوسلو - REUTERS
دبي- الشرق

بدت قناة "فوكس نيوز" متحمسة للغاية، صباح الأربعاء، وهي تعلن أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرشح لجائزة نوبل للسلام.

وأضافت القناة المقربة من البيت الأبيض أن الترشيح قدم عبر نائب في البرلمان النرويجي تقديراً لدور الرئيس الأميركي في اتفاق السلام بين إسرائيل والإمارات، ولكنها أغفلت الحديث عن خلفيات البرلماني النرويجي وسخرية ترمب سابقاً من الجائزة وكذلك حظوظه في الظفر بها.

تاريخ الجائزة 

بدأ منح جائزة نوبل للسلام عام 1901، بناءً على وصية المهندس السويدي ألفريد نوبل الذي رحل عام 1896 تاركاً خلفه أكثر من 350 براءة اختراع، وليس واضحاً لماذا اختار نوبل إنشاء جائزة للسلام، إضافة إلى فئات أخرى علمية وثقافية، ولكن هناك اعتقاداً سائداً مفاده أن الرجل أراد تعويض العالم عن القوة المدمرة التي ظهرت بعد اختراعه للديناميت.

حين وقّع وصيته الأخيرة عام 1895، أعلن نوبل أن اللجنة التي تمنح جائزة السلام يجب أن تتألف من 5 أشخاص تُنتخب من قبل البرلمان النرويجي، بينما تتركز بقية الجوائز بيد مؤسسات سويدية هي أكاديمية العلوم السويدية، ومعهد كارولينسكا في ستوكهولم، والأكاديمية السويدية في ستوكهولم.

يذكر أن قيمة جائزة نوبل للسلام تبلغ قرابة المليون دولار، يتم تسلمها سنوياً خلال حفل يقام في أوسلو عاصمة النرويج، بالتزامن مع احتفالية أخرى لتوزيع باقي فئات الجائزة في العاصمة السويدية ستوكهولم. 

آلية الترشيح

يخضع الترشيح لجائزة نوبل للسلام إلى قواعد صارمة، ووفقاً للنظام الأساسي لمؤسسة نوبل، فإنه لا يتم النظر في الطلبات الشخصية، بل إن هناك أشخاصاً مؤهلين لتقديم الترشيحات وينتمون إلى فئات محددة: رؤساء الدول، وعمداء الجامعات، وأساتذة العلوم السياسية والاجتماعية والتاريخ والفلسفة والقانون واللاهوت، وقادة معاهد أبحاث السلام ومعاهد الشؤون الخارجية.

ومن ضمن مقدمي الترشيحات أعضاء الجمعيات الوطنية والحكومات والمحاكم الدولية، والفائزون السابقون بجائزة نوبل للسلام، وأعضاء مجالس إدارة المنظمات والمؤسسات الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، والأعضاء الحاليون والسابقون في لجنة نوبل النرويجية، والمستشارون السابقون في معهد نوبل النرويجي.

وبحسب ما ذكرت الجائزة على موقعها الرسمي، وصلت أعداد الترشيحات في العام الجاري لجائزة نوبل للسلام إلى 318 مرشحاً، منهم 211 فرداً و107 منظمات.

نوبل "السلام"

تستقبل لجنة نوبل النرويجية الترشيحات لجائزة "السلام" من جميع أنحاء العالم، إذ يمكن لأي شخص يستوفي المعايير اقتراح أحد الأسماء، مع توضيح أسباب اعتباره المرشح جديراً بالجائزة.

وتبدأ اللجنة في سبتمبر من كل عام بتلقي طلبات الترشيح، وفي فبراير يُغلق باب الترشح. في أكتوبر، يتم اختيار اللجنة للفائزين بالجائزة من خلال تصويت أغلبية الأعضاء، وعادة ما يكون القرار نهائياً وغير قابل للاستئناف، وبعد ذلك يُعلن عن الفائزين بشكل رسمي.

وبحسب شروط الجائزة، لا يجوز الكشف عن أسماء المرشحين لجائزة نوبل للسلام حتى انقضاء 50 عاماً على الترشيح.

مناهض للهجرة

جاء ترشيح الرئيس الأميركي من قبل البرلماني النرويجي، كريستيان تيبرينغ غيدي، وهو نفسه كان قد رشح ترمب عام 2018. وبحسب موقع "ديلي بيست"، يعتبر هذا الشخص من أشهر مناهضي الهجرة في الاتحاد الأوروبي.

ويضيف الموقع الأميركي أن "غيدي" معروف بمواقفه المثيرة للجدل، لاسيما معاداته للهجرة. تعرض عام 2011  لانتقادات شديدة عندما قال إن المسلمين بطبيعتهم "أكثر عدوانية من النرويجيين"، كما تناول الحجاب الإسلامي في مقارنات وصُفت بغير اللائقة.

ترشيح سابق

وليست هذه المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن ترشيح ترمب لجائزة نوبل للسلام، ففي عام 2018 قدم النائب النرويجي كريستيان تيبرينغ غيدي رسالة إلى لجنة نوبل بشأن ترشيح ترمب للجائزة، وذلك عقب القمة التاريخية التي جمعت ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.

آنذاك، أثار ترشيح ترمب ضجة في الولايات المتحدة وانبرى الكثير من الشخصيات السياسية ووسائل الإعلام لانتقاد الأمر، حتى إن المرشحة السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون هاجمت "هذه الأنباء المشينة فيما لو كانت حقيقية". 

وكان ترمب قد صرح في ذلك العام أن رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، هو من رشحه لجائزة نوبل للسلام، لكن آبي امتنع عن التعليق على الموضوع، فيما أفادت تقارير صحافية يابانية أن ترمب هو الذي طلب من آبي ترشيحه للجائزة.

وقالت لجنة جائزة نوبل "النرويجية" في ذلك الوقت إن ترشيح ترمب قد يكون مختلقاً، حيث فتحت تحقيقاً في الأمر، وفق ما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

فائزون عرب

منذ إطلاق جوائز نوبل للسلام عام 1900، لم تتعدَّ الشخصيات العربية الفائزة بها أصابع اليدين، وتضمنت 3 أسماء في فئة "السلام" ارتبط اثنان منها بالصراع العربي الإسرائيلي.

ويعتبر الرئيس المصري الراحل أنور السادات أول عربي يفوز بجائزة نوبل للسلام في عام 1979، حيث حصليها مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن، إثر توقيع معاهدة كامب ديفيد بين البلدين.

وفي عام 1994 مُنحت جائزة نوبل للسلام إلى رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، ومعه رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ووزير الخارجية شمعون بيريز، وذلك على خلفية توقيع اتفاق أوسلو للسلام بعد مفاوضات طويلة برعاية أميركية.

وشكّلت الناشطة اليمنية توكل كرمان الاستثناء الوحيد في علاقة العرب بجائزة نوبل للسلام، إذ حازتها عام 2011 مع سيدتين غير عربيتين، ويذكر موقع الجائزة أن اختيار النساء الثلاث يعود لنضالهن في مجال الدفاع عن حقوق المرأة.

ترمب ونوبل

لطالما سخر الرئيس الأميركي دونالد ترمب من جائزة نوبل للسلام وطريقة اختيار الفائزين بها، وكشف في إحدى المرات عن انزعاجه من منح الجائزة للرئيس الأسبق باراك أوباما، واعتبر أنه يستحق الفوز بجائزة نوبل للسلام أكثر من سلفه، وقال خلال حديث مع الصحافيين في البيت الأبيض إن الجميع يعتقدون أنه (ترمب) يستحق الجائزة، ولكنه نفى في الوقت نفسه اهتمامه بالأمر.

وفي تغريدة  أخرى عبر تويتر في أبريل الماضي، تساءل ترمب: "هل تنفع السخرية على الإطلاق مع جائزة نوبل؟" وتابع بطريقة لا تخلو من التهكم: "ما معنى جائزة نوبل؟ هل تقوم على اختيار أشخاص يمتلكون صفات جيدة أو مبادئ أخلاقية عالية؟"

لماذا النرويج؟

لم يكن واضحاً على وجه الدقة سبب رغبة ألفريد نوبل في منح جائزة السلام في النرويج، وهو ما طلبه بالفعل في وصيته الشهيرة، غير أن السكرتير السابق للجنة ومدير معهد نوبل، غير لوندستاد، حاول البحث عن أكثر الدوافع ترجيحاً، إذ يقول "من المرجح أن نوبل الذي عاش معظم حياته في الخارج قد يكون متأثراً بحقيقة أن النرويج كانت في اتحاد مع السويد حتى عام 1905"، ويضيف "ربما كان نوبل على دراية بالاهتمام الكبير من قبل البرلمان النرويجي بمجال حل النزاعات الدولية سلمياً، خاصة في تسعينات القرن التاسع عشر".

من غير المستبعد، كما يشير لوندستاد، أن نوبل كان يرى النرويج بلداً أكثر توجهاً نحو السلام وأكثر ديمقراطية من السويد. وثمة عامل آخر قد يفسّر الأمر، ويتمثل بإعجاب نوبل الشديد بالأدب النرويجي، لا سيما روايات بيورنستيارنه بيورنسون الذي كان ناشط سلام معروفاً في تلك الفترة، إضافة إلى كونه أول الفائزين بجائزة نوبل للآداب عام 1903. ويختم مدير معهد نوبل تحليله قائلاً: "قد تكون الدوافع مزيجاً من كل هذه العوامل".